15-06-2013 10:13 AM
بقلم : د. مراد الكلالدة
الإنسان، هذا الكائن البشري الذي إستطاع أن يُخضع جميع المخلوقات تحت سيطرته وبات قريباً من يُحدّد مسار التطور في كثير من الأمور الكونية من خلال المعرفة والإكتشافات العلمية، ما زال حائراً في التعامل مع أبناء جنسه من البشر، وهل يعود السبب في الإختلاف بين الناس إلى المرجعيات الفكرية كما كنا نعتقد أو إلى المصالح الذاتية الضيقة.
لقد شهدت المجتمهات البشرية صراعات مختلفة وصلت لحد الإقتتال وتصفية الآخر في الصراع على المأكل والمشرب والأرض والسطوة والجآه بحيث أصبح التعايش بين الناس لا يستقيم إلا بالخلاص الجسدي من الآخر. فهل ما نعيشه نحن في الشرق الأوسط يندرج في إطار التحولات المجتمعية الطبيعية كتلك التي نقلت المجتمع اليوناني قبل الميلاد من العبودية إلى الإقطاع أو كالثورة الفرنسية التي اندلعت عام 1789 وامتدت حتى 1799 حيث إنهار خلالها النظام الملكي المُطلق الذي كان قد حكم فرنسا لعدة قرون في غضون ثلاث سنوات، وخضع المجتمع الفرنسي لعملية تحوّل مع إلغاء الامتيازات الإقطاعية والأرستقراطية والدينية وبروز الجماعات السياسيّة اليساريّة الراديكالية إلى جانب بروز دور عموم الجماهير وفلاحّي الريف في تحديد مصير المجتمع.
نظرة واحدة على صفحات الفيسبوك أصبحت كافية لمعرفة مدى الشرخ الذي نعاني نحن منه، فما عادت المرجعية لليساري المسيحي هي معاداة سلطة رأس المال فأصبح يدعم تحالف (شفيق) الرأسمالي في مصر نكاية بطائفة دينية بعينها. كما صرنا نلاحظ مناهضة الإسلاميين لعدو إسرائيل الأول الشيخ نصر الله بحجة الفوارق بين الطائفتين السنية والشيعية. ولم يعد غريبا أن نقرأ تهاني المؤيدين من العرب لقصف إسرائيل لدمشق بحجة الخلاص من بشار الأسد. وبدأت تطفو على السطح رغبات مكبوتة لدى الكثيرين بالتوطين في الأردن وتفريغ الأرض من الفلسطينيين تحت مسميات المُواطنة والحقوق المنقوصة، أمور ما كان ليجرء أن يبوح بها إبن امرأة تراهم يجاهرون بها الآن لتبرير إنهزامهم وإستسلامهم لرغد العيش بعيداً عن المحتل الغاصب، وكما يقولون: العمر قصير وها هي فلسطسين راحت وسايكس بيكو هي المسؤولة عن ضياع فلسطين فدعونا نعيش ما تبقى لنا من العمر بسلام الشجعان.
كنت أظن أن ما يجمع الناس هي المرجعيات الفكرية حيث فاز إبن الكرك د. يعقوب زيادين في العام 1956 بالمقعد النيابي عن القدس ويفوز الفلسطيني فايق وراد إبن قرية بيتين قضاء رام الله بالمقد الأردني في مجلس النواب. نعم سيداتي سادتي، الأصل أن لا يكون اللون أو العرق أو الدين هو الفاصل بيننا، لأن النضال الطبقي هو الذي يجب أن يوحد الناس وأن الإنسياق خلف أي من العصبويات الفرعية هو الهلاك بعينه لأنه يحيد بالبوصلة عن الإتجاه المطلوب لتطور المجتمع. فما الذي يُفيد اليساري إن غُلبت جماعة مرسي في مصر حيث ستعود به العجلة التاريخية الى مواقع متأخرة في سلم الصراع الطبقي، وما الذي يفيد الإخواني عند محاربة شقيقه من حزب الله غير الفرقة وتشتيت صف المسلمين، وما الذي يفيد الفلسطيني عندما ينجر خلف دعوات عوض الله في التوطين غير خسارة أرض الأجداد ومهوى قلوب العرب جميعاً. الجواب يا أصدقائي هو أن نسأل أنفسنا عند الكتابة على حوائط الفيسبوك أو التويتر (أين ما اكتب من موقعي في ظل الصراع الطبقي) وليس أين ما كتبت من عصبويتي كمسيحي أو مسلم أو أردني أو حامل أي جنسية أخرى، فيا عزيزي لا تخسر صديقك في النضال الطبقي لصالح عصبيات طائفية وعرقية أثبت التاريخ بأنها إلى زوال. وفي الختام أقول بأن عوض الله، والله لا يعوض عليه ولا على جماعته، ربما يستطيعون تسمين بعض الخراف في الوطن البديل ليصبحوا جاهزين للذبح الاقتصادي فيما بعد، ولكنهم لن يستطيعوا تغيير الحتمية التاريخية والقاضية بأن الغلبة ستكون للشعوب المقهورة التي يوحدها النضال ضد بائعي الميناء وسارقي أسهمنا في الفوسفات ومسجلي أراضينا بأسماء زوجاتهم وأنسبائهم ... حينها ستجد اليساري والأخواني والمسيحي في إصطفاف طبقي واضح ونحن متجهون صوبه لا محاله.