16-06-2013 09:39 PM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
أتذكر ونحن في صبانا كنا كلما استعظمنا امراً نقول والله الملك ما بقدر يساويها ، كان ذلك إكبارا وإجلالا لجلالة الملك ، ففي نظرنا كان الملك اقوى من كل البشر يستطيع ان يقفز من اعلى القمم ويغوص في قاع البحار والمحيطات يقود السيارة والطائرة والقطار وكل شئ يُقاد.
لا ادري اذا كان هذا الاعتقاد كان حباً فطريا للقائد ام حباً مكتسباً من الآباء والأجداد الذين كان اغلبهم من افراد القوات المسلحة ، اي ممن اقسموا على الولاء والطاعة للملك ، وممن حملوا في ثنايا قلوبهم ومواطن عقولهم احترامهم وحبهم لمليكهم ، ام هي ثقافة احترام الكبير قدراً ومقاماً التي كانت من مقدسات ثقافتنا واسلوب حياتنا .
على كل حال كان هذا إيماننا بقدرات الملك ، كان ذلك في الثلث الاخير من القرن العشرين ، في وقت كانت وسائل الاعلام والاتصال فيه تكاد تكون معدومة وتقتصر على المذياع والجريدة الرسمية ، اي اننا كنا لا نعرف الا القليل وما هو ايجابي وبطولي عن مليكنا ، فلم يكن هناك انترنت وفضائيات ووسائل اتصال سريعة وذكية ، فمعرفتنا كانت موجهه لتعظيم الملك وغرس محبته في قلوب الشعب .
مع تطور التكنولوجيا ووسائل الاعلام والاتصال وفي زمن اصبح فيه القاصي والداني يعرف أدق التفاصيل عن كل شئ ، وظهور الكثير من المعارضين ورفع سقف الحريات ، وبروز المواطن الاردني المثقف والمتعلم ، وسهولة التواصل والاتصال مع الموالي والمعارض ، مع الصديق والعدو ، ما زلنا نعتبر الملك الوحيد القادر على اعتلاء القمم والقفز من أعاليها ، وما زلنا نعتقد انه هو مفتاح الحل وهو الذي يحل ويربط ، وما زالت ثقتنا بشخصه عالية لدرجة اننا نظطر للانتظار أياما وأسابيع لإتخاذ قرار مفصلي في حياة الامة إذ لم يكن متواجداً على ارض الوطن .
انا متأكد ان الملك لا يرضيه كل ذلك فالبتاكيد لديه الرغبة في ان يشاركه أبناء شعبه باتخاذ القرار لانه وفي خضم الوضع السياسي الملتهب هنا وهناك والاقتصادي المتردي والاجتماعي المتبعثر ومشاكل البطالة والفقر وانتشار الجريمة وقربها من التنظيم يحتاج الملك لمن يحمل معه المسؤولية ويخفف عنه عبء هذا الحمل الذي يقصم ظهور الجبابرة ، فالملك انسان يعمل ويرتاح ، يصحو وينام ، يصحُّ ويمرض ، يروق ويغضب ، له قدرات ويمتلك طاقات كما كل البشر ، فلماذا يجب ان يكون الملك ملكاً ،رئيساً للوزراء ، وزيرا ، نائباً ، عيناً ، اميناً عاماً ، مديراً موظفاً وعاملاً ؟ هل يعقل أيها الأردنيون ان يبقى الملك مسؤولاً عن كل شئ ومدبراً لكل شئ ؟ ان كنا نريد ذلك فلماذ نعين رئيساً للوزراء ووزراء؟ ولماذا ننتخب مجلس النواب ؟ ولماذ نعين الاعيان ؟ ولماذا نطالب بفتح الشواغر ؟لماذا نطالب بالتغير ؟ ولماذا نطالب بالتعديل ؟ وهل نحن مهيئين لهذا وذاك ؟ ام نحن نتبع المزمرين والمطبلين في ظلمات الليل ، الذين لا يعرفون الا التطبيل والتزمير ؟
أيها الأردنيون ! الا يحق لملكنا ان يرتاح كما نرتاح ؟ الا يحتاج ان يعيش حياته كما نعيش ؟ ام هذا هو قدر الملوك ؟