22-06-2013 10:17 AM
بقلم : زيـاد مـسـعـد الـمـعـرعـر
عندما أمسكت بقلمي لأكتب عن هذا الموضوع ، واستحضرت الأفكار لأخطها على الورق خطر ببالي بعض التساؤلات ، ترى كيف كان الحال قبل ستين عاماً هنا في قرية أم القطين ، وكيف كانت الحياة بسيطة نظيفة هادئة مقارنة بحياتنا اليوم ، لماذا وأين اختفى ذاك النمط من الحياة ، أين هي تلك الأرواح التي عاشت وسكنت هنا قبل ستون عاماً ، فغشيتني رعشة هزت كياني ، وتحركت بداخلي مشاعر أبكتني .... ترى من أول من وقّّّع القرار وأمََرَ بتأسيس مدرسة في هذا المكان النائي البعيد في أقصى البادية الشمالية؟ ، ومن أول من علّم الحرف والكلمة فيها؟ ومن أول من قال أقرأ هنا ؟، ومن هو أول من رفع علم بلادي فوق هذا البناء المقدس الطاهر في نفسي وقلبي ، ووقفت متأملاً والدموع تملى عيني ، ألهي أرحم وأغفر وتجاوز عنهم وعن الذي رسم وأختط بناء هذه المدرسة ومن وضعوا اللبنة الأولى ، ولم يفارقني الخاطر والحزن والحنين يملى وجداني ، ترى هل بقي منهم أحياء ؟ وأين هم ؟ هل أنصفناهم ؟ هل عِلموا أنهم غيروا وجهة التاريخ والجغرافيا لهذه المنطقة، ألهي لماذا نسينا دور أولئك العظام ولم نترحم عليهم .
الكتابة عن هذا الموضوع مهم ، فمجرد دخولي إلى رحاب مدرسة أم القطين أجد في نفسي حنين إلى الماضي الجميل العريق ، ويأتي في ذاكرتي " أن كم من الاجيال أّمّت المكان ثم رحلت" ، وكم أفواج من الطلبة والمعلمين والإداريين جمعهم هذا المكان ، فلله درك يا مدرسة أم القطين كم اجتمع فيك من البشر ، وشأت الأقدار بأن يسلك كل واحد منهم طريق مختلف عن الآخر، وأعود لما دعاني للكتابة في هذا الموضوع واسأل ألاّ يستحق مرور ستون عاماً على تأسيس مدرسة أم القطين في أقصى البادية الشمالية وقفة واهتماما أعلامي وتربوي!! ، ألم يكن ذاك حدثاً مهماً في البادية عام 1952 ؟، أليست مناسبة جديرة بالاهتمام اليوم ؟ .
وفي النهاية لأرجو من الله بأن يلهم ويهدي المعنيين بأن لا يتم التفريط بالبناء القديم لهذه المدرسة وهو بناء من الحجر الأسود (الصخري البازلتي الصلب ) وهو مؤهل حسب الخبراء ليبقى عشرات من السنين القادمة ، لاسيما وأن بعض الذين لا يقدرون القيمة التاريخية المقدسة لهذا البناء ينادون بإزالته ، فهذا البناء الرمز بمثابة مزاراً ، لمن عشق الأرض والكفاح من اجل المجد ، فهو يربطنا بالجذور الأصيلة والماضي العريق المجيد ، هذا البناء يعيدنا إلى أيام الخير والبركة ، وفيه نرى الآباء والأجداد ، وفيه صفحات من طفولتنا ، ومنه نتذكر بيت الشعر و البيدر وأزقة أم القطين القديمة ، وجلب المياة على الدواب من البِرك ، لذا نرجو أن لا يتم العبث بهذا البناء ، وأن يرمم إذا اقتضى الأمر ويصار إلى تحويله إلى متحف .