22-06-2013 10:18 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
بلد بني بسواعد المخلصين وبعزيمة الشرفاء وبإرادة المؤمنين وبإيمان الصابرين وبصبر الاردنيّين نشامى ونشميات آمنوا بالله نصيرا والعزيمة مسيرا وبالنصر سبيلا والمجد هدفا والاقصى مزارا والصخرة رمزا لنسب من اشرف رسول عليه السلام وتاج رمز السؤدد الاصيلا وعلا البنيان وارتقت هامات للسماء فخارا وسجدت رؤوس اشراف لله شكرا واياد ضرعت له حمدا في عليائه على ما وهب واعطى .
وحولت الصحراء الى روابي وحدائق غنّاء ومن خيام كتّاب الى صروح جامعات وعلماء جمعوا الفقه والتكنولوجيا وسكبوه في عقول اطفال لينشئوا علماء يزيدوا من التقدّم العلمي دروبا ومن البراعة الادبية حقولا ينثرون العلم والابداع الانتاجي هنا وهناك في اطراف عالم له حق فيما وصلوا اليه ولهم حقُّ فيما اوصلوه اليه وبالشكر تدوم النعم.
بلد دفع ضريبة السؤدد والبناء والاعمار وحماية الوطن بالدم والشهداء وارواح دافعت من اجل كرامة ابنائها وناضلت من اجل توفير حياة كريمة لهم كان الناس اخوة بالحق والحلال لم تدنوا نفوسهم للحرام او لمال الدولة او لحقوق الغير كان الموظّف الحكومي مثالا للشرف والامانة وكذلك كان المواطن رمزا للنخوة والحميّة وكان كبير العائلة حاكم بامرها وشيخ العشيرة آمرا بالحب لها ومعلّم المدرسة قدوة لتلاميذه والشيخ مفتيا لاهل حارته .
وفي عمر الخمسين لهذه البلد بدأت تتغيّر سلوكيّات بعض اهلها فانقسم الربع شيئا فشيئا الى قسمين احدهما منتمي يعمل من اجل الوطن والاخرون يعملون من اجل جيوبهم ومصالحهم الخاصّة وهؤلاء لم يُقدّروا معنى المحبّة والايثار وفهموه على انّه ضعف وغباء ومع الزمن تنوعّت فئة الفاسدين وكثر عددهم وزادت نسبة الصامتين من المنتمين الذين اخذ عددهم يزداد فقرا ويقلُّ انتماءا وهذه التغييرات السلوكيّة ادّت الى تغييرات في البناء الاسري والانضباط التعليمي والعنف المجتمعي بل وتعالي الابناء على اهاليهم والتلاميذ على معلّميهم واصبح المتعلّم والمؤدّب والمثقّف والمميّز والمبادر والمتعاون والمبدع لا يجد فرصة لخدمة وطنه ومواطنيه فاصبح يبحث عن فرصة في وطن آخر وخدمة شعوبا اخرى ليجد نفسه في ذلك المجتمع بينما صاحب الواسطة او من كان يعمل بالسر والعلن مع الاجهزة او من كان ابن او قريب لمسؤول او ابن صديق لرجل واصل ومن هؤلاء الشباب من لايملكون اي ميزة او ثقافة اوعلوم او حتّى منطق يشفع لتعيينهم بل هم اصبحوا من يُعيّنون من هم على شاكلتهم إلاّ من رحم ربّي ووصل بطريق الحظ او الخطأ او الصدفة لمنصب يستحقّه .
وهكذا اصبح المتعلّمون واصحاب الحرف يبحثون عن فرصة للمغادرة لبلاد الاغتراب بعد ان فقدوا مكانهم في الوطن واصبح البلد في الفترة الاخيرة بلد المنتظرين الغربة والمغادرين .
وفي الجانب الاخر اصبح البلد مرتعا للفاسدين بحكم مناصبهم وتسلّطهم على مفاتيح الوظائف وصناديق المال ينهلون كيفما يشائون بل ويعيثون فسادا بلا رقيب او حسيب غير الله الذي لا يحسبون له حسابا والعياذ بالله وأثّروا على الكثير من البسطاء والمساكين وغيّروا نظرة المجتمع لكثير من القيم والمبادئ الجميلة التي نهلناها من اجدادنا وديننا الحنيف مع ان كثير من هؤلاء البسطاء زادوا فقرا وهكذا اصبح الكثير من المسحوقين يقفون على محطّات المغادرون لان الدولة اصبحت تفكّر في رفع اسعار قوتهم وكازهم وكهربائهم ومياههم واصبحوا يخشون ان ترفع الحكومة اسعار حليب ابنائهم الرضّع او تركّب عدّادات على صدور امّهاتهم لكي يدفع الاب ضريبة على الرضعة الزائدة عن المقرّر لكل رضيع .
وعلى الطرف الاخر ما زال الفاسدون والاشرار يرتعون احرارا بما سلبوه والحكومة ما زالت تنتظر القرائن والادلّة وكأنّ فقر شعب بكامله ليس دليلا كافيا على وجود نهب للمال العام .
وهكذا تحوّل البلد الى بلد للمغادرين والاشرار إلاّ من رحم ربّي بلد وزّعت فيه تعويضات عن رفع الكاز لسنة واحدة وكفى وبلد سيصبح الخبز فيه يُوزّع بالكوبونات !!!!!!
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وابقاه بلد المهاجرين والانصار ومأوى لكل العرب اللاجئين والاحرار وابعد عنه كل الفاسدين والاشرار .