26-06-2013 02:44 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
هناك حالتين في الزهد السياسي في السنوات الحديثة في عالمنا العربي الحديث اولهم هو المشير عبد الرحمن سوار الذهب - من مواليد مدينة الأبيض السودان عام 1935 والرئيس السابق للجمهورية السودانية. استلم السلطة أثناء انتفاضة نيسان 1985 بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي. وكان قد تم ابعاده عن الخدمة في العام 1972، وأرسل لدولة قطر وعمل بها كمستشار للشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر للشئون العسكرية وكان بمثابة قائد للجيش والشرطة - وهو أول من فرز الارقام العسكرية وحدد ارقاما للشرطة منفصلة وارقاما أخرى للجيش كلا على حده ومن ثم قام باستبدال الزي العسكري والبزات العسكرية ببزات جديدة وتحدد كل سلاح على حدا، والجيش أصبح منفصل عن الشرطة وانشأ ما يسمى بشرطة قطر وأيضا القوات المسلحة القطرية.
أمّا الحالة الاخرى فهو ما نشهده هذه الايّام من تنازل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم بعد ثمانية عشر سنة لإبنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الشاب ذو الثلاثة والثلاثين عاما خريج كليّة ساندهيرست العسكريّة في المملكة المتّحدة البريطانية .
وقد حكم الشيخ حمد قطر ثمانبة عشر عاما رفع دخل الامارة بحيث اصبح مواطنها صاحب اعلى دخل في العالم واصبحت الاولى في تصدير الغاز المُسال في العالم واصبحت البلد الاكثر استقطابا للمصالحات بين الدول والجماعات ويشهد على ذلك اللبنانيّين والفلسطينيّين والسودانيّين والافغان وغيرهم كما انّها ساهمت في الكثير من مشاريع الاعمار والعون المادّي في العديد من الدول المنكوبة والمحتاجة مثل لبنان وفلسطين وغيرها الكثير كما انّ لها خلال سنوات المراهقة السياسيّة تلك الكثير من الانجازات الاعلاميّة ومن اهمّها قناة الجزيرة الاعلاميّة .
وجائت خطوة الشيخ حمد في مكانها كما قال لضخِّ دماء جديدة وافكار شابّة على مستوى القيادة استمرارا لعمليّة البناء والتطوير وتلك الخطوة الجريئة والشجاعة تعطي درسا لكل حكّام دول الربيع في العالم وهي انّ الاصلاح يكون هكذا بتضحية من رأس الهرم فكرا وقلبا وصدقا قبل ان نطلب من المواطن الغلبان التضحية بلقمة الخبز التي يحصل عليها بصعوبة بالغة كما ان ذلك يعطي درسا للشعوب بان الدول والاوطان وثرواتها خّلقت لمواطنيها وليس لحكّامها كمزارع خاصّة كمكا بيّنت ان للحكّام مهامّا اخرى بخلاف السفر والسجّاد الاحمر والتمتّع بموجودات الاوطان ونِعمها وانّما بالتفكير المتوسط وبعيد المدى باحوال شعوبهم وكيفيّة تنمية حقوقهم ورفاهيتها باستمرار ولاعوام قادمة والحفاظ على ثرواتها لا تبديدها وسلبها .
وكما انّه كانت هناك قصص جدل سياسيّة في مسيرة قطر خلال سنوات المراهقة السياسيّة الثماني عشر الماضية مثل تولي الحكم وابعاد الوالد الحاكم الفعلي وتواجد القواعد العسكريّة الامريكيّة على ارض الوطن والعلاقات التجاريّة مع اسرائيل ومشاركة قناة الجزيرة في الكثير من القضايا في دول عديدة والتدخّل القطري في العديد من القضايا الاقليميّة والعالميّة والتدخّل الموجّه في قضايا الربيع العربي وغيرها ............
ولكن في المقابل ها هو الشيخ الامير يتنازل سلميا وحبيّا وبرغبة شخصيّة منه لولده عن الحكم مع انه لا يزال في بدايات الستّين من عمره ولديه القدرة عل العمل لفترات اطول كما ان قطر حسّنت علا قاتهامع جميع دول الخليج وساهمت في تنمية اعمال مجلس التعاون الخليجي كما انّها وقفت مع لبنان وفلسطين ضد العدوان الاسرائيلي المتكرّر بل وعملت الكثير من اجل مشاريع الاعمار في البلدين كما انها احتضنت مكاتب الحركة الاسلاميّة حماس على اراضيها واعطتها الدعم القوي كما ان تلك الامارة الصغيرة بحجمها الكبيرة بما وهبها الله من ثروات استطاعت ان تسخّرها لخدمة شعبها مدّت يد العون لكثير من الدول الاسلامية وغير الاسلاميّة على هذا الكون لتجد لها راية في الكثير من دول العالم يشهد بكرمها العربي .
وها هما الشخصين العربيّين عبدالرحمن سوار الذهب العربي الافريقي الذي خدم قطر وشعبها وحمد بن خليفة العربي الاسيوي يضربان مثلا كيف يكون الحاكم زاهدا مهما تألّق في العمل السياسي وكيف يشعر الحاكم انّه فعلا خادما لشعبه وانّ من حقّه ان يرتاح بعد ان يعطي لشعبه الكثير من صحّته وتفكيره وحكمته ليبقى عطائه مستمرّا حتّى وإن كان من خارج سدّة الحكم
فقطر بلد الخير والخيّرين
حمى الله الوطن العربي ارضا وشعوبا واكثر من قادته المخلصين الزاهدين .