29-06-2013 09:28 AM
بقلم : مفيد عثمان شرف
بدأت ملامح الصفقة المتكاملة التي عقدتها أمركا وروسيا
حول المنطقة تدخل مرحلة التنفيذ. تمر المنطقة.
الآن بمرحلة تنظيف الأرض وإخلاء الساحة من كل ما من شأنه إعاقة تحقيق تفاصيل الصفقة التي يجب
أن تُعلَن رسمياً في جنيف. من ملامح هذه التهيئة الأساسية عملية نقل السلطة في قطر إلى الأمير الجديد،
وعملية المظاهرات الشعبية في تركيا والضغط السياسي الذي تسببه لحكومة أردوغان. كلا الطرفين
المذكورين لعب أدواراً مؤذية بنظر الغرب للإرهاصات البنيوية التي تمر بها المنطقة، خاصة في سوريا،
بأن قاموا بفرض واقع إسلاموي أصولي صدامي وعنفي قاعدي على المشهد السوري، مما أساء للثورة
السورية وعرقل عملية إيجاد حل في سوريا حتى الآن. وكما لم يعد جميع الأطراف يحتملون نظاماً قاتلاً
ومجرماً ودموياً مثل نظام الأسد، هم لا يحتملون أيضاً ثواراً جهاديون متطرفون تكفيريون، عملت كل من
قطر وتركيا على ذرعهم في سوريا.
من هنا يأتي تغيير النظام في قطر وشد أذن النظام في تركيا كبداية لعملية منظمة تدعمها كافة القوى للتخلص
من المظاهر السلفية والتكفيرية الجهادية التي خلقها قطر وتركيا: بدأ هذا مع معركة القصير واستمرار الضوء
الأخضر المعطى الآن من فرنسا والغرب لا للنظام الدموي فقط بل ومطلوب من الجيش الحر بالتخلص تماماً
من الكتائب الجهادية ومحيها من مشهد الصراع قبل البدء بأي فرصة خلاص (أغضب الأسلامويون في الائتلاف
مؤخراً كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا حين بينوا بفجاجة وغباء فادح مدى الدور القطري والتركي السلبيين
في الائتلاف المذكور. واليوم نسمع عن رغبة الأخوان المسلمين بالانسحاب من الائتلاف بعد أن دمروه وعاثوا
خراباً في أوساط المعارضة السورية وبأمر طبعاً من النظام القطري الجديد والضغط الحالي على تركيا لتعليم
أردوغان درساً). ومن هنا تأتي أحداث لبنان الأخيرة وإنهاء دور جماعة الأسير وحضوره في لبنان. فهذا أيضاً
أحد مظاهر تنظيف الساحة.
المطلوب اليوم معسكر سني قوي وحاضر ولكنه معتدل وتوافقي وانفتاحي ليحتضن الحضور الشيعي في بلدان
العالم العربي، خاصة في سوريا ولبنان. كيما يصار إلى تحييد كل من هذين البلدين عن الانضواء تحت لواء
معسكر واحد دون الآخر وجعلهما بؤرة توازن وحياد في قلب هذه المنطقة الاستراتيجية. هذا يعني أن هناك
رغبة حقيقية بإعادة إحياء الدور السعودي الاعتدالي والتوفيقي في المنطقة بعد أن تم تحييد هذا الدورر لمصلحة
دور قطر وتركيا في الصراع على سوريا ولبنان. مما يعني أن الأطراف المدعومة من السعودية في سوريا
ولبنان هي من سيحل محل الأطراف المخلوقة من قطر في الساحة. سنشهد عودة لدور تيار المستقبل في
الشارع السني اللبناني وما يمثله هذا التيار من اعتدال ووجه مدني. وسنشهد أيضاً تبدلات في بنية هيئة
الائتلاف السوري وهوية من سيمثل المعارضة السورية في جنيف.
بات واضحاً أن الغرب يريد تنظيف المنطقة نهائياً من أي حضور سلفي تكفيري جهادي في المنطقة قبل أن
يبدأ بتنفيذ تفاصيل الصفقة التي ستقود إلى جنيف. هذا لا يعنيي ابداً انتصار النظام السوري على الثورة، وإن
كان يعني تراجع للمعارضة السلفية والجهادية والمتطرفة والصدامية في المشهد السوري. وهذا لا يعني انتصار
حزب الله والخط الجهادي والمتطرف الشيعي المتمثل به وبإيران، وإن كان يعني ترجع حضور التيار السلفي
الجهادي السني من الساحة (أول الغيث أحمد الأسير). هذا يعني فقط أن الثفقة تقضي بالتخلص من كل ما من
شأنه الوقوف حائلاً دون حل سياسي وإعادة ترتيب للمنطقة هادئة ومعتدلة وانفتاحية وتصالحية. طبعاً إذا ما تعنت
النظام السوري الأحمق (وهو أثبت حماقته وجنونه بجدارة في الواقع) ورفض الحلول السياسية وتابع عنجهيته
وكذبه على الرأي العام المناصر له وعدم تهيئته للقادم ولتقبل التنازلات، وإذا ما تابع الإسلامويون في المعسكر
السوري المعارض غياءهم السياسي وجشعهم للسلطة وللهيمنة وأصروا على مواجهة جميع الأطراف كأعداء
لوجودهم وقرروا الحرب حتى النهاية بدل الحل السياسي، ستستمر المعركة لشهور قادمة حتى يدمر الطرفين
كل شيء وعندها لن يكون هناك لا غالب ولا مغلوب، بل الجميع خاسر ومنهار ومدان لا محالة....احتمال
العدمية المذكور غير بعيد عن طرفين أثبتا جنونهما ودمويتهما وجشعهما للسلطة بما لا يقاس خلال أكثر
من عامين ؟