بقلم :

..صباح كل يوم ..اجلس الى والدتي العجوز والبالغة 85 عاما من العمر ...سيدة من تلك السيدات التي يحلو لي ان اجالسهن لأستمع اليهن ولأطل عن كثب على ما يتمتعن به من تجربة عميقة في الحيا ة ومن حكمة فائقة اكتسبنها عبر عقود طويلة من الأيام الصعبة التي شاءت لهن الأقدار ان يعشنها بأدق تفاصيلها ...والدتي متابعة ممتازة لكل ما يجري من حولها ..وهي من السيدات (الفلاحات ) القلائل من ذلك الجيل ممن يتقن القراءة والكتابة والحساب مع حفظ ما تيسر من كتاب الله ...تتابع مجريات السياسة العربية بأدق تفاصيلها ..ولا تفوتها نشرة اخبار ..مما جعل لها وجهة نظرها الخاصة حيال كل ما يجري حولنا ...ابتداء من تطورات القضية الفلسطينية وانتهاء بالمحاولات الأيرانية لامتلاك القدرة النووية ...وكونها يعبداوية النشأة والتربية ..فهي ما زالت تدخن 40 سيجارة يوميا ..رغم كبر سنها ...ولا ادري لماذا تصر ان العالم كله بما فيه امريكا قد اخذ زراعة الدخان من يعبد ...والدتي استغربت كل هذا الأحتفاء بزيارة الرئيس بوش الى المنطقة العربية ..وصباح اليوم وبينما كنت معها اجالسها واشرب بمعيتها بعض فناجين القهوة السادة ..انطلقت بالكلام عن بوش وزيارته وترحيب القادة العرب به رغم كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعوب العربية ...وفي تقدير والدتي العجوز ..ان الرئيس بوش ما جاء لزيارة المنطقة الا لذر الرماد الاكريكي المخبور في عيون الحكام العرب ..وتضيف الحاجة ام عاطف بينما تنفث دخان سيجارتها : الكل يعلم ان هذه هي السنة الأخيرة لهذا المجرم في البيت الأبيض ..وان للعرب تجارب مريرة مع كل الرؤساء الأميركيين ..اذ ان هؤلاء الرؤساء لا يفعلون شيئا في عامهم الأخير ..الا ما يهدف الى اعادة انتخابهم ...او لتعزيز فرص نجاح مرشح حزبهم ...ان كان الرئيس لن يخوض الانتخابات ...وعندما رأتني الحاجة ام عاطف اهز رأسي موافقا على تحليلها واستنتاجها ...نفثت نفسا آخر من سيجارتها ..وتابعت بحدة اكبر : ...ثم هؤلاء الحكام ...الا يستحون من الله ؟ الا يستحون من شعوبهم ؟ الا يؤرقهم استشهاد الآلاف من العرب في فلسطين والعراق وغيرهما على ايدي امريكا وربيبتها اسرائيب ؟ وتضيف بغضب : والله ..وانا العجوز التي لا تحل ولا تربط بالسياسة العربية ..لو طلب بوش مقابلتي ...لرفضت ..ويخبث متعمد سألتها : وماذا تقولين له الآن وقد تمت الزيارة رغم انوفنا جميعا ؟ اجابت معددة على اصابعها النحيلة : اقول له ...عليك اللعنة يا بوش ..يوم ولدت ويوم انتخبوك رئيسا ويوم جئت لويارتنا ويوم تعود الى بلادك ويوم تموت ويوم تبعث حيا ... ..