01-07-2013 03:01 PM
بقلم : عمار الجنيدي
العجلوني بامتياز زياد البوريني الذي فيها وُلِدَ ونشأ وترعرع ودَرَسَ ودَرَّسَ وتنسّم عليل هواءها وأكل من "بلّوطها" وشرب حدّ الارتواء من عين "جودها"، وكتب مُتَغَنِّياً فيها شعرا كثيرا، وهو أول مدير للثقافة في عجلون، حيث كان المبدعون والمثقفون أيامه يعتزّون ويفتخرون بإدارته للحراك الثقافي، ويعتبرونه أخاً وصديقاً بسبب تعامله الأخلاقي المتّسم بالرقي والتسامح والبساطة والشهامة والنبل مع الجميع، فنلجأ اليه كلما كتب أحدنا قصة او قصيدة لنجده الناصح المعلّم والمرشد بخبرته وتجربته وعلمه وأخلاقه.
نعم: نحن في عجلون فقدناه وافتقدناه؛ ولذا نترحّم على زياد البوريني وعلى أيّامه؛ فزياد لم يكن يوماً راكضا وراء الإعلاميين يطلب صورة مزيّفة أو مُبهرجة أو غير حقيقية عن انجازات لم يفعلها. ولم يكن زياد البوريني عنصريّاً يوما، بل أحبّ كل ذرّة في تراب الأردن وقصائده في حبّ الوطن تدرّسُ في المناهج التعليمية، ولم يدّعِ يوما أنه يحتمي بمصطلح (هيبة الدولة) لكي لا يتمَّ انتقاده ولومَه على التقصير، ولم يكن للمطبّلين والزمّرين وأدعياء الإبداع مكان في مديرية الثقافة.
لم يعمل زياد البوريني يوما على ممارسة الإدارة المزاجية الانتقائية الإقصائية التهميشية ولم يمارس تصفية حسابات مع المبدعين والمثقفين ونشطاء العمل الثقافي والتطوُّعي أو الدسّ والتدليس أو إهانة أيّ منهم، ولم تُصَبْ الثقافة في عهده بالانتكاسات البالغة الجراح والترهّل، ولم يعزف المبدعون في عهده عن المشاركة أو حتى الحضور، ولم (يتمرجل) ويمعن في تهميشهم وإقصائهم، ولم يعمل على إحباطهم وتطفيشهم من عجلون، ولم يحتفي يوماً بالغريب والهجين على حساب المبدع المحلي: (العجلوني) صاحب الإبداع الحقيقي الذي يكافح من أجل إثبات حضوره وكفاءة مُنْتَجَه ، فنحن نفهم أن مدير الثقافة (أي مدير ثقافة لا على التخصيص) يجب أن لا يخضع لممارسة مبدأ تصفية حسابات الإقصاءات وممارسة العنف الثقافي بحق المثقفين والمبدعين ، وأن لا تخضع اللجان التي يُنَسِّبُ بها أو يُشكّلها لمزاجية الاسترضاء والتنفيع والتقرُّب ، وأن لا يُمعِنَ في الإساءة لبعض المبدعين بإحباطهم ومحاولات تطفيشهم وإيذائهم وترويعهم بأساليب البلطجة الثقافية، وأن عليه أن يراعي العدالة والموازنة في الاهتمام بالحركة الثقافية في هذه المحافظة التي تعاني من جور وإهمال كبيرين، وأن يقف على مسافة واحدة من مبدعي ومثقفي محافظة عجلون، وأن يقف على مسافة واحدة من الهيئات الثقافية.
الآن وقد عرفنا حجم وجعنا؛ نترحّم بحق على زياد البوريني وعلى أيّامه التي كان للمبدع له احترامه، وأيّ احترام...