01-07-2013 04:04 PM
بقلم : هبة وليد صلاح
لم يبقى عن رمضان سوى أيام معدودة ، وستهل الفرحة وتزدان الشوارع والبيوت والمحلات بزينة رمضان بأشكالها المفرحة والمعبرة وسيعيش أبناء معان أجواء حميمة وطقوس روحانية لا مثيل لها في باقي الأشهر .
روائح البخور والند تعبق في سماء المنزل .. تتوزع أفراد العائلة في كل زاوية لتقوم بالطاعات والعبادات المكثفة لتقرب إلى الله عز وجل ، تسابيح امرأة عجوز على فراشها ، أم على سجادة الصلاة وصوت أب يتلو القران ويتعالى صوته في أرجاء المكان ، أطفال بمختلف الأعمار يتراكضون على مراكز تحفيظ القران ،…
الأسواق مكتظة ، يتزاحم فيها الناس لشراء المشروبات الشعبية طيبة المذاق ، ومنها القمردين وعرق السوس والتمر هندي ، والحلويات التي لابد من تناولها شبه يومي ، ومنها العوامة وكرابيج حلب والقطايف بأنواعه العديدة .
وعند العصر تستعد ربة المنزل دون كلل أو ملل لإعداد ما لذ وطاب من أنواع الأطعمة لمائدة الإفطار ، فتمتلئ الشوارع والحارات برائحة الطعام بأصنافه العديدة ، ومنها ورق العنب والأرز الحامض والشيشبرك .
وحينما تقترب ساعة المغرب تستعد العائلات لتحضير صحون الطعام لتوزيعها على الجيران وهنالك ما يسمى بالسبيل ، حيث تقوم مجموعات من أبناء مدينة معان بصنع الطعام وإرساله إلى السبيل ، فيتجمع الفقراء والمساكين والمسافرين للإفطار ولسد حاجتهم وحاجة أُسرهم من الطعام والشراب .
وفي اللحظات الأخيرة يجتمع الأهل على مائدة الطعام ينتظرون سماع صوت المدفع الرمضاني بالرغم من وجود الآذان ، إلا أن هذه العادة القديمة كانت وما زالت من العادات التي قد تَمَسَّك بها أهالي معان إلى هذا الوقت .
وعند العِشاء يتراكض الرجال ومعهم أبنائهم إلى صلاة التراويح ليحجزا الصفوف الأولى في المساجد ، وتعلوا أصوات التكبير معلنة ً عن إقامة الصلاة ، فتستوي الصفوف وتخشع القلوب وتتدبر العقول .
وعند الرجوع من الصلاة هنالك من يجلس مع عائلته يتبادلون أطراف الحديث ويتناولون الحلويات ويشربون العصائر اللذيذة ، وهنالك من يخرج مع عائلته لصلة الأرحام ، فتسود المحبة وروح التسامح والعطاء .
هذه الأجواء التي أعايشها في مدينتي في شهر رمضان المبارك ، فقد أحببت أن أسطرها لكم بإيجاز معبرةً فيها عن شوقي لشهر الفضيل .. فشهر رمضان كالدواء يوضع على الجرح فَيُشفيه ، وكالماء يُرَشّ ُ على النار فَتُطفئها .