بقلم : أيمن موسى الشبول
نظرة العرب المستهجنة والناقدة للنهج الاعلامي الذي إنتهجته قناة العربية في نقلها وتوصيفها الأحداث العربية كثيرة جدا” جدا” ... وقد اليوم أصبحت حديث الشارع العربي بعد أن لأصداء مملة تكرر وتمرر وجهات النظر الرسمية لبعض الحكومات في توصيفها وتغطيتها للأحداث العربية ... وهذه القناة الاعلامية التي ظهرت مطلع هذا القرن كقناة منافسة لقناة الجزيرة انطلقت في بدايتها بأداء جيد واستطاعت به أن تحظى بالقبول لدى المواطن العربي وكان ذلك أثناء تغطيتها للمشهد العراقي في بداية الغزو الأمريكي لهذا البلد عام ٢٠٠٣م ونقلت ذلك الغزو والمشهد كما هو على أرض الواقع : غزو أمريكي استعماري همجي ... ووطن عربي يتم مسحه وتمزيقه ... وجيش عراقي يدمر ... وشعب عربي يباد ويشرد .... وفي الطرف الآخر كان هناك شباب عراقي رفض الذل وقاوم المحتل بكل بسالة وشجاعة هكذا كان توصيف القناة الواقعي لذلك المشهد المؤلم ...
وتمكنت قناة العربية في تلك الفترة من نيل رضا أغلب المشاهدين العرب بهذا النهج الواقعي الباحث عن الحقيقة والخبر ... ولكن تلك القناة انحرفت بعدها عن طريقها القويم وراحت تتلاعب بالحقائق والعقول لتنقل المشهد العراقي بعين القوي ولو كان عدوا” مجرما” : فتحول الغزاة الذين جلبوا الدمار وصنعوا الموت للعراق لمحررين وصانعين للديمقراطية وجالبين للحرية والعدل والمساواة !!! ... أما المقاومة العراقية فقد أصبحت في نظر الاعلام العربي الموجه وفي نظر قناة العربية مجرد مجموعات تخريبية تقودها فلول من القاعدة وصناع الموت !!! ... هكذا أصبح المشهد العراقي ـ حسب الاعلام العربي الموجه وحسب قناة العربية ـ !!!
وفي نظرة بسيطة لتوصيف العربية للمشهد السوري نجده كما يلي : نظام سوري مجرم يقوم بقتل شعبه بلا رحمه و في الطرف الآخر هناك مقاومة وحركات جهادية تسعى لدفع الظلم ونيل الحرية وتحقيق الديمقراطية ... ويبقى السؤال المطروح هنا هو : متى ستنقلب هذه الرؤية للحدث السوري ومتى سيتبدل هذا التوصيف للثورة السورية من قبل قناة العربية ... الله أعلم !!!
وفي المشهد المصري وصف الاعلام العربي الموجه وقناة العربية الحدث المصري كما يلي : شعب مصري مقهور انتفض أخيرا” في وجه حاكمه المستبد عسى أن ينال حريته ويحقق أهدافه وطموحاته ... ثم مرت الأيام وتم صياغة الدستور المصري بالتوافق وجرت انتخابات ديمقراطية هناك ولكن بعد فوز الاسلاميين بتلك الانتخابات انقلب سريعا” توصيف المشهد المصري عند أغلب الاعلام العربي الموجه وعند قناة العربية ـ ليصبح الرئيس الجديد المنتخب مجرد رئيس فاشل وسارق للثورة ولا يصلح لقيادة الشعب المصري ... وليصبح الاشخاص المرفوضون من قبل الشعب المصري في صناديق الاقتراع هم الأجدر بقيادة هذا البلد ... وليصبح الفاسدون من فلول النظام السابق ومن البلطجية والغوغاءيين والمتسولين في الطرقات هم الأعلى صوتا” وتأثيرا” في الأحداث وفي تقرير مستقبل مصر وشعب مصر ... ولا يهم عند الاعلام العربي الموجه وعند قناة العربية لو حدث انقلاب عسكري طمس الشرعية وأطاح بالمسيرة الديمقراطية فالحق عند هؤلاء لدى الانقلابيين الذي خانوا رئيسهم وقائدهم الأعلى وطعنوا الشعب المصري في ظهره بعد أن سلبوه حقه وقراره ... هذا هو المشهد المصري في هذه الأيام ـ حسب توصيف الاعلام الموجه له وحسب قناة العربية ـ !!!
وأخيرا” فقناة العربية ليست القناة الوحيدة التي تؤجج الصراعات وتضخم الحدث كما يحلو لها وتقلب الحقائق وتتلاعب بعقول الناس البسطاء فهناك الكثير من هذه القنوات موجودة في عالمنا العربي ... ولكن ما يدعونا للاستهجان والاستغراب والشعور بالأسى هنا عندما تحمل هذه القناة اسم قناة العربية وهي أبعد ما تكون عن ملامسة الهم العربي والقلب والوجدان العربي ...
والسؤال المطروح هنا : متى ستعود قناة العربية للحق والهم والقلب العربي وما ستنقل هذه القناة واقع العرب بأمانة ودون مراوغة وتلاعب وتزييف ؟ والسؤال الآخر الدائم هو : متى ستعود الجيوش العربية لتطهير ترابها وتحرير أرضها وحماية مقدساتها وصون ارادة شعبها بأمانة ودون مراوغة ومماطلة وتسويف ؟ ... الله وحده أعلم .