14-07-2013 09:02 AM
بقلم : فيصل تايه
من أبرز الهموم والقضايا التي تدفعنا إلى التحسر على واقعنا التربوي هو عدم تبات الرجل الأول في وزارة التربية والتعليم وإدامة تبوءه لمنصة لفترة تمكنه من دراسة الواقع التربوي واتخاذ القرارات التي تدفعنا إلى مواجهة أعباء المستقبل بكل همة ومسؤولية ، فلا يكاد يتسلم الوزير المكلف منصبة الجديد لبضع شهور حاملا في جعبته ما يطمح لتحقيقه حتى يتم استبداله أو تغييره ضمن تعديل وزاري مرتقب ، وكأن وزارة التربية والتعليم مختبرا للتجارب الوزارية ، ويبقى الوضع وللأسف الشديد في في هذه الوزارة المهمة مشحوناً بالأزمات والمشكلات التي تنعكس سلباً على واقع المسار التعليمي التربوي والاجتماعي والتنموي والاقتصادي.. فالقضايا التعليمية التربوية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمختلف الجوانب الاجتماعية والتنموية والاقتصادية والحياتية.. ما يؤدي في النتيجة إلى مخرجات سالبة وهادمة.. فالعالم يتطور في تسارع كبير علمياً وتقنياً وتكنولوجياً ونحن ما زلنا نوزع المناصب الوزارية بشكل استرضائي باحثين عن وزير يستقر وظيفيا لنرتبط بقراراته بالرغم أننا نسعى إلى المؤسسية في العمل ولكن وجود الوزير الثابت والمستقر ليكون رأس الهرم والمسؤول الأول هو مطلب حتمي ليتحمل مسؤولياته كاملة وتحقيقاً للأهداف المرجوة ، خاصة في وزارة بحجم وزارة التربية والتعليم .
إننا نأمل باستمرار أن تصدر القرارات الجريئة والشجاعة من الرجل الأول الذي يجب أن يأخذ وقته الكافي كوزير من أجل دراسة الظروف والمؤثرات والتطلع للمستقبل وفحص الاحتمالات بما يصل إلى تقدير سليم للمواقف وصولا إلى اتخاذ القرارات التربوية الصائبة لانتهاج سياسة تربوية إصلاحية قائمة على التخطيط الاستراتيجي املآ في تحديث منظومة التعليم وتطوير بنائها الديمقراطي والتوسع في تطبيق اللامركزية لتنفيذ خطة إستراتيجية قادرة على التعاطي مع المقتضيات التربوية المهمة .. التي يفرضها الواقع التربوي لأنها تعمل على حشد الطاقات والإمكانات لإنجاز الأهداف الواضحة التي تتحقق من خلالها النهضة التعليمية المرجوة والابتعاد عن تحميله وزر من سبقوه وتلبيسه أعباء وتراكمات الماضي ، بل يجب منحه الفرصة ليتمكن من تصفية الرؤوس وتشخيص القيادات الدخيلة ضعيفة الأداء التي أقحمت في شؤون التعليم بالواسطة والمحسوبية حتى يستقيم المسار التعليمي، ويتم إصلاح الإدارات المسؤولة عن تدهور وتدني المستوى التعليمي ..
غير ذلك ستبقى العديد من السلبيات المتراكمة منذ سنوات جاثمة على صدر العملية التعليمية التربوية، وستبقى دار ابن لقمان على حالها ، ليبقى القديم على قدمه وتبقى السياسة التعليمية بين الفوضوية والمزاجية، وعشوائية القرارات والارتجالية ، على حساب الكفاءات والكوادر التربوية التي لها باع طويل في مجال التعليم وليبقى البعض مختبئا في جلد نمر وتبقى القرارات رهن الوزير الجديد المتبدل والمتغير وقيادات الصف الأول العتيدة يشوبها نوع من الازدواجية ، ونبقى رهن المجاملات وإبراز الذات ، لتضيع الكفاءات والمؤهلات، والخبرات التربوية الكفؤة..
سئمنا الحديث عن حاجتنا الماسة إلى تحديث وتطوير منظومة التعليم.. وتحديد أهدافها الآنية والمستقبلية، وفلسفتها المستمدة من عقيدتنا وقيمنا.. وضبط توجهاتها ومساراتها التعليمية التربوية لتواكب متطلبات واحتياجات التنمية وأهدافها المستقبلية.. والعمل على تحديث الأنظمة والقوانين التعليمية المتعلقة بالتشكيلات والتعينات القيادية التربوية بكل معاييرها بعيدا عن النظره الى منابتها او جذورها بل شريطة الكفاءة والمؤهل والخبرة والاقدمية والنزاهة والقدرة على العطاء والإبداع والابتكار.. ذلك إذا كنا بالفعل ننشد التحديث والتطوير والارتقاء بالعملية التعليمية التربوية إلى الأمام..
وأخيرا دعوني أقول أننا وان كنا نطمح إلى إصلاح حقيقي لما أفسده المفسدون ، ما يحتاج إلى سنوات طوال، مع إخلاص النوايا، وصفاء السرائر والضمائر، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. فنحن نعلم علم اليقين أن المسؤولية جسيمة.. والمهام عظيمة.. والظروف التي نمر بها تحتاج إلى عزيمة فولاذية، وإرادة صلبة، وقرارات رشيدة لمعالجة الاختلالات والمعيقات المتعلقة بمجمل القضايا التربوية ، والتصدي للوبيات "المعشعشة" ، والإفراج عن التقاعدات ، ولا يأتي ذلك إلا بوجود وزير ثابت قوي يقود ثورة إصلاحية لمعالجة الوضع التربوي وانتشاله إلى برّ الأمان ، وإننا لنرى في شخصية وزيرنا الحالي معالي الدكتور محمد الوحش الشخصية التربوية الخبيرة المناسبة التي تستطيع العمل بالاستناد إلى مخزونها التربوي لتطبيق أجندتها الكاملة بالوقت والزمان الكافيين واستقصاء أثرها على المدى البعيد .