18-07-2013 10:54 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
بات مصطلح الأطراف من المصطلحات التي يستخدمها المسؤولين عند حديثهم عن المناطق النائية في هذا الوطن, فمصطلح (الأطراف ) قد يكون اجتماعياً أو سياسياً أو حتى دبلوماسياً مقبولاً لدى المسؤولين أكثر من مصطلح ( النائية ) خصوصاً عند الحديث أمام وسائل الإعلام عن الخطط الحكومية الوهمية , لإنقاذ المناطق النائية وسكانها , ولكن في المحصلة ما هو إلا تلاعب بالألفاظ فقط , دون بحث أو تلمس الواقع المر للمناطق المحرومة حتى من الاطلاع على واقعها ... فبقيت النائية نائية وازداد إهمالها وتهميشها , بينما التغيير والتطوير هو فقط للمصطلحات التي تعكس التطور الكلامي للمتحدث 0
ما دعاني للحديث هو فقط لتوضيح أن مصطلح الأطراف الذي بات يستخدمه بعض المسؤولين عند حديثهم عن المناطق النائية وخاصة القرى أو البادية , يعكس الحقيقة التي ينظر بها المسؤول إلى هذا الجزء الغالي من الوطن , فليس للمواطن ذنب إلا أنة جاء على أطراف الوطن , بحكم التقسيم الجغرافي أو الديموغرافي , وهذه كلمة ( الإطراف ) لها معنى واضح يعلمه ويفهمه سكان المناطق النائية, ويعرفوا معناه فمثلاً يستخدم مثل شعبي عند البدو وهو ( أن الذيب لا يتعدى ألا على أطرف الحلال) أي الحلال الذي يكون في طرف القطيع , ليس لضعفه أو لسوئه , بل فقط لأن الحظ أو الصدفة هي ما جعلته يكون في طرف القطيع وليس في وسطه0
وهنا اذكر فكرة على سبيل المثال لا الحصر , أنه لو اشترى أحدنا سجادة من النوع الفاخر غالية الثمن , وبعد أن وضعها في بيته (صالة الاستقبال ) مثلاً وحدث آن احد الأطفال في المنزل كان يحمل كأساً من العصير أو القهوة أو ..... وكان لابد أن ينسكب هذا الكأس على تلك السجادة وكان الخيار لصاحب المنزل أن يختار مكان وقوع الكأس على السجادة وبالتحديد , سنجد أنه سيختار طرف السجادة ولن يختار وسطها , وعند سؤاله لماذا اخترت الطرف سيرد وبكل سهوله لأن الطرف غير مهم ويمكن الاستغناء عنه في أي وقت 0
أخيرا أعتقد أن الخطأ والمسؤولية لا تقع على سكان المناطق النائية (الأطراف ) كما يحب البعض أن يصفها , بل تقع المسؤولية على عاتق أصحاب القرار وعلى مختلف المراحل والمستويات بسبب إهمالهم لهذه المناطق وسكانها , فليس المطلوب فقط زيادة عدد الحاصلين على مساعدات من صندوق المعونة الوطنية ... أو خدمات التنمية الاجتماعية...... بل يجب على الحكومة أن تعيد النظر في آلية وأولوية الرؤية الحقيقية لهذه المناطق , فأن تعلمني الصيد أولى بكثير من أن تطعمني يوم وتجوعني شهر 0
لكل ذلك أنا أدعو كل مسؤول وغيور على مصلحة هذا الوطن أن يقوم بزيارة إلى هذه المناطق ويعرف حقيقتها على الأقل , دون تقديم خدمة لأنهم لا يستجدون ولا يتسولون , وحتى يعرف المسؤول عند الحديث عن الأطراف أين تقع هذه الإطراف وما ذا تعني للوطن 0
ونهاية حديثي , ليعلم الجميع أن الحريق عندما يشتعل سيبدأ من الأطراف والتآكل أيضا يبدأ من الأطراف عندما تهمل ... وكذلك الجمال والأمان حتماً يبدأ من الأطراف....... ومهما اختلفت المصطلحات , فالمهم هو ما يجب أن يراه ويلمسه المواطن من تحسين لواقعه , فالوطن غالي من قلبه وحتى أطرافه....
حفظ الله الأردن قيادة وشعباً وترابا .