19-07-2013 05:30 AM
سرايا - سرايا - نشرت مجلة "تايم" الاميركية يوم الخميس تقريراً من مراسلها في القاهرة اشرف خليل يقول فيه ان غياب الرئيس المصري الاسلامي المعزول محمد مرسي الذي احتجزه الجيش عن الانظار يجتذب التمحيص والتدقيق. ويضيف ان قلة في البلاد، باستثناء الاخوان المسلمين، يأبهون بطريقة معاملة مرسي او بالاجراءات الامنية التي اتخذت ضد قياديي جماعة الاخوان المسلمين. وهنا نص التقرير:
"كان آخر عمل علني لمحمد مرسي كرئيس خطاباً قصيراً- حسب معاييره – استمر 30 دقيقة على التلفزيون الرسمي يوم 2 تموز (يوليو). وقد شدد مراراً وتكراراً في الكلمة المسجلة سلفاً على شرعية حكومته وحقه في ان يحكم وحذر من ةمؤامرات تحاك لسلبه سلطته ومصادرة الارادة الانتخابية للشعب المصري.
في غضون 24 ساعة، كان اول رئيس مدني لمصر منتخب ديموقراطياً محتجزاً لدى الجيش ولم يسمع منه منذ ذلك الحين. ومع دخول مرسي اسبوعه الثالث في الاحتجاز، اخذ وضعه يصبح قضية غير مريحة بصورة متزايدة بينما تحاول الحكومة المصرية الانتقالية المدعومة من الجيش التحرك الى امام عبر فترة ما بعد مرسي. وقد بدأت حكومات اجنبية، بل وحتى قلة معزولة من الساسة المصريين العلمانيين في الدعوة الى اطلاقه. وقد وصفت المانيا وتركيا كلتاهما استمرار احتجاز مرسي من دون توجيه تهم رسمية له عملاً غير مشروع. كما دعت الولايات المتحدة الى اطلاقه – ولكن بلغة خافتة.
ثمة علائم على ان القضية تكتسب زخماً. ففي 17 تموز (يوليو) الجاري قال سفير المانيا لدى مصر مايكل بوك للصحافيين: "ان اطلاق مرسي مفيد لاعادة دمقرطة البلاد. القضاء يجب ان يقرر حكماً بسرعة. هل هناك قضية ضده ام لا؟". واجتمعت المسؤولة العليا عن السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون مع اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي خلال زيارة للقاهرة الاربعاء. وقالت آشتون في ما بعد للصحافيين: "اعتقد انه (مرسي) يجب اطلاقه. تلقيت تأكيدا بانه في حالة جيدة. كان بودي ان اراه".
وكلما طالت فترة احتجاز مرسي، كلما زاد احتمال اعتبار الاوساط الدولية الرجل الذي كان اول رئيس منتخب ديموقراطيا لرئاسة الدولة سجيناً سياسياً – بل وحتى سجين ضمير – وهو امر لا بد ان الحكومة الموقتة المصرية الجديدة تحاول تجنبه. وكانت النيابة العامة المصرية اعلنت في وقت سابق من الاسبوع سلسلة تحقيقات في "جرائم" مرسي بما في ذلك التحريض على العنف، والتواطؤ في قتل محتجين والحاق الضرر بالاقتصاد والتخابر. ولم توجه تهم رسمية اليه حتى الآن.
يقول شريف البسيوني، وهو استاذ مصري المولد يدرس القانون في جامعة دي بول ومحقق سابق في الامم المتحدة في حقوق الانسان في صربيا وافغانستان: "ان وضع شخص ما مثل مرسي في السجن هو من دون شك انتهاك لميثاق الامم المتحدة، وهذ هو السبب في البحث المحموم للعثور على شيء ما لاتهامه به. لا شك في انه سجين ضمير".
منذ عزل مرسي يوم 3 تموز (يوليو) الجاري، اتهم عدد من قادة جماعة الاخوان المسلمين بالتحريض على العنف او الادلاء بخطب وتصريحات عامة ملتهبة. وما زال معظم هؤلاء القادة المتهمين مختبئين او جرى ابعادهم عن متناول السلطات بينما هم ينتظرون، محاطين بآلاف الموالين في اعتصام مفتوح خارج جامع في شمال شرق القاهرة. ولكن البسيوني قال ان تصريحات مرسي في خطاباته الاخيرة عنما كان في منصبه لا تشكل تحريضاً. غير انه قال انه يفهم منطق الحكومة الانتقالية: "موقف الحكومة هو محاولة ربط مرسي ببيانات وافعال قادة آخرين للاخوان المسلمين. فعندما تنظر اليهم جماعياً بهذا الشكل، فان مرسي يمكن ان يعتبر بهذه الطريقة تهديداً للنظام العام والسلامة".
وعدا عن انصاره، فان قلة داخل مصر تنظر الى مرسي كسجين سياسي. وفي المناخ القومي الحالي العميق الاستقطاب، من المرجح ان يوصف اي شخص يعبر عن عدم الارتياح لمعاملة مرسي او للحملة الامنية المستمرة ضد قياديين آخرين للاخوان المسلمين بانه مناصر للاخوان.
غير ان بعض الشخصيات السياسية المحلية عومت فكرة ان الرئيس المعزول ربما كان يجب اطلاقه لتنفيس الجدل المحيط باحتجازه. وقد قال محمد ابو الغار، رئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي المصري لقناة "العربية" التلفزيونية الاسبوع الماضي ان مرسي يجب ان "يعود الى البيت، ما لم يكن مطلوباً للعدالة".
ولكن عندما اتصلت به "تايم"، قدم ابو الغار وجهة نظر غامضة نوعا ما، اذ قال: "لا اعتقد ان احتجازه كورقة مساومة فكرة جيدة". ولكن في الوقت نفسه بدا انه يؤيد فكرة ابقاء مرسي محتجزاً الى ان يقبل "الاخوان" بالحقائق السياسية الجديدة في البلاد ويتخلوا عن حملتهم الرامية الى اعادته الى منصبه. وقال: "اذا تم التوصل الى اتفاق عام بين الاخوان المسلمين والحكومة الجديدة بشأن وضعية الاخوان ومركزهم، فان من المؤكد ان هذا سيتضمن اطلاق مرسي".
وفي هذه الاثناء يواصل الناس لعبة مستمرة يحاولون فيها ان يحزروا مكان احتجاز مرسي بالضبط. وساعد اعتقاد "الاخوان" انه محتجز في قاعدة الحرس الجمهوري في شمال شرق القاهرة على تحويل المكان الى نقطة اشتعال – وقد انفجرت في شكل عنف قاتل يوم 8 الشهر الجاري عندما اندلعت اشتباكات بين انصار مرسي وقوات الامن خلفت على الاقل 50 من اعضاء "جماعة الاخوان" قتلى.
ورفض الناطق العسكري المصري العقيد احمد علي مراراً وتكراراً الكشف عن مكان وجود مرسي وقال في الآونة الاخيرة ان "في مكان آمن" و"يعامل كرئيس سابق". وفي وقت سابق من هذا الاسبوع، اعترض علي على استخدام كلمة "محتجز" لوصف وضعية مرسي.
وفي هذه الاثناء يواصل محققون جهودهم للعثور على جرائم يمكن ان يتهموا مرسي بارتكابها. وحتى الآن ركزت التحقيقات التي اعلن عنها على الاشاعات المتراكمة منذ فترة طويلة القائلة ان مرسي وقياديين آخرين في "الاخوان" فروا من السجن في وسط ثورة 2011 بمساعدة عناصر من حركة "حماس" الاسلامية الفلسطينية. لكن من الغريب اتباع هذه الزاوية القانونية: ذلك ان اي محام سيجادل بان اعتقال مرسي واحتجازه كان امراً غير قانوني لانه صدر عن نظام الدكتاتور المخلوع المكروه حسني مبارك في احدى حملاته الاخيرة اليائسة.
وتواصل جماعة الاخوان، ربما بعد ان ادركت ان الرياح السياسية تحولت ضدها، تعبئة الرأي العام العالمي لنصرة قضيتها ومن اجل تأكيد وضعية مرسي كسجين سياسي ورئيس شرعي لمصر. وكلما طال امد احتجازه من دون تهم، كلما زادت فرصة ان يلقى هذا الادعاء تأييداً من حكومات اجنبية ومنظمات حقوق انسان دولية.
انها ازمة يأمل ابو الغار بان تحل نفسها بنفسها بسرعة نسبية وبهدوء. وقال: "لا اعتقد انها ستستمر لمدة اطول بكثير. اعتقد انه عندما تهدأ الامور، سيعود (مرسي) الى بيته".