20-07-2013 10:19 AM
بقلم : يوسف ابو شعيب
بعد اغتيال القط ودفنه ، تجمعت الحيوانات أمام بيت الأسد محاولةً الخروج من هذا المأزق وحفظ ماء وجهها بشتى الطرق والوسائل.
دعى الأسد رئيس القطط وقدّمه من أجل القاء خطاب يشرحُ فيه لبقية الحيوانات ما حدث ويقترح ما يمكن فعله للرد على هذا الحدث والمُصاب الجَلل الذي مَسَّ كل حيوان وجَرح احساس كل مفترس لكنّ كبير القطط قدم اعتذارا عن الخطاب وبرر الأمر بضعف بصره الذي يمنعه من القاء أي خِطاب حتى لو كان شفوياً.
بدأت الحيوانات تُتمتم وتتحدث فيما بينها فعم الضجيج والصراخ والصَخب مما جعل الأسد يطلب من الحيوانات وقوف دقيقة صَمت أخرى اجلالا واكبارا لروح القط الفَقيد.
حاول الأسد اقناع الحيوانات بضرورة القاء خطاب ضخم يتناسب مع هذا الحدث وطلب منها أكثر من مرة أن تختار من بينها من يقوم بذلك لكن دون جدوى ، فهي ليست غبية لحد يجعلها تُضحي بنفسها من أجل اسعاد الآخرين والدفاع عن حقوقهم والموت في سبيل كرامتهم وازدهارهم.
وقف الفأر أمام الجموع الغَفيرة – وكان الأذكى على الإطلاق- التي بدا عليها الذهول والاستغراب ...إذ كيف يمكن للفأر أن يتكلم عن الفَقيد وهو خَصمه الأول وعدوه اللدود.
سيدي الأسد..قالها الفأر وقلبه يكاد يتوقف من هول الموقف وعَظمته فهاهو يقف أمام الأسد ويخاطبه وجهاً لوجه...أيها الجَمعُ الغَفير ...أضاف الفأر...، قد يعتقد الجميع أنني الأكثر سعادة بموت القط (بل أشعرُ بشيء أكبر من السعادة) قالها في نفسه...وقد يكون ظنكم في مكانه ( ما أغباكم لو كان ظنكم غير ذلك) تمتم بها ثم أكمل ...لكنني أقف الآن بين أيديكم لأعلن أننا مَعشر الفئران ( أسيادكم في الماضي والحاضر والمستقبل)...تمتم بها أيضاً ثم أردف قائلا ...الأقدر على الثأر لمقتل القط وإعادة الهيبة لهذه الغابة والكرامة لكل حيوان فيها ....
صفق الجميع بحماس شديد واستطرد الفأر قائلا..وعليكم جميعاً أن تساعدونا وتساعدوا أنفسكم حتى لا يتكرر ما حدث وعلى القطط بالدرجة الأولى ، وأعداء الفئران بالدرجة الثانية أن يتوقفوا عن مطاردتها و تشريدها وقتلها حتى نتمكن من انجاز المهمة بنجاح وبأسرع وقت ممكن.
عَلت أصوات التصفيق مرة أخرى وعلت معها نظرة غضب واشمئزاز على وجه كبير القطط الذي بدا غاضباً جداً من تفوق الفئران وشروطها ( هذا ما كان ينقصنا ، الفئران زعيمة الغابة و نحن مجرد خدم وعبيد لها) قالها في نفسه وهو يتمنى لو أن الأمر أصغر من أن تكون الأرواح ثمن له لكان الآن مكان الفأر ينحي بشموخ أمام تقدير واحترام الحيوانات له.
صَعد الأسد إلى جوار الفأر وهنا زادت سعادة الفأرة وكاد لا يُصدق نفسه ( العقل يفعل أكثر من هذا فكيف إذا كنتَ تعيش بين جوفة أغبياء)...قالها الفأر وهو يبتسم ....ثم قال الأسد...نحن على أتم الاستعداد لتقديم كل العون والمساعدة بل وكل ما طلبت وهنا أوجه أمري للجميع على تقديم كل ما تحتاجه الفئران من أجل انجاز المهمة ..( افعلوها فقط وبعدها سيكون حسابكم عسير ) تمتم به الأسد وهو يسلم على الفأر ويتمنى له التوفيق ...والآن عليكَ أن توضح وبالتفصيل خطتك وكل الإجراءات التي تضمن نجاحها.
على الفور بدأ الفأر بالشرح والحديث وكانت الحيوانات تُصغي بكل اهتمام وتَهُز رؤوسها موافقةً على كل كلمة ينطق بها الفأر أو حتى قبل أن ينطقها. ( هُزوا رؤوسكم أكثر ، فأنا متأكد أنكم لا تفهمون شيئاً مما أقول)...كان الفأر يقولها في نفسه وهو يرى الحيوانات توافق على كل شروطه دون أي اعتراض أو فهم.
ثم أضاف ...ويجب على الجميع أن يقدم الطعام والشراب للفئران ويوفر لها كل أسباب الراحة حتى تتمكن من التفكير في هذه المشكلة والتُخطيط لكل ما هو محتمل وقادم .
تفرقت الحيوانات كلٌ ذهب إلى عمله لكنها - وإن كانت لم تفهم شيء مما حدث أو أي كلمة قالها الفأر – موافقة وباصرار على تنفيذ أوامره حرفيا دون تذمر أو كسل.
وهذا ما حدث فعلاً و سارت الأمور كما أرادها الفأر بل ربما أكثر من ذلك ، فالحيوانات بدأت بالتنافس فيما بينها على من يقدم أكثر للفأر بشكل خاص ولجماعة الفئران بشكل عام ولم يتجرأ أي حيوان حتى لو بينه وبين نفسه أن يسأل عن المهمة أوانجازها أو إلى أين وصل العمل عليها أومتى يمكن للفئران أن تنتهي منها وهكذا أصبحت الفئران هي الطقبة الحاكمة في الغابة وصور ذلك الفأر معلقة على كل شجرة من أشجارها حتى قيل أنهم شاهدوا صور الفأر على جُدران بيت الأسد.
.