22-07-2013 10:03 AM
بقلم : د.علي سالم الصلاحين
ذهب موسى عليه السلام لمناجاة ربه , وترك أخاه هارون خليفة في قومه ،فقام السامري بما قام به من النكوص وصناعة اله بني إسرائيل لعبادته من دون الله ،وقام هارون عليه السلام على نصحهم ولكنهم لم يقبلوا ،وحين عاد موسى من رحلته (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) فقد خاف هارون أن تتفرق كلمة بني إسرائيل إن تركهم ولحق بموسى فينقسموا إلى فريقين على عبادة العجل والأخر يلحق به هذا الفهم من هارون عليه السلام كان نتيجة موازنة بين اللحاق بأخيه والتبرؤ مما فعل بنو إسرائيل ،وبين خوف الفرقة بين بني إسرائيل وتشتت شملهم ،فآثر الإقامة معهم ، والعجل يعبد على مرأى منه على الفرقة والشتات والهرج. وفي الرحلة التعليمية التعلمية(التربوية) التي قام بها موسى عليه السلام مع الخضر الذي قتل الغلام وخرق سفينة المساكين وفي كل مرة يعترض موسى على عمل الخضر من إتلاف للمال وقتل النفس الإنسانية ؛فأجابه الخضر بقوله(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ،وَأَمَّا ْالغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ،فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) قد علّمنا الله تعالى على لسان الخضر على السلام كيف نوازن بين الإبقاء على سفينة معيبة ، وبين ذهابها بالكامل ، ولا ريب أن بقاءها معيبة اخف شرا واقل ضررا كما علمنا أن موت نفس واحدة اخف شرا من هلاك نفسين ،(غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) حين نزلت هذه السورة الكريمة فرح المؤمنون لأنها تحمل البشرى بعودة الكّرة للروم على الفرس ، وكانوا يحبون ذلك لان الروم أهل كتاب ، كما أن المسلمين كذلك، فقد كانت قريش تتمنى أن يظهر الفرس ؛لأنهم مثلهم ومع أن الروم مشركون في نظر المسلمين إلا أن هناك بعض نقاط الالتقاء فقد أباح الإسلام ذبائحهم ونكاح نسائهم ، ولم يكن ذلك جائزا بالنسبة لعباد الأوثان من الفرس وأشباههم ، إن فرح المؤمنين يدل على قدرة عالية في التفريق بين الشر الكبير المتطاير في كل الاتجاهات والشر الصغير الذي يحتمل السيطرة عليه ، وهم بفرحهم بانتصار الشر الصغير على الشر الكبير يعبرون عن رؤية مرنة في الفهم يحتاجها المسلم في كل زمان ومكان ، هذا البناء للعقل الإنساني المسلم حتى يشعر أنه حينما يسلك دربا سلكها خيار البشر من قبل الأنبياء ولكي يكون جزءا من النظام الشعوري والمحك المرجعي فيما بعد .