بقلم :
في رمضان عام 2008م، بعد انتهاء ساعات العمل بدقائق، كنت مغادراً مكتبي بإتجاه موقف السيارات برفقة أحد الوملاء، وإذ بنحو سبعون طالب من ذوي الذقون الخفيفة يقطعون الطريق ويسطفون على شكل دائرة، يهتف أحدهم: (( تكبيــر ))، ويرد خلفه الأخرون: (( الله أكــبر )). وكانت تبدو على وجوههم مظاهر التعب والإرهاق والغضب في ذات الوقت، وكأن الصيام أخذ حقه منهم والحدث الذي أثارهم أخذ حقه منهم هو الأخر.

تابعنا مسيرنا وبعد أمتار قليلة كانت مجموعة من رجال الأمن يقفون إحترازاً لأي فعل من الممكن أن يقوم به هؤلاء، فتوجهت بسؤال لرجال الأمن عن أمرهم، فأجابوني بأن حدث شجار بينهم وبين رئيس اتحاد الطلبة، وزاد أحدهم قائلاً: "قرابتك أستاذ"، وكان حينها رئيس اتحاد الطلبة ليث عبيدات أحد طلاب كلية العمارة والتصميم الخلوقين، ومن ثم سألتهم عن ليث وأين هو الأن، أجابوني بأنه في عمادة شؤون الطلبة بحماية عدد من رجال الأمن وموظفي العمادة.
تجاوزت حينها القوانين الوظيفية التي تحكمني واستقليت سيارتي وتحركت بأتجاه عمادة شؤون الطلبة للأطمأنان على ليث، وما لبثت الوصول إلى مكاتب العمادة وإذ بجموع كبيرة من الطلبة تملأ المكان، ويهتف أحدهم "تكبير" ويرد الأخرون "الله أكبر"، وبدأت هتافاتهم وشتائمهم وأخذوا يضربون كل ما يمكن ضربه، فكسروا بعض أبواب المكاتب ومرفقاتها بحثا عن ليث وعن أثنين من الطلبة من أقارب ليث، كان موظفوا العمادة أغلقوا عليهم أحد المكاتب حفاظاً على سلامتهم. تدخلت حينها وأستطعت أن أخرج ليث ورفاقه بسلام، بعد أن لجأت للحوار والنقاش مع قادتهم حتى وصلت معهم إلى تفاهم عشائري لحل الأزمة. وتبين إن الخلاف كان سببه، إن أحد طلبة الإتحاد وهو يقوم بواجبه بإرشاد الطلبة الجدد، قام بإرشاد إحدا طالبات جماعة الإخوان، الأمر الذي إعتبروه تدخل في شؤونهم وتعرض لبناتهم.

أصدرت الجامعة حينها قرار بالفصل بحق ثمان أو تسعة طلاب منهم، الأمر الذي أدى إلى غضب جماعة الإخوان، وحركوا طلبتهم ونظموا إعتصاماً أمام مدخل الطلبة في الجامعة إحتجاجاً على القرار ... ؟!
يعتصمون في رابعة العدوية مطالبين بعودة مرسي .. ويهتف أحدهم: "تكبير" وترد الحشود "الله أكبر" ...
تجوب مسيراتهم شوارع عمّان مطالبين بإصلاح النظام وقصدهم إسقاطه .. ويهتف أحدهم: "تكبير" وترد الحشود "الله أكبر" ...
يحاربون لإسقاط الدولة السورية، ويظهر تسجيل فيدو لأحدهم وهو يمسك برأس رجل ويقطعه بعد أن يهتف "تكبير" ويرد من حوله "الله أكبر" ...
يحاولوا أن يمنعوا إتحاد الطلبة من القيام بإرشاد الطلبة، ويعتدون على الممتلكات العامة بالتكسير ويعتدون بالضرب على زملائهم الطلبة .. ويهتف أحدهم "تكبير" ويرد الأخرون "الله أكبر" ...
السؤال: هل فعلاً انتم المسلمين الوحيدين في هذه المعمورة وبقية الخلق هم كفار واستبحتم دمائهم، فلذلك تستمتعون بهذه العبارة "تكبير" .. "الله أكبر" .... فإذا كان الأمر غير ذلك فعلى من "تكبرون" إذاً.
سهم عبيدات