29-07-2013 11:01 AM
بقلم : د.محمد عدنان القضاه
نشرت جريدة الرياض بتاريخ 17/فبراير 2008, العدد 14482 قصة عجيبة لعلها الأغرب فيما سمعت في العصر الحديث ,وتدور أحداث هذه القصة حول خصومة بين أخوين احتكما إلى القاضي ليحكم بينهما بخصوص رعاية والدتهما العجوز التي أتى الكبر والمرض عليها حتى لم يبقى منها سوى العظام النحيلة ,وما يكسوها من لحم وجلد ضعيف .
كانت الخصومة عكس ما يكون عادة بين الناس ,حيث يريد كل واحد منهما أن يستأثر بخدمة أمه لأنه يرى أنه الأحق بها من الآخر فبعد أن كبر حيزان الشقيق الأكبر لغالب طلب منه غالب أن يترك له خدمة امه العجوز لأنه الأقدر على حمل مسؤوليتها ,فرفض حيزان وأصر على انه الأحق بهذه الخدمة وهذا الأجر مما جعلهما يحتكمان الى القضاء وعندما حضرا إلى مجلس القاضي دخلا وقد وضعاها بكرتون يحملانه معا, ووزنها لا يزيد عن العشرين كيلوغرام .
فقدم كل منهما حجته وكا نت حجة غالب أنه اكثر قوة من أخيه حيزان ويستطيع خدمة أمه اكثر منه ,إلا أن حيزان أصر على أنه الأحق بهذه الخدمة وأجرها ,وبعد النظر في القضية من قبل القاضي حكم القاضي بأن تعيش العجوز مع ولدها غالب الأصغر سنا والأفضل صحة والذي يقطن ببلد غير بلد حيزان وكان الحكم أشبه ما يكون بالصاعقة على حيزان الذي أجهش بالبكاء ,وأصابه الحزن الشديد ثم تعانق مع اخيه غالب ودموعهما تنهمر من عيونهما و خرجا من عند القاضي وهملا يحملان أمهما معا لترجع مع غالب ويعود حيزان وقد خسر خدمة أمه التي يعتبرها الكثير تجارة خاسرة ......
يذكر ان حيزان يتقاضى راتبا شهريا مقداره( 1166) ريال سعودي أي ما يعادل (200) دينار أردني تقريبا وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الفقر هو فقر الأنفس وليس فقر الجيب ,وأن الغنى كذلك هو غنى النفس فكم من فقير بار بوالديه وكم من غنى يملك الكثير ويبخل على والديه بأدنى متطلبات الحياة .
لقد طبق حيزان وغالب الدين سلوكا لا قولا ويعتبر برهما بوالدتهما من أعظم وأجل العبادات التي يتقرب بها العبد الى ربه ومن خلال ما سبق يمكن القول أن الخير ما زال موجودا في أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأن هذه الأمثلة المشرفة ولله الحمد تشر ح الصدور, وتبعث في النفوس الأمل ,وتحيي معاني الوفاء والنبل والكرامة .
اللهم ارزقنا بر والدينا واغفر لمن مات منهم يارب العالمين