29-07-2013 11:58 AM
سيدي جلالة الملك، حفظكم الله تعالى ورعاكم، تكثر الأصوات التي تطالب بتعديل وتبديل وزاري وتشكيل حكومي او تعديل أو غير ذلك من عمليات جراحية في حق الحكومة، وما التعديل والتبديل والتشكيل الحكومي كما يريدون وبلا رؤية وهدف منشود الا هروب من المجهول الى المجهول ، وذلك للأسباب التالية:
1- نعيش أزمة اقتصادية خانقة من مظاهرها الفقر والبطالة والعنف المجتمعي، والحراك الشعبي المطالب بالاصلاح والعدالة، ومن أسبابها الاوضاع السياسية الراهنة على الساحة الاقليمية، وتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية في الأصل وحتى قبل الربيع العربي
2- منذ بداية الربيع العربي عشنا عدة حكومات وعشنا برلمانين، وعشنا مبادرات مبعثرة وعشوائية للحلول، ولم ترى النور لما ذهبت الحكومات التي تبنتها
3- يعتقد البعض بل الكثيرون بأن الحل يكمن بتعديل او تشكيل وزاري
4- وما سبق هو هروب من المجهول الى المجهول، وتطبيل صالونات سياسية لتوزير سين أو صاد فقط
5- لن ياتينا رئيس وزراء بما أتي به يوسف عليه السلام لحل ازمة مصر الاقتصادية في سنوات الجفاف
6- الحل اليوم لا يكمن بالاشخاص وتبديل الوزراء، حيث أن شح الموارد المالية امام ارتفاع النفقات الجارية والرأسمالية مع العجز وارتفاع خدمة المديونية، تشكل التحدي الاول والأخير لأي حكومة عاملة
7- الحل يكمن بثلاثية واضحة حتى نبقى ونستمر ونعيش ونستدام، وغير ذلك فالحلول صعبة والامور ستتجه نحو المجهول، لا قدر الله تعالى،
الثلاثية تقول وبعد عيد الفطر مباشرة:
أ- تبني خطة تقشف مالي خمسية واضحة المعالم في النفقات الجارية والرأسمالية بدءا بمؤسسة الديوان الملكي ومرورا بكل الوزارات والمؤسسات المستقلة (والهدف دعم الخزينة والنفقات الاساسية)
ب- وبالنسيق مع مجلس النواب، فتح باب التبرعات الشعبية لدعم الخزينة ويعلن ذلك على الملأ، وجلالة الملك وأصحاب السمو الامراء سيشرفون بداية الحملة بتبرعاتهم، وهذا ليس بغريب على الهاشميين أصحاب المواقف التاريخية (والهدف الوصل الى ما قيمته نصف مليار دينار من التبرعات)
ت- اقتطاع 2% من اجمالي رواتب القطاع العام الشهرية وبما فيها التقاعدية لصالح الخزينة، ويترك الامر للقطاع الخاص لتقدير مساهمته بذلك، هذا الجزء من الثلاثية يأتي بعد تطبيق النقاط أ + ب ، لكي يشعر الجميع بأننا في قارب واحد والجميع مسؤولون لنجاة هذا القارب، (والهدف تشغيل العاطلين عن العمل على مدى أربعة أعوام – يوجد تفاصيل لاحقة)
ومن ثم وفي نهاية العام الحالي يتم التشاور لتشكيل حكومة تحمل ثلاثة ملفات هامة، برؤى هادفة وتنفذ بخطط مرحلية، وهي:
1- ملف الامن الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما يشمل كذلك حلول لأزمة اللاجئيين السوريين وعودتهم لوطنهم وبما يضمن أمنهم واستقرارهم، وحلول لتفشي ظاهرة العمالة الوافدة المخالفة، ووقف العنف المجتمعي والجامعي بالتوعية والحزم بتطبيق القانون، والحزم بتطبيق قانون الكسب غير المشروع لبت الشعور العام بالعدالة
2- ملف الوضع الاقتصادي، واحلال الصناعات الوطنية مكان المستوردة (أمر غاية في الأهمية بالتوازي مع البحث العلمي الوطني التطبيقي لتطوير الصناعات)، كحل لا بديل عنه لحل مشاكل البطالة بين صفوف الشباب، مع أخذ تحديات ملفات المياه والطاقة بعين الاعتبار هنا
3- ملف النضج السياسي والحزبي، والانتقال بالمملكة الى مرحلة تشكل بها الاحزاب الحكومة، على
أن تكون الاحزاب همها الاول والاخير الوطن فقط
وبالتوازي مع ذلك، يتم اعادة تشكيل مجلس الاعيان، والذي سيقوم بتنشيط لجانه وبرامج عمله، ويكون مجلس رشيق متحرك، محفزا للعمل ومعظما للانجازات، وموجها للمزيد، كما ويتم اعادة تشكيل كل مجالس الادارات والهيئات الحكومية المختلفة، وسيأتي ذلك مباشرة بعد الانتخابات البلدية.
حل على المسار السريع
أصبحت البطالة وما ينتج عنها من الفقر اليوم وببساطة مسؤولية كل من يعملون ويتقاضون رواتب، وكل من يتقاضون رواتب تقاعدية أو ضمان، حيث أنه وبكل شفافية ووضوح تبلغ نسبة النفقات الجارية في الميزانية 84% ، وتشكل مخصصات رواتب المدنيين منها ما مقداره 1.5 مليار دينار سنويا، أي بما نسبته 20.5% من الميزانية كاملة، وتبلغ نسبة العاطلين عن العمل بين الشباب حوالي 38%. (حوالي 200 ألف شاب وشابة)، وبالحقيقة لا يوجد المال المطلوب لدى الحكومة لحل المشكلة.
تحليل الواقع:
1- نحن بحاجة لمشاريع تنموية ناجحة تحتوي هؤلاء العاطلين عن العمل، وتشتمل على الصناعات المختلفة والصناعات الغذائية وصناعة الملابس والمستلزمات اليومية المختلفة وغيرها، والتي نستوردها من خارج البلاد، أو التي فيها احتكار، والوطن للجميع
2- الاستيراد للمنتتجات الاستهلاكية الجاهزة يبعثر العملة الصعبة، والاستيراد للمنتجات الجاهزة ضعف وسوء فينا، ويعني أننا نوفر فرص عمل لغيرنا خارج البلاد،
3- نحن نشامى وعقول مبدعة ونستطيع تصنيع ما نحتاج للاستهلاك الداخلي وتصديره أيضا
4- الذين على رأس عملهم أو يتقاضون رواتب تقاعدية او ضمان بحاجة لعوائد استثمارية ولو يسيرة
5- الدولة بحاجة لتكريس دورها وهيبتها بمشاريع وطنية للشعب، أي عكس الخصخصة، فالدولة هي الشعب والأرض والحكومة، وهل يعقل أن لا يكون لها مشروع ضخم بملكية كاملة؟
الناحية الفنية:
6- ماذا لو اقتطعنا من اجمالي الرواتب المدنية 2% شهريا لتأسيس شركة شعبية وطنية تدعى "شركة الشعب للانتاج" بقانون واضح وبمساعدة عقول وطنية نيرة مبدعة في الاقتصاد والصناعة والاستثمار؟
7- سيكون المبلغ الشهري 2.5 مليون دينار شهريا
8- ماذا لو وضعت الحكومة ضعف المبلغ شهريا فوق ذلك لحفظ حصتها في الشركة؟
9- سيصبح ذلك 5 مليون دينار شهريا
10- ماذا لو قمنا من خلال "شركة الشعب للانتاج" وفي كل شهر وبتخطيط سليم وناجح وعلمي وعملي مع مخافة الله بالمال العام، وتطبيق نهج الرقابة والمحاسبة باستثمار هذا المبلغ الشهري، بفتح مصنع أغذية أو مصنع ملابس أو مصنع غزل ونسيج، او شركة تعدين، والمشاريع الزراعية، والمشاريع التنموية الصحية والرفاهية والخدمية، او صناعات عسكرية دفاعية خفيفة ومتوسطة، أو مشروع سياحي، أو مشروع نقل، أو مشروع بنية تحتية ذات مردود مالي، أو مشروع شراء أراضي ورفدها بالتنظيم والخدمات والبنية التحتية وبيعها، أو شركات اسكان، أو قروض المرابحة البنكية الاسلامية، أو مصانع مواد البناء المختلفة، أو مشاريع تسمين الحيوانات المنتجة للحوم الحمراء، أو مزارع دجاج لاحم وبياض، وتصنيع منتجات الالبان ومشتقاتها وتعليب الأغذية والمنتجات الزراعية، أو مصانع لمنتجات نستوردها من هنا وهناك، ونحن قادرين على تصنيعها، حيث أنه لا خير في أمة تاكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع، وهنالك أفكار كثيرة لمشاريع ذات عوائد وجدوى اقتصادية، ضمن هامش من الربح، واحتساب المخاطر، والتطوير والتحسين الدائم على المنتج
11- لدى المدن التنموية والصناعية البنى التحتية والفوقية لكثير من المشاريع، ووزارة التخطيط لديها خطط لعشرات المشاريع التنموية المدروسة التكلفة والعوائد، ولدى هيئة تشجيع الاستثمار عشرات الفرص لمشاريع استثمارية كبرى مدروسة التكلفة والعوائد في المملكة، وكلها تحتاج التمويل
12- ماذا لو وزعنا مواقع هذه المصانع والمشاريع والشركات جغرافيا على محافظات المملكة؟
المخرجات المتوقعة:
1- في الحسابات العلمية الاقتصادية كل حوالي عشرة آلاف دينار توفر فرصة عمل واحدة، وهذا يعني أن كل خمسة ملايين (المبلغ الشهري) ستوفر 500 فرصة عمل (خمسمائة فرصة عمل)، وذلك لو كلف كل مشروع معدلا خمسة ملايين دينار، حيث اننا نتحدث سنويا عن 6000 فرصة عمل مباشرة، وهنالك فرص عمل غير مباشرة ستنعكس عن ذلك بمقدار حوالي 25%، وهذا يعني توفير ما معدله حوالي 10000 (عشرة آلاف) فرصة عمل سنويا،
2- ماذا لو كان المشروع مفتوحا لرفع نسب المساهمة، ورفعنا نسبة الاقتطاع الى 3 % شهريا، ودخل في الحسبة رواتب الجهاز العسكري، والضمان والتقاعد، ودخل فيه القطاع الخاص كشريك، وموظفو القطاع الخاص كذلك، وكانت مجاميع الاقتطاعات الشهرية تصل الى 25 مليون دينار، أعتقد بأننا سنصل الى ما لا يقل عن 60000 (ستون ألف) فرصة عمل سنويا، أي بالدراسات الاكتوارية مع احتساب هوامش الربح، وادخال كل من سيشغل فرصة عمل في الاقتطاع، سنحتوي كل العاطلين عن العمل من السنوات السابقة، زائدا خريجي الجامعات والمعاهد والباحثين عن عمل خلال اربعة سنوات قادمة فقط (بعون الله تعالى) وعددهم مائتي ألف شخص، وسيكون بأولويات حسب السن وسنة التخرج والنواحي الانسانية ضمن أسس واضحة
3- سوف تحتوي هذه المشاريع التابعة ل "شركة الشعب للانتاج" هؤلاء العاطلين عن العمل، وذلك بحاجتها من الكوادر الفنية والادارية والتشغيلية، والتدريب وبناء القدرات، والتخطيط، ورفع جودة الانتاج، والتسويق، ونقل مدخلات ومخرجات الانتاج، والتصدير للخارج، وكل ما يوفر فرص عمل حقيقية بلا بطالة مقنعة
4- سيخفض ذلك من الارتفاع المتسارع في اسعار المواد التموينية، وعبيء دعم الحكومة لها، ويفتح باب العمل للشباب، ويحل مشاكل مجتمعية ومرتقبة لا قدر الله تعالى، وسيعود بالنفع المالي من الارباح على الذين اقتطع من رواتبهم، وسوف يعيد للدولة قدرتها المالية، وصناعة قرارها الكامل بلا شروط من مقدمي المساعدات، ونستحي على أنفسنا من الشحدة وتقبيل يد هذا وعجيزة ذاك، ويكون لنا قوة بين الامم، واكتفاء غذائي، وأمن غذائي محلي
5- وسوف ينشط ذلك سلسلة الفائدة في المملكة، ويحرك البلد اقتصاديا بتوفير السيولة، وينعش القطاعات المختلفة
6- وسوف يخلق جوا من التنافس الحر بين أرباب الصناعات والانتاج الخاص مع شركتنا "شركة الشعب للانتاج"
7- وحتى لا يجزع من يقرأ ذلك خوفا على اقتطاع 2 % من اجمالي الراتب شهريا، فذلك لن يزيد عن دينارين عن كل مائة دينار في الراتب، والعوائد استثمارية وواعدة، ومجتمعية، وفيها مخافة الله بالجيل الذي يضيع ولا نشعر به، وفيه سؤدد ومجد، وفيه و طنية لكل من يدعيها بالقول
8- ويمكن ان يكون الأمر طوعا بالاقتطاع لمن يريد الحل، ولمن يريد الاستثمار، ولمن يريد مخافة الله تعالى في العاطلين عن العمل
9- سوف يتذرع البعض بالقول "رجعوا اموال الفاسدين"، أو "آه بدكو عشان تروح قروشنا للفاسدين"، فصدقوني أن الفساد قصة سوف تكون سبب هلاكنا ان جمدنا كل شيء بسببها، أو بالتذمر والشكوى والعقم أمام التقدم والازدهار
10- سوف تدعم الدولة "شركة الشعب للانتاج" وذلك بوقف استيراد الكثير من المنتجات من الخارج او رفع رسوم جمركها، وذلك لتشجيع الناس للاقبال على المنتج المحلي، وسوف تقدم الدولة والحكومة كل التسهيلات للشركة، وسوف تنظم وتحدث بعض القوانين والانظمة من اجل ذلك، والوطن للجميع اذا ازعج ذلك البعض ممن يستفيدون من بقاء الوضع على ما هو عليه، ويأكلون الاخضر واليابس
11- سوف يخلق هذا شراكة فاعلة وثقة وتعاون بين الحكومة والمواطن، فالمواطن همه نجاح الشركة لكي يجد ابنه فرصة عمل، ولكي تتزوج ابنته في سن الزواج، ولكي يتجنب كوارث مجتمعية، ولكي نبقى، ومن اجل الاستدامة التي يطلقها الوزراء وغيرهم كشعارات رنانة في خطاباتهم ولا يعرفون معناها
12- وسوف يهديء هذا الحل الشارع
13- وسوف نصبح مجتمعا منتجا لا مستهلكا
14- وأعتقد جازما بأن ذلك سيوفر مصدر دخل جيد من العوائد الاستثمارية لأصحاب المشروع وهم الذين يدفعون 2% شهريا من رواتبهم لشركة الشعب للانتاج
15- يمكن للمشروع ومن حصة الحكومة وبعد ستة سنوات تقريبا البدء بالمساعدة في سد المديونية التي أثقلت على كاهل الموازنة وذلك خلال فترة وجيزة
16- يمكن أن يتبنى المشروع بعد أن ينمو ويصبح ذات قدرة وملاءة مالية، مشاريع وطنية ضخمة كمشروع بيع الطاقة الكهربائية من خلال بناء المفاعل النووي، ويمكن أن يتبنى مشروع ناقل البحر الأحمر والبحر الميت لتوفير مياه الشرب والطاقة ورفع مستوى البحر الميت
17- سيكون الجميع شركاء، وسيعزز العمل المشترك دواعي الانتماء والمواطنة الصالحة
18- سيكون مؤشر الرفاه الاجتماعي فيما بعد في مملكتنا الحبيبة مساوي لمؤشرات الرفاه الأوروبية بعون الله تعالى
19- سوف يوجد هذا الحل نوعا من الانفراج لدى الناس، وتعاد الثقة بمؤسسات الحكومة، ليحل ذلك مكان حالة من اللاثقة، والحقد وافتراض سوء النوايا، والعنف والتي بدأت تظهر اليوم جلية في مجتمعاتنا
آليات التنفيذ
1- يتم دراسة المبادرة من الجوانب التالية (احتمال مدى الموافقة المجتمعية عليها، الكلف والعوائد والجدوى الاقتصادية، قابلية التطبيق عمليا، النواحي الادارية والفنية واللوجستية، الأنظمة والقوانين)
2- في حال تخطي المرحلة الأولى بنتائج ومعطيات تشير للنجاح، يعرض الموضوع بآلية معينة على المواطنين كمبادرة وطنية
3- تلقي التغذية الراجعة من المواطنين والفعاليات الشعبية المختلفة
4- في حال التوافق، توضع القوانين والأنظمة الخاصة بالشركة وما ينبثق عنها من مشاريع مختلفة
5- يوضع رأس مال حكومي كنواة للشركة
6- يتم تسمية المشاريع ومواقعها المختلفة بالعودة لمعطيات وزارة التخطيط وهيئة تشجيع الاستثمار
7- يبدأ الاقتطاع من الرواتب المختلفة وتلقي المشاركات المالية
8- يتم البدء بتشغيل المشاريع ضمن خطة زمنية
9- تقوم الحكومة بخطوات تشجع منتجات الشركة والاقبال عليها خاصة فيما يتعلق بعملية الاستيراد والحد منها
ايها القوم الطيبون الكرام، اعلموا أننا جميعا شركاء في المسؤولية، وأن بقاء الوضع على ما هو عليه بلا نمو اقتصادي سيوصلنا في يوم من الأيام الى عدم قدرة الدولة على دفع الرواتب، واذا أردنا مخافة الله تعالى، فان البطالة والفقر وما سينتج عن ذلك من مشاكل ستمس الامن القومي والمجتمعي، وهي من مسؤولية كل من يعمل أو يتقاضى رواتب تقاعدية أو ضمان، فلا تنتظروا الحلول من الحكومة وحدها، فالميزانية واضحة وبنودها (يا دوب) تكفي المصاريف الجارية، والمؤشرات بصراحة غير مطمئنة، والحل لن ولن ولن وألف لن يكون بالاعتصامات أو الاضرابات المطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد، حيث أنه وبكل شفافية ووضوح تبلغ نسبة النفقات الجارية في الميزانية 84% ، وتشكل مخصصات رواتب الجهاز المدني منها ما مقداره 1.5 مليار دينار، أي بما نسبته 20.5% من الميزانية كاملة، في حين تبلغ نسبة العاطلين عن العمل بين الشباب حوالي 38%.
أسألكم بالله الواحد الأحد أن تنظروا لهذا الحل بجدية، فوالله لن تندموا، ووالله سيجنبنا هذا ما لا يحمد عقباه اذا بقينا ننتظر الحل من الحكومة القادمة ومجلس النواب المنتخب وحدهم، حيث انني شخصيا أؤمن بحلولهم، ولكنها طويلة الأمد، ولن تكون بلسما شافيا لحلول سريعة أصبحت مطلبا وقتيا ملحا وواقعيا، ولن نستطيع تجاهله، ولن تردنا أية مساعدات تحل المشكلة، والحل هو الذي رأيتموه فيما سبق من المقال.
يقول الله تعالى " وقفوهم انهم مسئولون، ما لكم لا تناصرون، بل هم اليوم مستسلمون" صدق الله العظيم.
كلنا اليوم مسئولون، فعندما نسأل ماذا يمكن أن ينتج عن البطالة المرتفعة، نجد الكثير من الأجوبة المخيفة والتي تنذر بالشؤم على الجميع، وعلى أسباب البقاء والاستمرار، وعلى كل مواطن منا في بيته، فمنها ارتفاع سن العنوسة، ومنها دخول عادات عجيبة غريبة على مجتمعاتنا، ومنها توسع الفجوة في المجتمع بين الطبقة الفقيرة والغنية، وخلق فئة تميل للاجرام والقتل من أجل لقمة العيش (حيث أن الجوع كافر)، ومنها انتشار المخدرات والحبوب والتهريب، ومنها التواطؤ في السرقات والفساد والجريمة المنظمة، وتفشي الجرائم الاخلاقية والمضي بنا الى المجهول، ومها قطع الطريق، ومنها تكلفة لا داعي لها لما تقوم الاجهزة المختلفة بردع هذا وذاك، ومنها أن اختي واختكم وابنتي وابنتكم، وابني وابنكم، وأخي وأخيكم، وابن عمي وابن عمكم، وابن خالي وابن خالكم، وغيرهم ممن تحبون وتتقون الله عز وجل فيهم من العاطلين عن العمل يضيع سن شبابهم وزهرة شبابهم وهم ينتظرون العمل، ونحن الذين على رأس عملنا نضرب عن العمل ونعتصم من اجل زيادة الرواتب، وهم لا يجدون كفاف يومهم، ونحن مسلمون نصلي ونصوم ونحج ونعتمر ونؤمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن هل ننسى هؤلاء، وهل ندعهم يضيعون؟ فالأردن بيتكم وأهلكم وأرضكم وأمكم ووطنكم الذي لا وطن لنا سواه، يقف اليوم مستصرخا مستنجدا أبناءه، وما عاد التهرب من المسؤولية يجدي، فكلنا اليوم مسؤولون،،،،
حلول على المسار المتوسط والطويل الأمد
1- مقدمة:
يفرض علينا واقع الحال اليوم تبني وضع استراتيجية وطنية توحد الصفوف والجهود وتتحول المطالبات من مظاهرات في الشارع الى منهجيات موثقة وخطط عمل نعرف من خلالها الفساد ومتى وكيف يكون، ونعزز الرقابة والمحاسبة من ناحية، ونفعل القانون الذي يعيد مقدرات الوطن للوطن من ناحية أخرى. وأن نتبنى كذلك استراتيجية اجتماعية توعوية تعيدنا الى الرشد والى تعاليم ديننا الحنيف، ووضع استراتيجية اقتصادية تدرس الموارد الوطنية المختلفة بأشكالها القائمة والكامنة وتستشرف المستقبل القريب والبعيد بملخص مفاده أين نحن، وماذا نريد، وكيف نحقق ذلك، من خلال نماذج وسيناريوهات واقعية، اطارها مخافة الله تعالى وفتح الباب الاوسع للمشاركة في صناعة القرار الحكومي والشراكة بين قطاعات المجتمعات المحلية والحكومية ومن خلال الكثيرين من أبناء المملكة الذين لديهم ما يقدموا.
2- وضوحية الهدف والمنهجية المبرمجة طرق للحل المباشر:
هنالك شارع يتذمر ويؤمن بالاشاعة ويفترض سوء النوايا تجاه المسؤول والحكومة، وهنالك بعض الاعلام الذي يبحث عن سبق اعلامي وصحفي وخبر طازج ولو كان على حساب المصداقية احيانا، وهنالك البعض (قلة قليلة اتأمل ذلك) ممن سيحاولون مكافأة من وقف في صفهم في مرحلة الانتخاب البرلماني، ولتعزيز القاعدة الانتخابية لهم، ولو على حساب الأنظمة والقوانين والمال العام والتنافس الحر الشريف والنزاهة والشفافية والمصداقية، وهنالك صالونات سياسية من صناع قرار سابقين تحاول الاطاحة بكل حكومة تشكل، وهنالك أصحاب مصالح كبرى سيطيحون بأية حكومة أو مسؤول يقف بطريق مصلحتهم اذ يطبقون القانون. وفي النهاية فالكل ينهش بجسد الدولة، والاقتصاد وهو العمود الفقري للأمور ينكمش أمام ذلك أجمع، وأصبحنا نضيع وسط الزحام.
فالحل يكمن في ثورة بيضاء دعا لها جلالة الملك، وخطة نهوض وطني اجتماعية اقتصادية واضحة الاهداف والمعالم والبرامج الزمنية للتطبيق، وقياس مراحل التقدم والمخرجات من خلال جهاز تنفيذي عام للمملكة كاملة، وارساء قواعد شراكة حكومية مجتمعية لمحركات ذلك النهوض في كافة مناطق المملكة.
3- تشخيص لواقع الحال:
يتمتع المواطن الاردني بخدمات يومية تستحق الشكر –فبالشكر تدوم النعم- حيث تقدم الحكومة الخدمات العامة والبلدية للمواطنين من بنية تحتية وفوقية كالطرق والجسور وتشغيل خدمات المياه والكهرباء والهاتف وشبكات المعلوماتية، وتعليم أساسي وجامعي ورعاية صحية وخدمات توعوية ودعم لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة، وتوفر الوظائف قدر الامكان للمواطنين من خلال ديوان الخدمة المدنية وذلك بالتوازي مع توفير الامن الداخلي والاستقرار من خلال الاجهزة الامنية المختلفة ورعاية القضاء بنزاهة وشفافية، بالاضافة الى تنظيم عمل قطاعات البنوك، وتوفير قطاعات هامة لادارة مصلحة المواطنين كدوائر الاراضي والضمان الاجتماعي والاحوال المدنية والمحاكم الشرعية وغيرها. كما وترعى الحكومة قطاعات النقل العام جويا وبريا وبحريا، وتوفر الرقابة على غذاء وقوت المواطن، وتنظم عملية الاستيراد والتصدير، وتقدم الحكومة الدعم للمواد التموينية الاساسية، وتدعم المشتقات النفطية وبالتالي ما يتعلق بصناعاتها التحويلية أو ما يدار بالطاقة النفطية، وما سبق مثال وليس على سبيل الحسر.
الا أنه قد حصل تغير مناخي متسارع الوتيرة في العقد الاخير على المستوى العالمي أدى الى قحط أو أعاصير أو فيضانات في كثير من دول العالم مما ادى الى تدني انتاجية الاراضي والحقول والمحاصيل في الوقت الذي يزداد فيه سكان العالم ويرتفع الطلب على تلك المنتجات سواءا محليا في دول الانتاج أو الدول المستوردة، مما زاد سعر المواد التموينية بأشكالها ولفت انتباه العالم لدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بالامن الغذائي. هذا وقد زاد بنفس الوقت الطلب العالمي على منتجات النفط في الوقت الذي يشهد العالم فيه ازمات سياسية غيبت بعض الدول المنتجة للنفط، مما رجح كفة أسعار النفط في معادلة العرض والطلب. كل ذلك أتى مع الازمة الاقتصادية العالمية والتي بدأت بافلاس بعض البنوك في أمريكا بعد تردي سوق العقار لديهم.
لقد أفرز مجتمعنا تغيرات في انماط الحياة الاجتماعية الاقتصادية والاستهلاكية، وبدت الكثير من مظاهر الترف والبطر والتبذير في بعض الاوساط، مما حدى بالكثيرين اللحاق بذلك الركب. فأصبح الطفل والمراهق يستعمل الهاتف النقال، والبعض يبذر في العرس آلاف الكيلوات من اللحوم، ويطلقون العابا نارية في مناسبات تقليدية اعتيادية يومية بين نجاح أو تخرج أو حتى الطهور تبلغ تكلفتها في المناسبة الواحدة وعلى رب الاسرة صاحبة المناسبة ما لا يقل عن ثلاثمائة دينار استكمالا للبريستيج، وتقام للابن الواحد للخطبة حفلة للرجال وحفلة للنساء، وللعرس حفلة غداء عند الظهر وحفلة في المساء بالصالات الكبرى والفنادق وفي الفاردة تسير مئات السيارات فتغلق الشوارع وتستهلك ما لا داعي له من الطاقة، وأصبح امام كل بيت ما لا يقل عن أربعة سيارات، وأصبح الكثيرون لا يركبون الا سيارات الدفع الرباعي ذوات المحركات الضخمة، وأصبح والد العروس ممن يطلب يد ابنته شروطا تعجيزية وتصبح خمسة بخمسة بخمسة (خمسة آلاف دينار للذهب وأخرى للاثاث واخرى للمؤخر)، وانتشرت الولائم والتي لا ترضي الا اصحاب النفوذ والمناصب وتترك الفقراء والمساكين، وأصبحت الأسر نتباهى بالخادمات، ولا نرى في الاحياء الغنية سوى الخادمات واهلها لا يخدمون أنفسهم، ويجب أن ننتبه الى تكلفة ذلك من العملة الصعبة على الوطن، وأصبح صاحب المعدل المتدني يدرس الطب والهندسة خارج البلاد ، وصرنا نتناسى الصدقات والزكاة والتكافل والتي أمر بها ديننا الحنيف، وجارنا يمر يوم لا يذوق فيه اولاده الغداء ولا العشاء ونحن لا يلهينا سوى القنوات الفضائية والانترنت والتعليقات التي تعكس الحقد والحسد وسوء النوايا، ونسينا أن آبائنا وأجدادنا الشرفاء عاشوا حياة صعبة وحرثوا وزرعوا وحصدوا ورعوا الحلال وكان قوتهم من صنع أيديهم وينعمون بالامن الغذائي المحلي، واليوم تمتليء المحلات التجارية لدينا بالمواد التموينية المستوردة والمعلبة والتي تستهلك عملتنا الصعبة. وأصبح أبنائنا يعزفون عن العمل في الحرف والاعمال اليدوية وفي الوقت الذي يشهد السوق فرص عمل كثيرة تدر على مجموع الوافدين شهريا عشرات الملايين وتستهلك عملتنا الصعبة.
4- تحليل نقاط الضعف والتحديات والقوة والفرص:
لقد تبعثرت جهود الكثير من الحكومات السابقة امام الحاجة الى خطة عمل منهجية واضحة للعمل عليها، وذلك في ضوء المتغيرات اليومية والمستجدات، ولكن هنالك خطوط عريضة يمكن السير عليها من خلال مجلس الوزراء والبرلمان القادمين، ونسأل الله تعالى لهم التوفيق، فالمرحلة القادمة صعبة، وقد يكون هنالك مزيدا من الصعوبات الاقتصادية والتحديات، وعليهم أن يعملوا كفريق واحد لانقاذ الموقف، وأؤكد بأن التحديات جسام وتحتاج حلول علمية وعملية ومستدامة. ولعلي هنا أساعد وبتشخيص سريع ومن النوع التقليدي والمعروف للجميع أن أضع النقاط على الحروف، لعلنا نتخطى صعوبة المرحلة القادمة، ونعرف أين نحن، وماذا نريد، وكيف نحقق ذلك.
نقاط الضعف
- الشح المائي والجفاف وتأخر الأمطار والتصحر
- غياب موارد الطاقة التقليدية
- غياب عنصر الاستقرار في بعض دول الجوار
- فروقات سلبية بين العوائد والنفقات (ميزانية الدولة) والميزان التجاري بين الواردات والصادرات مقابل نمط استهلاكي سلبي
- ارتفاع نسبة النمو السكاني + ثقافة العيب أمام بعض انواع المهن
- صناعات غير منافسة بسبب ارتفاع تكلفة الانتاج وغياب الجودة أحيانا
التحديات
- ارتفاع نسب ومعدلات الفقر والبطالة
- تدني انتاجية التربة والمحاصيل
- خلل في الأمن الغذائي المحلي والاكتفاء الذاتي
- ارتفاع تكلفة الطاقة وفاتورة النفط والصناعات التحويلية
- نقص موارد العملة الصعبة
- تردي اقتصادي يفضي الى أزمات داخلية ما بين المعارضة (افرادا وجماعات) والحكومة
- تغير في أنماط المعيشة ومصادر الدخل والاقبال على الوظيفة الحكومية
- تغيرات اجتماعية سلبية متوقعة بحكم تردي الوضع الاقتصادي
نقاط القوة
- شعب واعي ومثقف ومتعلم، وارتفاع نسبة الشباب في سن العمل (مجتمع شاب)
- الأمن والاستقرار الداخلي
- وجود مؤسسية وادارات واضحة وقانون مدني شمولي
- تجانس وتماسك وتكافل مجتمعي وتلاحم بين أفراد الشعب وغياب أسباب التفرقة
- توفر مصادر طبيعية كالفوسفات والحجر الرملي والبوتاس والصخر الزيتي والبازلت والقرانيت وخزين مياه جوفية عذب عملاق في الديسة
- توفر أسباب السياحة بمعظم أنواعها، وتوفر الخدمات السياحية ذات الجودة العالية
- توفر سدود مائية بسعة تصل الى 320 مليون متر مكعب
- مناخ لطيف ومعتدل
- شبكات مواصلات وطرق ومعلوماتية وبنية تحتية وخدمات متكاملة وجيدة
- وجود اتفاقيات تجارة حرة مع بعض دول العالم
- علاقات وصداقات عربية ودولية متطورة
- مؤسسات تعليمية عريقة، وحملة شهادات بدرجات وتخصصات مختلفة
- وجود أيدي عاملة بأجور مقبولة
- وجود منتج صناعي وزراعي وصادرات مطلوبة عالميا
- وقوع المملكة في منطقة متوسطة من العالم
- جودة الخدمات الطبية عالميا
- تميز المحافظات في المملكة بالتخصص (زراعي، سياحي، تجاري، صناعي،...الخ) ما يدعو للتكامل
- خلو المنطقة نسبيا من الكوارث الطبيعية
الفرص
- توجيه الاعتماد على موارد طاقة متجددة كالطاقة الشمسية والرياح، والمضي ببناء مفاعل نووي لأغراض توليد الطاقة، وتحسين وتفعيل اتفاقية الغاز المصري، واستغلال الصخر الزيتي لغايات توليد الطاقة
- تكملة مشروع جر مياه الديسة والبدء بتنفيذ مشروع ناقل البحرين (الاحمر والميت) والمضي بمشاريع الحصاد المائي، وتحلية مياه البحر في العقبة، واستغلال المياه الجوفية العميقة بعد تحليتها أو خلطها مع مياه أكثر عذوبة
- تطبيق اساليب ووسائل الزراعة العصرية لزيادة الانتاجية والري بالتنقيط للتكيف مع شح الموارد المائية + استصلاح الاراضي الصحرواية، ووقف المد السكاني على الاراضي الزراعية المنتجة
- تحسين سوق وصناعة السياحة والجذب السياحي والاهتمام بجودة الخدمات وتوفير مزيد من المنتج السياحي لزيادة فترة مكوث السائح
- تفعيل دور السفارات وهيئة تنشيط الاستثمار في توجيه الاستثمار العالمي النظيف للمنطقة + تفعيل سبل تشجيع الاستثمار
- توجيه المد السكاني باتجاه المناطق الصحراوية
- التسهيل على قطاع العقار والاسكان حيث انه ينشط ما لا يقل عن 30 قطاع
- تطبيق اللامركزية في موازنات المحافظات السنوية للعدالة في توزيع الخدمات والبنى التحتية بناءا على التوزيع الجغرافي والكثافة السكانية
- تفعيل نهج الرقابة وتطبيق القانون والنزاهة والشفافية والمسائلة في شتى قطاعات الحكومة
- توفير مزيد من الدعم والتسهيل للقطاع الخاص
- تخصيص جزء من الموازنات السنوية لايجاد مشاريع مدرة للدخل في الصناعات الغذائية وغيرها، والحد من المستوردات المشابهة ان وجد البديل الوطني
- العدالة من قبل المسؤول في حقوق الموظف واستحقاقاته + المسؤولية الضميرية من الموظف تجاه العمل + التدريب المستمر ونقل الخبرات، نهج للحرب على الترهل الوظيفي
- تبني توعية وطنية بأهمية الاقبال على المنتجات المحلية الوطنية + تحسين جودتها بالتطوير الدائم
- منهجة وثم عكس البحث العلمي التطبيقي ومخرجاته على قطاعات الصناعة والزراعة (هام جدا جدا ***)
- تشجيع اقبال الشباب على فرص العمل اليدوية والحرف والصناعات، ومحاربة ثقافة العيب
- انضاج الدولة سياسيا، وتنمية الاحزاب ودعوتها لتبني نهج اصلاحي، وبرامج تطبق من خلال مؤسسات المجتمع المدني والهيئات غير الحكومية، وبناء جسور الثقة مع المواطن والحكومة والعكس، سيرا للوصول بأغلبيات وتكتلات للبرلمان لتشكيل الحكومات القادمة، بعد أن يقنعوا الشارع بنجاعة حلولهم ومصداقيتها.
5- خارطة الطريق للنضج السياسي والدولة المدنية:
النضج السياسي يوجب تعميق نهج المشاركة الشعبية والديموقراطية، وتقبل الرأي والرأي الآخر، وبناء جسور الثقة بين الحكومة من جهة والاحزاب والجماعات من جهة اخرى، والعكس صحيح، ويجب تبني نهجا لرعاية وتنمية الأحزاب من شتى الأطياف والتوجهات ما دامت لمصلحة الوطن، والتي تعد المعارضة فيها عمقا واغناءا لنهج الدولة من ناحية، والتزاما ببرنامج الحكومة العاملة أمام من يراقب من الناخبين والتيارات السياسية والأحزاب المختلفة من ناحية أخرى.
والمشهد الأردني لدينا وبالرغم من التحديات في طريقه للنضج، وعلى الرغم من الصورة القديمة التقليدية والتي ما أن يعارض سين أو صاد في المملكة برامج الحكومة أو نهجها الا ونفهم وعلى الفور أنه ضد الحكومة والدولة، بالرغم من ان مكونات الدولة هي الارض والحكومة والشعب وبكل مكوناته ونسيجه وشرائحه. وبالحقيقة هذا المفهوم متبادل بين المعارضة والحكومة أيضا، ويعود ذلك لغياب النضج السياسي من صورة المشهد بين الطرفين، وكذلك غياب الثقة، لأسباب مرت بها المنطقة عبر العقود الماضية.
لقد صرح جلالة الملك وطلب في أكثر من تصريح ولقاء ومنذ تسلمه السلطات ضرورة الحاجة الى تعميق مفهوم العمل الحزبي في المملكة، وضرورة نضوج البرامج الحزبية والعمل الحزبي، وشدد وفي أكثر من تصريح على أهمية الحوار والمشاركة الشعبية في قاعات الحوار لا في الشارع.
المشهد ايجابي، فبالاضافة الى أنه في الأردن بدأت قطط الفساد السمان تتهاوى، فان هنالك حكومات برلمانية تشكل، وهنالك برامج وخطط عمل سيتم الالتزام بها من قبل هذه الحكومات، قد تستلهم من خلال طروحات أطياف المعارضة. ما يبدو أن النضج السياسي هو صورة المشهد القادم، والنضج سيكون بمراحل، وسيكون هنالك تحديات، وتشكيك، وعرقلة، وصعوبات، ولكن الوطن اكبر من الجميع. فأمام الحكومة القادمة وأدواتها من وزارات ومؤسسات وهيئات مختلفة، منهجية وأهداف بكتاب تكليف ملكي سامي واضح المعالم والأهداف، وهو يأخذ برؤى اطياف المعارضة وطرح الكتل الوطنية التي ترشحت للانتخابات، وموازنة ذكية (بين التكلفة والعوائد) وفيها شيء من المرونة، والعدالة بين المحافظات.
مهما يكن الأمر، فجلالة الملك بحاجة ماسة الى حكومات تتفهم معنى الالتزام ببرنامج العمل الحكومي، ونصوص كتاب التكليف السامي. وما يبدو أن هذا كان ناقصا في منظومة الحكومات السابقة التي لم تجد الهداية الى هذا السبيل أمام بعض المتغيرات اليومية أو التحديات، ولعدم التجانس بين الفريق الوزاري في أغلب الأحيان، ولكثرة وسرعة التشكيل أو التعديل في الوزارات لأسباب فرضتها ظروف مرحلية معينة.
الثلاثية واضحة الآن، حكومة وموازنة وبرنامج عمل؛ حكومة برلمانية، وموازنة تأخذ بالاعتبار عدالة التنمية بين المحافظات، وبرنامج عمل جاء من وحي الاطياف السياسية والمعارضة ورؤية جلالة الملك. اذن نحن في طريقنا نحو النضوج السياسي، وبالرغم من أننا على الدرجة الاولى من سلم طويل. وكما أسلفنا، يعد هذا الأمر جيدا في تعميق نهج المشاركة الشعبية والديموقراطية، والتي تعد المعارضة فيها اغناءا لنهج الدولة من ناحية، والتزاما ببرنامج الحكومة العاملة أمام من يراقب من الناخبين والتيارات السياسية والأحزاب المختلفة من ناحية أخرى. كل ذلك ناهيك عن ان المعارضة فيها عمق للدولة وورقة رابحة أمام قرارات سياسية قد تفرض من هنا أو هناك. وهذا لا يعني أن تكون المعارضة بالمفهوم الخاطيء وما يتمخض عن ذلك من تبني مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، حيث أن هنالك وسائل غير شريفة لا تمت للغاية بصلة، والمعارضة وبكل اطيافها ومكوناتها يجب ان تكون غاياتها المصلحة الوطنية فقط.
6- خارطة الطريق لنهضة اقتصادية مستدامة:
المرحلة القادمة حساسة ومخيفة اقتصاديا لا تحتمل الوقوف بأيدي مكتوفة، ولله -عز وجل- علي مخافته في كل كلمة أخط حروفها. حيث تبين نماذج الاسقاطات المستقبلية ومن وحي العقود الزمنية القليلة الماضية، وواقع الحال، انه اذا بقينا كما نحن اليوم؛ مجتمع مستهلك، غير منتج، ونفقات تشغيلية للقطاعات الحكومية الخدمية تطغى وتغلب على عوائد منتجات الابداع في الموازنة، فان المعطيات تشير وخلال الخمسة سنوات القادمة الى اضمحلال يحدث وسيؤدي بالدولة كاملة وبلا شك الى الإفلاس، والذي لا قدر الله تعالى سيبيع الدار ويسلبنا حرية صناعة القرار.انها معادلة بسيطة، فالمداخيل المالية للموازنة لا تقابل حتى النفقات الجارية فيها، والنمو المتسارع في النفقات الجارية خلال السنوات القادمة أمام واقع الحال من بطىء نمو الدخول، وسياسة الاستهلاك المستشرية لدى المجتمع والطلب على المنتجات المستوردة، ستؤدي لنمو المديونية وعجز في سدادها من ناحية، والغرق في التزامات مالية لا تخدم النمو الاقتصادي المطلوب، وتعيق خدمة النفقات الرأسمالية والاستدامة المنشودة من ناحية أخرى. فالأمر ببساطة يتلخص بالقول "لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع".
علينا وعلى وجه السرعة أن نوجد هيئة مستقلة أو مجلس أعلى تنفيذي وفعال وبقانون جريء ومعطاء لإدارة وتوجيه البحث العلمي التطبيقي، ليحسن ويطور جودة المنتجات الصناعية والزراعية والغذائية القائمة لكي تزيد قيمتها التنافسية، ويقلل نفقات انتاجها لزيادة الاقبال عليها، وأن نبحث حاجات الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية والتي يمكن ان ننافس فيها بمنتجات جديدة بأفكار محلية خلاقة ومبدعة، وأراها في أربعة منتجات مطلوبة بكثرة؛ وهي سوق الصناعات العسكرية الدفاعية الخفيفة والمتوسطة، وسوق تصنيع المنتجات الغذائية ذات الجودة والأسعار المنافسة، وسوق صناعة وتجميع السيارات الاقتصادية وقطع الغيار والتطوير عليها (بعقود امتياز)، وسوق صناعة سخرة التكنولوجيا لخدمة الانسان. وعلينا في العام الأول أن نضع خطة عمل تطبيقية منطقية لخمسة أعوام، ونخصص لها بند ميزانية لا يقل عن عشرة ملايين دينار سنويا، نزاوج فيها بين معطيات ومخرجات البحث العلمي التطبيقي الموجه والدقيق من وحي جامعاتنا ومختبراتنا المختلفة وعقولنا المبدعة، وآلية تطوير الصناعات الوطنية القائمة، وافتتاح خطوط انتاج جديدة لمنتجات مطلوبة، لتحقيق منتجات تقابل متطلبات الاسواق المذكورة. وهنا فان كل القطاع الخاص وأرباب الصناعات والمستثمرين مدعوون للشراكة ضمن خارطة طريق محكمة، وعلى كل الجهات المعنية معرفة دورها بدقة متناهية ضمن الخطة المذكورة، وتقديم المساعدة والتسهيلات حسب الاختصاص كالجامعات والمعاهد، ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة النقل، والجمارك العامة، والملكية الأردنية، والمطارات، والموانيء، وهيئة تشجيع الاستثمار، والتشريعات والأنظمة ومن يعمل عليها، ودوائر الجودة والمقاييس، ومختبرات الجمعية العلمية الملكية، وغيرها ... الخ. وعلينا تعريف نقاط الضعف والقوة والفرص والتحديات، وعلينا أن نعرف درسنا جيدا، فان المستقبل لا يرحم، ولا مكان فيه للضفعاء الذين لا يبدعون فلا ينتجون، والذين يتلقون المساعدات ويعيشون عليها ولا يبدعون بل يستهلكون. أما ان بقي الوضع على ما هو عليه، فهذا يعني أننا نضمحل، وسنصل الى الإفلاس، والذي لا قدر الله تعالى سيبيع الدار ويسلبنا حرية صناعة القرار، فاننا اليوم كمن تحطمت سفنهم في البحر والعدو من أمامهم، ولا نجاة لهم سوى حسن التدبير، في عالم فيه عرض وطلب وتنافس، وفناء لمن يستهلك التكنولوجيا ويتنعم بها دون ان ينتجها، وبقاء لمن يقرأ ويفكر فيبدع، ألم تكن أول آية في القرآن الكريم "اقرأ".
بالحقيقة الأمر ما زال قابل للسيطرة، ولا أبالغ اذ أستشرف المستقبل بالقول بأنه يمكن أن يتحول بلدنا الى نمر اقتصادي وعلى المستوى العالمي، يؤدي بنا الى الرفاه المجتمعي والسؤدد، وان نصل الى يوم فيه لدينا فائض ميزانية، وكذلك وفر للأجيال القادمة، حيث أن هنالك كمون عظيم جدا في الأردن يستحق أن نجرب، فلدينا عقول مبدعة ومدبرة، وطاقات شبابية متميزة تحب العمل، وأيدي عاملة، وفوق كل ذلك لدينا إرادة.
هذا ولأن الأردن يقع من الجهات الشمالية والشرقية والغربية على حدود بعض الدول، والتي تشهد ساحاتها اما عمليات ارهابية بين الفينة والاخرى، من خلايا وتيارات ذات اعتقادات سياسية ومذهبية مختلفة، أو نزاعات داخلية من نواتج الربيع العربي والأمور غير واضحة بما ستؤول اليه، ويضاف الى ذلك حدوده الممتدة مع الأراضي المحتلة، فان صمود الجبهة الاردنية أمر حيوي وغاية في الاهمية للتصدي للارهاب ودوافعه من ناحية، وللوقوف بثبات أمام المطامع الجيوسياسية من ناحية أخرى. ولما كان الاردن هو البوابة الشمالية من الناحية الجغرافية على دول الخليج العربي الشقيقة، والتي تحتوي على ما يزيد عن نصف الخيرات العالمية من الثروة النفطية التي تمد العالم بالطاقة والحركة والاستدامة، فهذه دعوة مفتوحة نحو اتفاقية شراكة مع مجلس التعاون الخليجي من أجل استقرار العالم، كما وأنها دعوة الى كل دول العالم لدعم صمود الأردن، حيث تجدر الاشارة الى التكلفة الاقتصادية المرتفعة للجهود العظيمة والحثيثة واليومية للمنظومة الأمنية الأردنية وقواتنا المسلحة الباسلة، في كبح جماح الارهاب الفكري والمادي وأدواته المختلفة والذي يحاول التسرب من الحدود للأراضي الأردنية، حيث تحتوي أجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة الخبرات التراكمية والطاقات البشرية المؤمنة بنبل غايتها، والمدربة على أعلى المستويات والجاهزية وسرعة الاستجابة والرد، والمزودة بأحدث آلات وأدوات مكافحة الارهاب ووسائله والتصدي له. كما وتجدر الاشارة الى المكانة السياسية العالمية التي صنعها جلالة الملك للأردن، من الانفتاح والحوار، وايصال رسالة المنطقة وتحدياتها لدول العالم، بما في ذلك الصراع العربي الاسرائيلي، والحاجة الملحة للسلام والاستقرار وسبل ذلك. وأن الاردن وبما قدم ويقدم من واجب ودور أخلاقي تجاه أمته العربية والاسلامية، من استضافة أفواج اللاجئيين الذين نجوا بأنفسهم من ويلات الحروب والدمار وغيرها، وعلى حساب اقتصاده ذات الموارد البسيطة والشحيحة، ما زال يقف اليوم وفي ظل الازمة الاقتصادية العالمية -وبالرغم من الاثار السلبية لها داخليا- مكملا لواجبه ودوره، ويحافظ على منظومته الأمنية، مشكلا درعا واقيا وقلعة حصينة أمام امتداد الأرهاب أو مخرجات النزاعات المجاورة على أراضيه، والتي كما أسلفنا تعد البوابة الشمالية لدول الخليج العربي الشقيقة، والتي نعتز بالشراكة معها ونسعى للمزيد، لكي يزداد هذا الدرع صلابة وتزداد هذه القلعة حصانة، في وقت تزداد فيه التحديات والضغوطات الاقتصادية. كما ويستمر الأردن في حراكه السياسي لالتزاماته نحو المنطقة، ويشكل بذلك بوابة يرتكز عليها الاستقرار العالمي، الامر الذي يدعو الى أقصى درجات التكامل المبني على التفاهم والتعاون المشترك في شتى الميادين ما بينه وما بين دول الخليج الشقيقة وليس أقلها الاقتصادية، لأن ما تواجهه الدولة من ضغوطات أسبابها اقتصادية بحتة، وتسيس اليوم لتحريك المواطن والشارع، بدليل أنه وعلى مدى الاشهر الماضية وبالرغم مما شهدته الساحة من اعتصامات واضرابات والتي تعد بالآلاف، لم ترق نقطة دم واحدة.
هنالك خطوات مطلوبة وهامة:
1- ومن أجل اللامركزية، يجب تقسيم المملكة الى ثلاثة مناطق تنموية داعمة باهدافها لجهود التنمية مع الحكومة المركزية وبما لا يتضارب مع الخطط الحكومية او يؤدي الى الازدواجية، وبميزانية سنوية لا تقل عن خمسة عشرة مليونا ولا تزيد عن ثلاثين مليون دينار وحسب الكثافة السكانية والاتساع الجغرافي لكل منطقة، ووضع خطة تنموية شمولية هادفة وعلى وجه السرعة للنهوض بكل منطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ضمن برامج عمل ومنهجيات واضحة ينبثق عنها خطط عمل وبرامج تنفيذية زمنية، لتطوير البنى التحتية والفوقية والقطاعات الخدمية وايجاد مشاريع تشغيلية للشباب والاناث وعلى مراحل زمنية، وتكون محركاتها الاقتصادية ومصادر دخلها بالاعتماد على تخصيص مبالغ سنوية من مشاريع حكومية قائمة في نفس المنطقة ومن صندوق تنمية المحافظات، وكما يلي:
أ- المنطقة الجنوبية وتغطي محافظات العقبة ومعان والطفيلة والكرك وبدو الجنوب.
ب- المنطقة الوسطى وتغطي محافظة مادبا ومحافظة العاصمة ومحافظة السلط ومحافظة جرش ومحافظة عجلون وبدو الوسط.
ت- المنطقة الشمالية وتغطي محافظة اربد ومحافظة الزرقاء ومحافظة المفرق ومحافظة الرمثا وبدو الشمال.
2- وعلى وجه السرعة اعادة وزارة التموين الى حيز الوجود لتسليط الرقابة على الاسواق لحفظ قوت وغذاء المواطنين من طمع وجشع وعبث بعض كبار التجار، وتتبع سلسلة المنتج الغذائي والحد من تكلفة مدخلات الانتاج من مواد أولية ومصاريف تشغيلية ونفقات الرواتب للموارد البشرية من العمالة الوافدة لتخفيض الاسعار ما امكن وبما يعود على المواطن بالنفع.
3- وقف طرح بعض العطاءات وتشغيلها ذاتيا ان أمكن من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية وتعيين عمال مياومة بعقود شهرية لايجاد فرص عمل للشباب، ضمن بوتقة من الرقابة وتفعيل وتطبيق القانون.
4- الصحراء الشرقية في احواض السرحان والحماد غنية بالمياه الجوفية العميقة والغاز والنفط وتحتاج الى من يستثمر من ناحية، ومن الحكمة ومن ناحية اخرى اشغالها بالمشاريع والسكان لتقليل أسباب يعلل بها مروجو فكرة الوطن البديل امام الرأي العالمي دواعي هذا المشروع الخطير.
5- زيادة رسوم الاقامة على العمالة الوافدة بدل تلقي موادا تموينية ونفط مدعومين من الحكومة، هذا يقلل الضغط على الحوالات بالعملة الصعبة، ويقلل من العمالة الوافدة ويفتح فرص عمل لابنائنا، كما ويوفر مصدر دخل يمكن تخصيصه لصندوق تشغيل العاطلين عن العمل، أو شركة الشعب للانتاج
7- خارطة الطريق لمكافحة الفساد:
يجب في البداية تعريف الفساد وأنواع الفساد من نواحي علمية وفنية، ومن ثم وبكل بساطة فان وضوحية وشمولية القوانين والانظمة ومدى تطبيقها وتكثيف الرقابة وبمنهجية ودورية، وحوسبة الاجراءات الحكومية المختلفة والاستحقاقات والتعيينات في الوظائف العليا في الحكومة وغيرها، ووضع أسس لكل ما يتعلق بصرف المال العام، والتصرف بأموال وممتلكات الدولة، طريق لتجفيف منابع الفساد
خطوات هامة:
1- تسريع البت بالقضايا المنظورة امام القضاء
2- تطبيق القانون وتفعيل الرقابة وبما يتوازى مع حفظ كرامة المواطن في الوزارات والمؤسسات الحكومية واجهزتها المختلفة
3- تعزيز دور ديوان المحاسبة ومديريات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات الحكومية
4- الايعاز للوزراء والمدراء العامين ورؤساء الهيئات المستقلة بضرورة متابعة سير العمل اليومي لديهم في وزاراتهم ودوائرهم ومديرياتها واقسامها وفرض القانون والرقابة الداخلية ومنع الترهل والالتزام اليومي بالدوام والقيام بالمهام الموكلة لكل موظف وتحسين جودة واداء الخدمة المقدمة للمواطنين وسرعة الاستجابة، من شأن ذلك تعزيز هيبة الدولة واعادة ثقة المواطن بالحكومة.
8- خارطة الطريق للحد من العنف الجامعي:
ما يدور في جامعاتنا بالحقيقة ليس ممنهج، وليس وراءه دافع سوى أن بعض الطلبة ممن يثيرون الفتن والمشاجرات لا يجدون ما يشغلهم في الجامعة سوى الحديث الفارغ من ناحية، والعنجهية والتعصب من ناحية أخرى، ويهملون المواد المسجلة في الفصل الدراسي، فالبنسبة لهم –وكما يفترضون- النجاح مضمون، والعلامة تأتي بالواسطة والمحسوبية. طبعا هذا حديث ليس شمولي، فانه وبالمقابل فهنالك طلبة مجتهدون، وهم جدا كثر، وهنالك أساتذة صارمون جدا في العلامة وجدية العطاء العلمي ونوعيته، وهم كثر. هذا وقد أصبحت المشاجرات الجامعية -والحديث أمانة- ظاهرة تتحدث عن نفسها، وتكاد الأسباب أن تكون واحدة، فذاك تغالط مع هذا، أو تحرش بتلك -التي تخص هذا- بغض النظر عن الرابطة، وحصلت مشادة كلامية، فلحقها كيل من اللكمات المتبادلة، وحشد كثيف يراقب، وقلة قليلة تحاول العزل بينهما، فما تكاد أن تنتهي الا والهواتف النقالة أعلمت القاصي والداني بالحدث الجلل، وتناسى الجميع من الطرفين ديننا السمح في اصلاح ذات البين، وتناسى الجميع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما هي الا هنيهات فيجتمع المئات ممن يخصون هذا، والمئات ممن يخصون ذاك، فتدب الصراعات بين الطرفين ودون معرفة السبب، وتبدأ العراكات مخلفة الدمار والتكسير، وقد يكون هنالك جرحى أو حتى لا قدر الله تعالى وفيات، وهنالك تطورات قد تحدث عندما يتربص جمع من قوم هذا لقوم من فئة ذاك خارج أسوار الجامعة، فيبدأ السجال من جديد، وتدور رحى المعركة، وتكتب المواقع الالكترونية، وتنتشر التعليقات، وتصبح مادة اعلامية دسمة للقنوات الفضائية، والاعلام المقروء والمسموع والمرئي، وغيره.
بالحقيقة هنالك حلين تكامليين، ويكمن الحل الأول وبكل بساطة في حوسبة الامتحانات لكل المواد الجامعية ونقل العلامة لكل امتحان مباشرة –واؤكد هنا مرة أخرى، مباشرة ولكل امتحان؛ الاول والثاني والنهائي- عبر شبكة الجامعة الداخلية الى التسجيل، فهنا ستخلو الامور من عامل الخطأ البشري واعتماد الطالب على عامل الواسطة والمحسوبية، وسيشعر بجدية الحاجة لتكثيف الدراسة والبحث لكي ينجح في المادة، وهذا سيشغل وقت الطالب على الاغلب. ومن ناحية اخرى سيتطلب ذلك من أستاذ المادة أن يكثف العطاء العلمي كما ونوعا لطلبته ضمن المساق خلال الفصل، فهو الذي سيلام لو ارتفعت نسبة الرسوب وتدني العلامات في شعبته عن نسبة معيارية معروفة للمادة ذاتها. وهذا سينعكس ايجابا على جودة التعليم، ومخرجات العملية التدريسية، ونوعية الخريجين مستقبلا وسوق العمل. أما الحل الثاني والرديف فهو أن يكون لكل مادة جامعية 15% من العلامة تخصص لبحث يتعلق بالمادة، وهذا سيوجه الطلبة نحو المزيد من الجدية، ويشغل وقت فراغهم داخل الجامعة، وعلى أن يكون هنالك تشاركية في ذلك بين مجموعة من الطلبة في الشعبة الواحدة. اما وفي النهاية فلا ننسى أننا دولة دينها الاسلام السمح، وهو دين الفضيلة والعمل والايجابية، وأننا بحمد الله ما زلنا نتمسك بديننا الحنيف نصلي ونصوم ونحج البيت ونتصدق. فعلى كل اسرة أن توجه ابنتها الطالبة الجامعية نحو المسار الصحيح لتعكس الصورة الايجابية لبيتها المسلم ذات التربية القويمة، وأن تزيد الاسرة من التقارب والتفهم مع ابنائها من الطلبة الجامعيين، فهم في مرحلة التحول العاطفي والعقلي والجسدي، وان يكون اطار التعامل ممتدا من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
9- خارطة الطريق لنهضة مجتمعية ايجابية:
اما وفي النهاية فلا ننسى أننا دولة دينها الاسلام الحنيف والسمح، وهو دين الفضيلة والعمل والايجابية، وأننا يجب أن نتمسك بديننا الحنيف في مجريات حياتنا اليومية، وأن نطبق معنى الكسب الحلال، وأن نتزكى ويكون في اموالنا حق معلوم للسائل والمحروم، وأن نحقق مجتمعا صالحا تقيا ايجابيا، يقيم الصلاة ويزكي ويتصدق. ولما كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، فأنه على الدولة تبني خطة اصلاح مجتمعية تبدأ من كل اسرة، لكي توجه ابنائها نحو المسار الصحيح ليعكسوا الصورة الايجابية لبيتهم المسلم ذات التربية القويمة، وأن تزيد الاسرة من التقارب والتفهم مع ابنائها، ففي مراحل الطفولة يكون ذلك بالتعليم والتوجيه وسرد القصص والعبر المستسقاة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفي مرحلة التحول العاطفي والعقلي والجسدي بالتوعية الايجابية البنائة، وان يكون اطار التعامل ممتدا من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
10- نحو بيئة مستدامة:
تعد البيئة الفيزيائية هبة الله تعالى لبني آدم ليستخلفهم في الارض، فلا يجب أن تكون التنمية على حساب البيئة، ولا يجب أن تحد قوانين البيئة من الممارسات التنموية، نحتاج الى موازنة بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة. هذا يدعو الى قوانين بيئية شاملة وواضحة ومتزنة، وتفعيل تطبيقها.
11- الرفاه المجتمعي مطلب عادل وطريق للعطاء:
من حق الجميع في المملكة كبارا وصغارا، ذكورا واناثا، التنعم والترفه ببرامج ووسائل وبنى ترفيهية هادفة تضعها الحكومة، فالفرد والاسرة والموظف لا يستطيعون الاستمرار بالعطاء دون الترويح الدوري عن النفس، ضمن أطر يقبلها ديننا الحنيف.
حمى الله الوطن وقائد الوطن، ونسأله تعالى الخير لوطننا الذي ننعم فيه بالهوية والسؤدد والأمن، وصلى الله على خير الخلق محمد بن عبدالله.
مفوض التنمية المحلية والبيئة
سلطة اقليم البترا التنموي السياحي