31-07-2013 10:07 AM
بقلم :
إنّ الله – جلّ ثناؤه – يتفضلّ على عباده بما يشاء من النّعم ؛ فلا رادّ لفضله ، ولا مانع لنعمه ،ألا وإنّ من أعظم النعم التي حبانا الله بها هي الأمن والأمان ؛ ومما يدلل على قدْرها أنّ الله – تعالى – قد مَنّ بها على الخلق فقال عن أهل مكة : { فليعْبدوا ربَّ هذا البيْتِ الذي أطْعَمَهم مِنْ جوعٍ وآمنَهُم مِن خوْفٍ } ، وكذلك فإنّ الإسلامَ قد بالغ في حسْمِ مادة الأمنِ حتى قال النبي – صلى الله عليه وسلّم - : " إذا مرَّ أحدُكم في مسجدِنا أو في سوقنا ومَعَه نِبْلٌ فليُمْسِك على نِصالِها " وفي رواية : " فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء " ؛ وهذا لئلا تؤذيه أو تُلحق به ضرراً ولو كان يسيراً ! ، وجاء في حديث أبي داود وصححه الألباني : " لا يحِلّ لمسلمٍ أنْ يروّع مُسْلماً " ، وفي حديثٍ رواه الإمام مُسلم : " مَن أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإنّ الملائكة تلْعنه حتى ينتهي " .
الأردن – بفضل الله عليه - بلدٌ ترفّه في الأمن والاستقرار، وترفّل بثوب العافية من الفتن الكبار والصّغار ، مع كلّ ما كابده من الصّروف والمُلمّات ، ورغمَ معاناة قلّة الامكانات ؛ نعمةٌ جليلة سعِد بها العقلاء وشكروها، وزهِدَ بها البعضُ وازدروها ؛ أمّا الشاكرون فمقدّمةٌ عندهم على أيّ اعتبار ولو كان حمْلَ أثقال العوَز والحاجة ، و تجرّعَ مرارة ما يُلقيه عليهم الفسادُ من الغضب والقهر ؛ لكن – وإنْ كانت الكفاية المادية مطلبهم ومحاربة الفساد غايتهم – فإنهم يؤثِرون الأغلى من العطايا الربانيّة ، والأعلى في مقوِّمات ومقوِّيات الأمة ؛ متمثلين ما رواه ابن كثير في تفسيره عن سخبرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من أُعطِيَ فشكر ومُنِع فصبر وظَلَم فاستغفر وظُلِم فغفر" وسكت قال : فقالوا: يا رسول الله ما له ؟ قال :" أولئك لهم الأمن وهم مهتدون".
نعم؛ فالأمن والاستقرار رأس الإصلاح وأساسه ؛بهما يُستجلبُ الخيرُ وما ينفع الناس ويكوِّن لهم مجالات العيش الكريم المُطْمَئن ؛ و مِن دونهما لا ينْصلحُ لمجتمعاتنا أيُّ شأنٍ أو حال ، ولا يصحُّ لها مُستقبل أو مآل ؛ و تتعطّلُ أدواتُ ربط الأمة بالأسباب الصحيحة لنهضتها وتمكينها وعزّها ؛ و أيّما بلدٍ يستبدل أمْنَه بالخوف ، واستقرارَه بالفوضى فلن يجني إلا شتات الشمل ،وشيوعَ العداوة والبغضاء بين أهله ، وبروز مُحرّكات الفتنة والتناحر والاقتتال .
والأمن كما يقول مصطفى محمود في كتابه >>الأبعاد الإسلامية لمفهوم الأمن في الإسلام