31-07-2013 10:47 AM
بقلم : علي الحراسيس
... في البلاد العربية عموما ، يقدر عدد المنتمين لأحزاب سياسية "علمانية او دينية " بأقل من 5 % من مجمل الشباب ( حسب دراسات الجزيرة للعام الحالي )، ويميل الغالبية منهم الى عدم التقيد بالأحزاب والانتماء اليها لنوازع لها علاقة بطبيعة الأنظمة السياسية التي فرضت انظمة " عرفية " لعقود طويلة حالت دون انتماء الشباب الى الأحزاب ، وتميل الغالبية منهم الى تحقيق اهدافا شخصية متعلقة بتوفير المال والوظيفة المستقرة وتكوين الأسر في ظل اوضاع اقتصادية تعيشها غالبية البلاد العربية ، فيما تضعف فرصة تشكيل احزاب في دول غنية بل ويحرم تشكيل تلك الأحزاب في بعض منها كالسعودية وعُمان وقطر ، وحتى في الدول الغنية التي تسمح بتشكيل تلك الأحزاب كالكويت والبحرين ، فإنها في الغالب لا يشكل نسبة الملتحقين بها اكثر من 2% ،وبالتالي يعتبر الغالبية العظمى من الشباب العربي أن اداء الاحزاب والبرلمانات التي تتشكل وفقا لقانون احزاب لا تتعلق بهمومهم ومعاناتهم وبالتالي لا مجال للانخراط بها .
يبدو أن اداء البرلمانات والمجالس المنتخبة التي تشارك بها احزاب وقوى سياسية لا تمثل الشباب ولا تحاكي همومها بسبب السلوك المتبع لتلك ألأحزاب داخل البرلمان ، بل ينظر اليها كما الحال في الأردن او دول الحزب الواحد(سوريا والعراق ومصر واليمن والمغرب وتونس ) سابقا انها سلطة تنفيذية اخرى داعمة للسلطة التنفيذية والنظام نفسه ،وان البرلمانات تلك ليست اكثر من مؤسسة رسمية وليست سلطة مستقله تقوم بدورها الرقابي والتشريعي الفاعل ، تتنازعها صراعات المكسب والعطايا وما يمكن أن يعود على الأعضاء بالفوائد الشخصية ، وفي حالة البلاد العربية التي عايشت الربيع العربي فلا زالت الأنظمة غير مستقرة بالرغم من سقوط حكامها ورحيلهم ،والأحزاب فيها تسعى الى مقاسمة ما تبقى من النظام السابق ( فلول وعسكر ) "كعكة الوطن " ولم تعد الأحزاب محط اهتمام الشباب العربي ولا قبلته التي يسعى اليها بالرغم أن غالبية الشباب تنحاز لمرجعيتها الدينية ( الإسلام ) كمخلص لها والأمل الأخير في إخراجها من المعاناة ، إلا أنها لا تنخرط بتلك الأحزاب الدينية لما تعانيه تلك الأحزاب من فوضى وتداخل برامج وممارسات مبهمة تشير الى عدم نقاء تلك الأحزاب الساعية بشكل او بأخر للسلطة او تقاسم السلطة او حتى نيل حصص إضافية في الدولة من خلال اتفاقيات تعقد بشكل سري او علني مع الأنظمة القائمه سرعان ما يكشف النقاب عنه ويدفع الناس للتشكيك بأهداف تلك القوى والابتعاد عنها .
إن سلوك الكثير من تلك القوى الإسلامية والعلمانية التي حكمت او لم تحكم بعد تحاول فرض ارائها بالقوة ،إذ عايشت البلاد العربية احزابا وقوى سياسية " ودينية " مارست سياسة لم تتخلى عنها ،حيث أنها تستخدم القوة ضد أي شخص أو فكرة. وهذا يتحقق في حالتين:الأولى : حينما يريدون فرض آرائهم..
والثانية : حينما يفقدون السيطرة على ما كانوا يسيطرون عليه !
ولا يضيرها هنا لو تطلب الامر التضحية بدماء الناس ونشر الفوضى وتخريب البلاد لتحقيق غاياتها ، مما دفع غالبية الشباب للتراجع والابتعاد عن تلك الاحزاب والاستسلام لسلطة النظام القائم باعتبار أن الأنظمة وحتى الفاسدة منها تعمل دوما على تأمين السلامة والاستقرار لبلادها وتحارب الفوضى وتخريب الدولة ، وهو نهج تبدل في ظل ربيع عربي دفع الشباب للنهوض للمطالبة بتغيير او اصلاح تلك الأنظمة ، لكنه نهوض سرعان ما تراجع امام الفوضى التي شهدتها بعض دول الربيع بعد سقوط تلك الأنظمة ،وما يحدث في سوريا ومصر وتونس لاحقا يشير الى تخوفات الشباب العربي من أية مغامرة غير محسوبة تدفع البلاد الى فوضى تنال من الجميع ،وقد يدفع هذا الأمر الأنظمة تلك الى العودة الى الحكم العرفي والحكم المطلق الذي وإن يعمه الفساد وبيع الثروات ونهب الخيرات ، إلا انه يؤمن الحد الأدنى من الأمن والاستقرار .
هل سيدفع الوضع القائم الأن في تلك الدول الانظمة الحاكمة لتوظيف تلك الحالة والعودة الى فرض الاحكام العرفية مقابل تأمين السلامة والاستقرار ومحاربة القوى السياسية وخاصة منها الدينية ؟ أم ان العودة الى الوراء لم يعد ممكنا في ظل نهوض " ثوري " اختاره الشباب العربي !