03-08-2013 10:32 AM
بقلم : رندا تيسير حتامله
ليس من المبكر بل لعله من المتأخر جداً التوصل لاستنتاجات لا يشتهيها صانع القرار الفعلي في المشهد السياسي الأردني أو من أشاروا ونصحوا وعملوا على إجراء الانتخابات الأخيرة التي تمثلت فيها غلبة العقلية الراديكالية المتسلطة غير القابلة للتفاعل مع المعطيات السياسية المستجدة على الأرض، إضافة لكون الاصلاح بما يمثله من مطلب ملح وضرورة حتمية تقتضيها حاجة الأنظمة السياسية للتطور والتكيف ومواكبة تطلعات الشعوب لتتمكن من الاستمرار ولعل الركيزة الأهم التي تحقق ذلك هي التداول السلمي للسلطة عن طريق قوانين تتناسب مع طبيعة تلك الدول وتراعي خصوصيات شعوبها ولا تعني الخصوصية بالضرورة أن ذلك الشعب غير جاهز لتطبيق الديموقراطية كما أطلت علينا بعض العقول النيرة لتبشرنا بتلك النتيجة غير المبنية سوى على ترهات تدور في أفقهم الضيق ولا يدعمها أي معطى واقعي..
كان ما كان واجريت الانتخابات وجاءت النتائج أكثر سوءا من التوقعات حتى أصبح الجميع فوق الشجرة فلا الحكومة المسماة مجازا بالبرلمانية- ولا أدري إلام استندت التسمية – أنجزت بعد تلك الفترة من عمرها حتى لو جزء يسير مما وعدت ولا المجلس المنتخب مجازاً أيضا قادر على التكيف مع طبيعة التصرفات الحكومية الرعناء تجاه جيب المواطن فهي تحشر المجلس في الزاوية عند أول كل شهر نستبشر به بقرار رفع جدير وأحيانا في الشهر أكثر من مرة ، الأمر الذي ينعكس على أداء المجلس فيحاول إحراج الحكومة والتضييق عليها ومساومتها على المضي بإقرار القوانين والتشريعات بشكل مستقر وصحي ، ومصلحة المواطن هي الغائب الأبرز عن تفكير كلا الطرفين ، حتى باتت الحكومة الرشيدة منهمكة باسترضاء من تم تعيينهم بالأمس كنواب بالبرلمان لصالحها- دون ضوابط أو أطر تنظيمية تحدد اتجاهاتهم وتضبط إيقاع تصرفاتهم ومدى تفهمهم للواقع السياسي والاقتصادي فالفردية هي السمة الأبرز في ضل اختفاء الاحزاب المؤثرة عن المشهد السياسي- فتارة تتمكن من تشكيل اغلبية تدعم رأيا ما ولا يلبث أن ينفرط عقدها عند استحقاق آخر تصديقا للمثل القائل عدو عاقل خير من صديق جاهل فيضطر صاحب الحكمة للموافقة على شفط دهون هذا وسفر ذاك في مهمة استجمام وطنية على حساب الخزينة الأمر الذي ينبئ عن مدى فشل كل تلك التصرفات الموضعية للحكومة تجاه النواب في تشكيل مشهد متجانس مستقر ويكشف مدى الاستعصاء السياسي الذي تعيشه البلد
فالمتتبع للشأن السياسي يلاحظ مدى السوء المفرط لأداء المجلس في ظل حكومة ليست أفضل حالا الأمر الذي يضعنا أمام تحديات أكثر من صعبة إذا لم نغفل حجم التحديات الاقتصادية الناجمة عن السياسات الاقتصادية والفشل المتراكم للحكومات المتعاقبة ذلك أن الولادة غير الشرعية لتلك الحكومات التي تنزل بالباراشوت من رحم طبقة سياسية عازلة مهترئة أوصلت البلد إلى ما هي عليه ، حتما سيتشدق حماة الفساد وأجناده بأن ذلك التوصيف ضربا من اغتيال الشخصية وجلد الذات وأن ليس بالإمكان أكثر ما كان وسيطلبون منا الكف عن التنظير والمساهمة بتقديم الحلول وهي ليست مهمتنا ولكن يمكننا الجزم بأن من أوصل الجميع إلى الصعود على أعلى الشجرة وأدخل البلد في هوة هذا الاستعصاء العميق هم من كذبوا على الشعب وزوروا إرادته واتخذوا القرار بتأجيل أو ترحيل الإصلاح إلى اشعار آخر تحت أعذار أقبح من كل الذنوب.
لا يمكن أن يمضي البلد قدما دون تقييم التجارب وأخذ العبر فقانون الصوت الواحد المقدس عند البعض يمثل كارثة في حق وجود الدولة الأردنية ففي ظله زاد تسلل الفشلة والمتكسّبين وتجار البشر والقطط السمينة من أجيال الفاسدين المتعاقبة إلى مفاصل الدولة والبرلمانات المتعاقبة ، كفوا بلاء أولئك القوم واتقوا الله في هذا البلد وشعبه فأنتم ياحكومة اللاحكمة ويا مجلس المراهقين من تدفعون بالبلد إلى المجهول وأعلم أنكم لست من يصنع القرار في النهاية لذا ومن المفيد اسداء الأمر إلى صاحبه أو أهله أو من بيدهم الحل والعقد فالحل بسيط لم نخترعه ولسنا أصحاب الفضل والمنة فيه على الرغم من غيرتنا على أمن الأردن فقط أخرجوا أوراق الأجندة الوطنية من الأدراج فهي وثائق أجمع الأردنيون على حكمتها وأنزلوها إلى أرض الواقع ولا ضير في خسارتنا لرؤية تلك الوجوه التي ستذهب بها الديموقراطية فقد مللنا من الزيف وادعاء الشيء ونقيضه في آن واحد فلا ربيع نعمنا به ولا إصلاح جنينا شيئا من ثماره كلما ما تم جعجعة هادرة لم تسفر عن ذرة دقيق، دعونا لا نختبئ خلف إصبعنا ولنخرج من هذا الاستعصاء فلا خلاص في ظله .
لا ننجم إذا تنبأنا بقصر عمر هذا المجلس ولكن حل قبله مجلسين وكان الأمر غير ذي جدوى حتى أننا نبهنا إلى أن حل المجلس السابق لم يكن ذا جدوى في ظل بديل ليس أفضل حالا كنتاج لقانون لم يلبي تطلعات أحد وأجمع الجميع على أنه قانون لا يخدم المرحلة وكان رئيس الحكومة المنقلب على ذاته من أبرز معارضيه ، ستصل النخب السياسية أو لعلها وصلت إلى قناعة بضرورة حل المجلس ولكن إلى متى تبقى البلد تحت رحمة الاستعصاء والتعاقب على حل المجالس ألا يستحق هذا الشعب الصابر التفاتة بسيطة نحو مصالحه وتلبية البعض من تطلعاته المشروعة أم أن قدره أن يجازى على الصبر والحكمة غير المسبوقة لدى شعب من الشعوب على تحمل حماقات حكوماته بمزيد من المصادرة لأبسط حقوقه في المشاركة الحقيقة والمبالغة في التضييق عليه في لقمة عيشه .... برسم من يملك القرار ..