بقلم : تمارا الدراوشه
لا تصدق تملقهم أمامك وانكسارهم تحت جناحك فهم يكذبون , إن قالوا لك إن فقراء الآسرة أصبحوا أحسن حالاً أو أن اليتامى باتوا سعداء بحياتهم فهم يكذبون , إن أخبروك بأنه لم يعد في القرية طريقاً إلا وأصلحوه أو منزلاً مظلماً إلا وأناروه , لا تصدقهم إن قالوا لك أن المدارس تمر في أحسن حالها وكأنها جامعات مصغرة فهم يا أبي منافقون لأنهم يعلموا أن صفوف مدارسنا معظمها مجمعة وأن جامعة قريتنا باتت وكراً للعصابات , حتى طلابها أصبحوا طلاب ثأر وجامعاتنا أصبحت مكاناً لتصفية الحسابات الرخيصة 0
إنهم يكذبون يا أبي , لأنهم يجاملون حين يقولون أن أبناء القرية على قلب رجل واحد ويتجملون حين يدعون أمامك أن صحة أبناء القرية بخير , وأن المرض لم يجد طريقا لسكانها , ويكذبون يا أبي حين يقولون أن الفقر ولى بلا رجعة , فهم يعرفوا أن الفقر بات متأصلاً بالجسد والروح لسكان هذه القرية , ولأن عددا من أهل القرية الذين أحبوك وأنت لا تعرفهم قد قضوا بسبب الإهمال الطبي أو العجز الطبي , والإجابة جاهزة , المذكور توفي بسبب احتشاء في عضلة القلب وانتهى أجله ويغلق ملفه ككثير من الأفواه التي تم إغلاقها إما بالرشوة أو التهديد الممزوج بالوعيد 0
اعلم انك قد لا تصدقني وتكذبهم , إنا لا ألومك فهم حولك كالخيمة يحجبوا عنك الحقيقة ويضعوا أمامك الصور الزائفة التي تدعم أكاذيبهم لتصدقهم , وتجعلك ترى قريتك التي أحبتك بساكنيها بأحسن صورة ولكنها تبقى صورة فقط , يرسمها من حولك بكذبهم ونفاقهم وفسادهم0
أخيرا أرجوك يا أبي اسمعهم ولا تصدقهم وتأكد من قريتك التي بات أهلها يئنوا تحت وطأة الفقر والجوع والعوز , مثلهم مثل النار التي تشتعل تحت الرماد0000 إنهم يكذبون حين أرادوا تشبيهنا بالكلاب التي يسمح لها بحرية الجري والنباح خلف سياراتهم وكراسيهم فقط ولكنه محرم عليها الركوب بها أو الاقتراب منها وتحت طائلة المسؤولية 0
هذه هي الحقيقة يا أبي التي يخفوها عنك , فحتى إن أرادوا أن يوصلوا ما تريد من معونة إلى فقراء قريتك فإنهم يقدموها بطريقة تجعل الإنسان يشعر بأنه مجرد يتيم على باب لئيم , فتعاف النفس العطية كما تعاف الروح المنية 0
ونهاية حديثي أخاطبك يا أبي لأني من أطراف قريتك التي تحب , وأنت تعلم يا أبي أن الحياة نادراً ما تصل إلى الأطراف وأن الفقر والجوع والمرض عندما يغزو فانه يبدأ بالأطراف , أقول لك يا أبي كلمة حق لأنه لا خير فينا إن لم نقلها , وأقول كمن قال إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم 0حما الله الوطن قيادة وشعباً وترابا