08-08-2013 09:06 AM
سرايا - سرايا - أدى ملايين المسلمين صلاة عيد الفطر المبارك في مكة المكرمة، بحضور خادم الحرمين الشريفين. وكانت السعودية أعلنت أن اليوم الخميس هو أول أيام عيد الفطر. في العموم تتبع دول الخليج ومعظم الدول العربية المملكة العربية السعودية في إعلان اليوم الأول من العيد. وأتى الإعلان الرسمي بعد بث أخبار عن مشاهدة الهلال في المملكة، ليكون يوم غد الخميس الأول من شهر شوال.
الملك عبدالله يدعو للإصلاح
من جهة أخرى، هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الشعوب الإسلامية والعربية بحلول عيد الفطر المبارك، كما أعرب عن بالغ الأسى والحزن من الواقع المؤلم والمصير المجهول، الذي تمر به الأمة الإسلامية والعربية. جاء ذلك في كلمة ألقاها نيابة عن العاهل السعودي وزير الإعلام عبدالعزيز خوجة.
وحذر خادم الحرمين من خطر الإرهاب الذي لن يتلاشى في زمن محدد، وطالب بالوقوف وقفة حازمة لإصلاح شأن الأمة، كما طالب بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وأعلن عن تبرع المملكة بمبلغ 100 مليون دولار لدعم هذا المركز وتفعيله تحت مظلة الأمم المتحدة.
وقال: "إن النفس ليعتريها الأسى والحزن من واقع مؤلم ومصير مجهول، تمر به أمتنا الإسلامية والعربية، يحمل في طياته صراعات وشعارات ما أنزل الله بها من سلطان، حفل بها الأعداء والمتربصون في سياق فرصهم التاريخية، لتبيح قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وهتك الحرمات، مدعومة بإرهاب فكري أباح ذلك بنظرياته الحزبية، ومطامعه السياسية بشتى ذرائع التأويل والتدليس على الناس من خلال توجيه نصوص الشرع الحنيف والتطفيف فيها وفق مرادهم، فمنها ما يغيب تارة ويحضر أخرى حسب المطلب والغاية. وهذا الدخيل الفكري يتوشح ـ في تأويلاته وتحركاته ـ بعباءة الدين والتعلق بالله، ودين الله منه براء، لكنها المطامع والأهواء، مستهدفة بيئتها الخصبة من كل جاهل وغرّ، يحسب دين الله شاردة وواردة، تلقى على لسان طامع مهيج، أو مغلوب على فكره ورشده. وعزاؤنا جميعاً أن الله غالب على أمره، فكانوا بظلمهم أداة الإرهاب، ومعول فساده، لمحاولة هدم قيم الإسلام الرفيعة ومعانيه الجليلة، ولهم ـ بإذن الله ـ موعد مع قول الحق سبحانه {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}. انتحلوا الإصلاح فكذبوا، واختطفوا عقول السذج فضلوا وأضلوا، وظيفتهم في معنى قول الله تعالى {ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين}، غير متقين الله في ضلال شعاراتهم، ولا مبالين بتبعات أقوالهم وأفعالهم".
وأضاف: "ولا يغيب على بال أن الفكر المنحرف (الذي أسس لشرخه العميق في خاصرة أمة الإسلام) أشد على أمتنا خطراً وأعمق فتكاً من حراب عدوها المتربص علناً بها، لكنها سنة الله في خلقة. وأمر أمتنا إن شاء الله إلى خير، ولن يكون أي مفسد في الأرض من كل ظالم لنفسه ولغيره بمنأى عن عاقبة أمره حيث يقول سبحانه {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}".
إراقة الدماء
كما أعرب خادم الحرمين عن ألمه قائلاً إن "الألم يعتصر قلبي وقلب كل مسلم، والحزن يلم بنا، عندما ننظر إلى حال أمتنا التي أصبح التنازع والتناحر فيها سبيلاً أفضى بها إلى إراقة دمائها، وتدمير مكتسباتها، وتشويه قيم ومبادئ إسلامها وسلامها، وروحها الجامعة في التعايش على مبادئ الحق والعدالة، التي أسس لها ديننا الحنيف ورسختها سير أعلام الأمة على امتداد تاريخها الحافل".
وأضاف: "إننا وأمام هذا الواقع الأليم مطالبون بالوقوف وقفة حازمة مع النفس أولاً لإصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات والاتفاق على كلمة سواء، ركيزتها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتصدي بكل عزم وحزم لدعاة الفتنة والضلال والانحراف الذين يسعون لتشويه سمعة الإسلام الذي احتوى القلوب وحضن البشرية وكانت سعة عقول رجاله سبباً في حضارة ورقي الإنسانية بشهادة منارات العلم والحضارة والثقافة في العالم أجمع".
المركز الدولي لمكافحة الإرهاب
وقال خادم الحرمين: "إننا وفي ظل هذه التحديات الجسيمة التي تمر بها أمتنا الإسلامية والعربية بخاصة والعالم أجمع من مواجهة للإرهاب في أفكاره وتحركاته مطالبون أكثر من أي وقت بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من ذوي الدراية والاختصاص في هذا المجال، والهدف من ذلك تبادل الخبرات وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث، وتجنبها ـ إن شاء الله ـ قبل وقوعها.
هذا المركز هو من دعونا ـ بتوفيق الله لنا في هذه البلاد ـ إلى إقامته في فعاليات المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في مدينة الرياض بتاريخ الخامس والعشرين من ذي الحجة لعام 1425هـ الموافق للخامس من فبراير لعام 2005م".
الهدف.. خدمة الإنسانية جمعاء
وأضاف: "وقد توافقت إرادة الخير على الترحيب بمبادرته الإنسانية، والعزم ـ وقتها ـ على تفعيل متطلباته وتطلعاته، وفي هذا الصدد تبرعت المملكة ـ في حينه ـ بعشرة ملايين دولار غير أن الأيام التالية شهدت تراخياً في تفعيله الجاد، ولن يرضى أي مخلص صادق لشعبه ولأمته وإنسانيته بأي تخاذل أو تردد في دعم هذا المشروع العالمي في بعده الإنساني والأخلاقي تحت طائلة الظنون والمراجعة في صدق النوايا والتوجهات متى كانت إلى التخاذل أقرب وعن إدراك الأخطار المحدقة بعالمنا أضيق وأبعد، وهدف المركز خدمة الإنسانية جمعاء بعيداً عن أي تمييز لدين أو طائفة أو عرق أو لون فمظلته واسعة وتطلعاته رحبة تنشد الخير للإنسانية أجمع. هذا هو ديننا".
وقال : "علينا أن ندرك بأن خطر الإرهاب لن يتلاشى أو يزول في زمن محدد، لذلك فحربنا ضده ربما تطول وتتوسع، وقد يزداد شراسة وعنفاً كلما ضاق الخناق عليه، لكننا على ثقة تامة بالمولى جل وعلا بأنه ناصر الحق على الباطل لا محالة، ديناً ندين الله به فهو القائل جل جلاله {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}، ويقيننا بأنه سيندحر ـ بعون الله ـ كل مخادع خائن لدينه وأمته وإنسانيته".
ضرورة القضاء على قوى الحقد والتطرف
وأضاف: "في هذا السياق أعلن عن تبرع المملكة بمبلغ مائة مليون دولار لدعم هذا المركز وتفعيله تحت مظلة الأمم المتحدة، مناشداً كل الأمم الأخرى المشاركة بدعمه للقضاء على قوى الحقد والتطرف والإجرام، وهو واجب حتمي على كل من يرى في الإرهاب معول هدم يهدد أمننا وسلمنا العالمي، ومن يتخاذل في هذا الشأن فقد أحاط نفسه بدائرة الشكوك والتهم، فلا تراخي في حسم هذا الأمر الجلل، ولا أنصاف في حلوله، ولن ننتصر على هذا الشر ما لم تتضافر الجهود وتصدق المواثيق والعهود، لتؤدي أمانتها التاريخية وتتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه كل ما يهدد الأمن والسلم للعالم أجمع، ولنا في وقائع التاريخ بصيرة وعظة، وفي سنة الخالق الكونية يقول سبحانه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.. هذا والله أسأل أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، ويدلنا على خير أمرنا، ويمنحنا عزماً لا يلين، وقوة لا تستكين، إنه نعم المولى ونعم النصير".