12-08-2013 01:42 PM
بقلم : المحامي صدام ابوعزام
لطالما تضمنت الدساتير مبدأ إستقر في النظم القانونية العريقة والذي يقضي بالفصل بين السلطات، مفاد ذلك إمتلاك وقدرة كل سلطة القيام بأعمالها دون أي معيق وبأدوات تشريعية تضمن عدم الاعتداء على هذه الاختصاصات مع الاشارة الى التباين في وجهات النظر بين الفصل الجامد والمرن بين السلطات ولكن هذا لا يمنع أن تقوم كل سلطة بمهامها الرئيسية بمعزل ودون تدخل من أي سلطة أخرى .
الدستور الاردني كفل هذا المبدأ وحدد إختصاصات كل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، ورسخ هذا المبدأ بعد تعديلات عام (2011) ، ، وأكدت على ذلك منها المادة 27 التي تنص على أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على إختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون بإسم الملك"، وكذلك ما جاء في المادة 98 التي تنص " يعين قضاة المحاكم النظامية والشرعية ويعزلون بإرادة ملكية وفق أحكام القوانين. 2. ينشأ بقانون مجلس قضائي يتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين. 3. مع مراعاة الفقرة (1) من هذه المادة يكون للمجلس القضائي وحده حق تعيين القضاة النظاميين وفق أحكام القانون. وما جاء أيضاً في المادة 100 والتي تنص على " تعين أنواع جميع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية إدارتها بقانون خاص على أن ينص هذا القانون على إنشاء قضاء إداري على درجتين." وكذلك ما جاء في المادة 101 والتي تنص على ان " المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها.2. لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة. 3. جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة أن تكون سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية. 4. المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قطعي".
هذه النصوص مجتمعة تشكل الضامن الحقيقي لإستقلال السلطة القضائية ولا يقبل أي مبرر للقول بأن الدستور لم يكفل الاستقلال الذاتي للسلطة القضائية بل ويجب على الحكومات أن تسعى لتحقيق هذا الاستقلال وترسيخة نظراً لطبيعة العمل الذي تقوم به السلطة القضائية من الفصل في المنازعات ، وإنعكاس ذلك على إستقرار المعاملات والامن والسلم المجتمي ، وعليه فإن معايير إستقلال السلطة القضائية يمكن إجمالها في المبادئ التالية : أولاً: الإستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية. ثانياً: حرية التعبير وتكوين الجعيات. ثالثاً: المؤهلات والإختيار والتدريب. رابعاً: شروط الخدمة ومدتها. خامساً: السرية والحصانة. سادساً: التأديب والإيقاف والعزل.
أما من حيث الواقع العملي نجد بأن قانون إستقلال القضاء رقم 15 لسنة 2001 وما طرأ عليه من تعديلات لا يزال ساري المفعول بالرغم من مضي أكثر من عام ونصف على التعديلات الدستورية والتي تقضي بأن تعدل جميع القوانين خلال ثلاث سنوات من تاريخ سريانها ، وعليه عرض مشروع قانون معدل على مجلس الامه وتم رد هذا التعديل بجلسة مشتركة بين بين النواب والاعيان باعتبار ان التعديلات التي تم تقديمها تحتاج الى تطوير .
وفي المعايير الدولية لإستقلال المجالس القضائية العلياء والنظم القانونية المستقرة ، يجب أن يتضمن أي قانون ينظم عمل السلطة القضائية العديد من المبادئ التي بغيابها لا يستقيم ولا يتم تحصين الاستقلال المؤسسي والذاتي للقاضير، والتي تعتبر ترجمة للمبادئ السابقة في إستقلال السلطة القضائية وعليه فأن أي تعديل يتعلق بقانون استقلال السلطة القضائية أن يأخذ بهذه المبادئ وهي : 1. التأكيد على الإستقلال المالي والإداري للمجلس القضائي وأن يتم تفعيل ذلك بنصوص وتعليمات واضحه . 2. إفراد نصوص خاصة لتنظم الكادر الاداري والفني المساعد للسلطة والغاء تبعية الكادر الوظيفي المساند للقضاة من محضرين وكتاب ورؤساء أقلام وباحثين قانونيين ومشرفين إداريين على مرافق المحاكم من وزارة العدل ونقله للمجلس القضائي لضمان الفعالية والسرعة والرقابة والحياد بإعتبارها الاقدر والاجدر على تنظيم شؤون هولاء بما يتوافق مع الاحتياج القضائي . 3. تعديل النصوص القانونية التي تجييز للسطة التنفيذية وتحديداً وزارة العدل التدخل في تعيين القضاة أو التنسيب في تعيينهم. 4. تعديل الاحكام القانونية التي تجيز إنهاء خدمات القاضي أو إحالته الى التقاعد أو الاستيداع دون أي تسبيب مما يشكل مخالفة صريحة لمبدأ الاستقلال النفسي للقاضي ويبقيه عرضة للتدخل في شؤون حكمه. 5. إستقلال السلطة القضائية في تسيير شؤونها من حيث المديريات الادارية والمالية وكذلك التفتتيش القضائي ويجب ضمان عدم تخدل أي جهة في عملية التفتيش والتأديب وأن يكون جهاز التفتيش القضائي تابعاً للمجلس القضائي وتحديد مهامه وصلاحياته بصورة دقيقة وعدم جواز تقديم التقارير المتعلقة بالقضاة الى وزير العدل وإنهاء إحتفاظ وزارة العدل بملفات القضاة . 6. استحداث نصوص تجييز للقضاة تأسيس نادي أو جمعية لممارسة أنشطتهم اللامنهجية أو الفكرية . 7. أن يتضمن قانون إستقلال القضاء النص صراحة على تنظيم الشؤون الخاصة بالقضاة وخدمتهم القضائية والبعثات والدورات والايفاد والدورات والرعاية الصحية وغيرها من أمور بناء على أسس تكفل الموضوعية والنزاهة والشفافية بما يضمن استفادة جميع القضاة من ذلك . 8. أن يستقل المجلس القضائي بالاشراف وادارة المعهد القضائي باعتباره المرفق الذي يرفد السلطة القضائية ويؤهل الكفاءات ويدرب ويطور مهارات القاضي بإستمرار. 9. إعادة النظر في مجمل الشروط العامة التي يجب توافرها فيمن يتولى منصب القضاة وتحديداً برنامج قضاة المستقبل وإعادة النظر فيما ورد في المادة العاشرة من قانون إستقلال القضاء في الشروط الواجب توافرها في القاضي من حيث سن القاضي والذي يشترط أن لا يقل عن خمسة وعشرين عاماً ومدى قدرة من يتم تعيينهم في هذا السن على تحمل الأعباء القضائية ، وترسيخ نظره عامة مفادها أن منصب القضاء ليس كأي وظيفة أخرى بل هي تحمل من يتولاها مهام وأعباء جليلة وعظيمة ويجب أن يثبت أن لديه القدرة والمعرفة والدراية والخبرة على النهوض بها دون أي تقصير. 10. تطوير اليات مؤسسية وتشريعية لعمل النيابة العامة وضمان قيامها بدورها الرئيس في تقصي الجرائم والتحقيق فيها والاحالة الى القضاء وضمان تبعية الاشخاص المكلفين بإنفاذ القانون والتحقيق والمختبرات الجرمية وغيرها من أجهزة مساندة لتتمكن من القيام بدورها الحقيقي في البحث عن العدالة والحقيقة والبحث بمدى الحاجة لقاضي تنفيذ العقوبة وقاضي الحقوق والحريات والاشراف على مراكز التوقيف والاصلاح والتأهيل وتفعيل هذا الدور. 11. بالاضافة الى تنظيم دور المحاي العام المدني واليات متابعة الدعاوى التي ترفع على الخزينة العامة واجراءات التعاون مع المؤسسات العامة في تسريع الفصل في القضايا وتنظيم تقديم البينات . 12. تنظيبم اليات واجراءات التأديب بما يضمن المحاكمة العادلة وفي أجواء تصون وتحفظ استقلال القضاء . 13. أن يتضمن القانون تنظيم المحاكم من صلح وبداية واستئناف وتمييز وتحديد صلاحياتها واختصاصاتها بما يكفل الاستقرار المؤسسي والتنظيمي لها .14. بالاضافة الى أن يتمضن القانون تنظيم شؤون صناديق الادخار والاسكان والتأمين الصحي وغير ذلك من أمور تنظيمية تكفل تهيئة الاجواء العامة والمناسبة لقيام القاضي بدورة على أكمل وجه .