17-08-2013 09:34 AM
بقلم : إبراهيم الطاهات
لم أجد مكانا في العالم يستخدم عبارة ( عندك واسطة ...) إلا في بلادنا , فهل هم لا يعملون وينجزون واجبهم وهم لا يتفضلون على المواطن بل الدولة تدفع راوتب ولديها تشريعات وأنظمة , لكن من سمح ؟ من وافق ؟ من حاسب ؟ من سأل ؟ من رسخ هذا المفهوم " عندك واسطة ..." وكثيرون يسألني شخصيا عندك واسطة في ...؟ وأشعر كل مرة معها بإحباط كبير لماذا وصلنا لهذه المرحلة وهو حق من حقوقك... ؟ لا أعرف...
أصبحت الواسطة والبحث عنها هي الأساس ؟ لماذا لا أحصل على حقوقي كمواطن من هذا الوطن كحق مشروع أكتسبة من خلال هويتي الوطنية , لماذا أحتاج واسطة في الجامعة والمستشفى والبلدية والوزارة أيا كانت ؟ لماذا أستشرى التسول والأستجداء للمسؤول وهو لا يقدم شئ أساسا لأنها حق من حقوقك التامة والأساسية , لماذا أستشرت الواسطة لدينا لكي أقفز على الآخر قد أكون سبقته لأني أملك علاقة ومصالح مع آخر ومن ينتظر سينتظر ويطول انتظاره ؟
الواسطة في عامتها سلبية جدا وأضع تصنيفا لها أنها بسبب غياب الحقوق والتنظيم والقانون والعدل , وأيضا لأن الخدمات التي تقدم من الدولة ناقصة و غير مكتملة , لأنه لو توفر السرير بالمستشفى لما احتجنا لواسطة ولكنه نادر , ولأنه لو توفر مقعد بالجامعة لما احتجنا لواسطة , ولأنه لو توفر النظام والعمل الإداري الجيد والمنظم والمراقب والذي يحاسب ويسأل لما لجأنا للواسطة في البلديات والجهات الحكومية لدرجة حتى الهويه الشخصية تحتاج واسطة .
أصبحنا نقدم البحث عن الواسطة على أن النظام سيحميك وأن المخطئ أو المقصر سيحاسب , المقصر والذي لا يعمل لا يجد أي مشكلة في تأجيل العمل أو تأخيره أو تقديم مصالح خاصة على عامة , إذا هي فساد إداري لا يحمي حقوق المواطن المشروعة , فغياب العقوبات والنظام والمحاسبة والإدارة الجيدة المتابعة أوجد هذا النوع من الواسطات التي أصبحت الآن تقودها مصالح , وهنا نفتح أبواباً لا تغلق , والأثر السلبي هنا كبير وعواقبه وخيمة جدا , ينتج عنها هدر مال العام الحكومي , تمييز بين الحقوق , أثر أجتماعي سيئ وسلبي , أثر أقتصادي كبير يعطل مصالح ويؤخر استثمار .
يا حكومه يا مجلس الامه ... لم تعد لغه الكلام والقلم نافعه في الاعتراض على التمييز والتعامل بأكثر من مكيال وما اللغه الجديدة التي يتعامل بها الناس والتعدي على المتلكات العامه الا بسبب غياب العداله وانتشار انفلونزا الواسطه هذه الاعمال ادخلتنا نفق مظلم معتم ومصير مجهول الدول والعالم تقدم وتطور بالقانون والعداله ونحن تخلفنا بالارتجاليه الغبيه والعنجهيه ونلوم الخارجين على القانون هذه الاعمال والتعدي على حقوق الناس اكبر مدرسه تقدم للمجتع اناس خارجين على القانون.. ان الشعور بالظلم والانكسار والحزن والالم والحسرة والاذلال والاحباط والياس والاكتئاب الذي يشعر به صاحب الحق المنتزع منه اكثر بكثير من الفرحة والسرور والانتصار والعظمة والسعادة التي تسيطر على مغتصب الحق او منتزعه.
... هم مسلمون بالعدل بين المواطنين ونحن كفار وخنازير باعمالنا للاسف شوهنا صورة الاسلام بأفعالنا واعمالنا الخبثه ومن الحكمه ان يتعلم الانسان من مدرسه غيرة لا من جيبه نعم الفوضى والفلتان وقله الامن والأمان التي يعيشها مواطنا... سببه الغباء في الكثير من قرارات مسؤولينا ي عالم التضييق والتخنيق على الناس يدفعهم للتفعيط على النظام والقانون ي عالم الفوضى والفلتان من اهم اسباب تهجير العقول وتحد من الاستشمار وتقوي الاستعمار ي عالم اعمال مسؤولينا وتصرفاتهم كثرة من الزعران واللي مش عاجبه ينام زعلان..
العجيب في الواسطة ، أننا نحبها ، بقدر ما نكرهها . ونجري خلفها, حتى بلغنا درجة متقدمة في الاعتماد عليها . واصبح اليقين لدينا أن أي خدمة ، لا يمكن الحصول عليها إلا بالواسطة .!! فلهذا تعتبر الواسطة معيق حقيقي للتنمية ، كما أنها نقيض للعدالة ومؤشر على الفساد الإداري، وفيها ظلم كبير للضعفاء تصور مديراً عاماً ، لديه صلاحيات التعيين ، فانه يحجبها عن عامة الناس . ثم تبدأ عملية التوظيف باجتهاد وفرز منه ، بحيث يعين فقط من جاءه عن طريق وجيه ، أو قريب ، أو صديق ، او متنفذ في حين يقول للمواطن العادي لا يوجد وظائف شاغرة . ثم تصور مريضاً يقال له لا يوجد سرير شاغر، ثم يذهب السرير الشاغر لمريض آخر ، ليس أحوج ، ولكنه يمتلك فيتامين واو. و قد يدخل الجامعة من تقديره مقبول او متوسط ويحرم منها من هو أعلى تقديراً . فالواسطة بقدر ما تنفع أقلية تضر بأكثرية من أبناء المجتمع . إن أي مشكلة يمكن علاجها شريطة الإقرار بوجودها والإجماع على اعتبارها كذلك ، أما إذا لم نعترف بأنها مشكلة فستبقى وتترعرع ، وتفرخ الفساد. والغريب في أمر الواسطة ، أن البعض يضفي عليها الشرعية ، ويسميها شفاعة حسنة . في حين نعلم علم اليقين ، أن الشفاعة الحسنة شيء آخر ، مختلف عن ما يتعارف عليه الآن بالواسطة ؛ فالشفاعة الحسنة هي إيصال صوت الضعيف ، والمظلوم الذي لا يستطيع أن يصل إلى صاحب الشأن ، لضمان حقه وأنصافه . أما الواسطة فهي أن يسلب حق الضعيف ، ليحصل عليه المقتدر أو القادر على الوصول . ولذلك فإن الصيغة الحالية للشفاعة هي واسطة ، وليست شفاعة . إلا أن تكون شفاعة غير حسنة أي سيئة . مع أن الواسطة كأي مشكلة اجتماعية تعتبر نسبية ، ذلك أنها لا تعتبر مشكلة لجميع الشرائح ؛ فهناك فئة مستفيدة من الواسطة ، وغالبا وربما دائماً ما يكون من الشريحة المقتدرة مادياً والمتنفذة اجتماعياً وهي لذلك لا ترى في الواسطة مشكلة ، في حين تعتبر مشكلة حقيقية لشريحة كبيرة من الناس ، وهم الغلابى والضعفاء.. إن أول خطوات القضاء على الواسطة ، هو تجريمها اجتماعياً وشرعياً ، ونظامياً ومحاصرتها إعلامياً.. قد يكون في ذلك صعوبة بالغة ، نظرا لتغلغلها في وجدان المواطن ، وتداخلها مع ثقافة المجتمع الذي لم يتخلص من تقليديته التي تخلط بين الخاص والعام ، بل تحول العام إلى خاص ، لتختلط بمفاهيم اجتماعية أخرى كالفزعة والمروءة وغيرها. ومع ذلك فكل مشكلة يمكن حلها . وقد يكون ذلك بالتوعية وبالأنظمة ، ثم تفعيل تلك الأنظمة بالعقوبات الرادعة . بحيث يكون هناك حملة وطنية تسخر لها كل الإمكانيات. مثل حملات التوعية بإضرار المخدرات والتدخين وغيرها لأنها لا تقل خطرا عن تلك الآفات وغيرها من الأمراض الاجتماعية. لان الواسطة ربما تؤدي وظيفة اجتماعية لفئة محدودة من الناس ، ولكنها في الغالب معيق كبير لحركة المجتمع نحو التقدم.