حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22753

أخالها بيادرا للسنابل ولكنها أكواماً للنفايات!!

أخالها بيادرا للسنابل ولكنها أكواماً للنفايات!!

أخالها بيادرا للسنابل ولكنها أكواماً للنفايات!!

21-08-2013 08:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.سالم بني عطا

في سجل ذكرياتنا الخالد حُجزت مساحة كبيرة من عقولنا وما زالت لمن هم من اجيالنا او يزيدون عنا عمرا من الاباء والأجداد تضيء متلألئة ذكريات مواسم الخير والبركة والحصيد والبيادر .لله درها من ذكريات عطرَت حياتنا ,وسجَلت لنا سفرا مجيدا حافلا من شقاوة طفولتنا المتعبة المعفرة بغبار الارض والموسومة بالكد والتعب والسهر المتواصل .

أنعمْ ثم انعمْ ألوفاً من المرات بذكريات تلك البيادر,وأنعمْ بمن عاشوها وسطروها وغرسوها في عقولنا الصغيرة عندما كنا نلهو صغارا. فتلك البيادر تحمل في طياتها العديد من المضامين الاجتماعية والاقتصادية الرائعة من تكافل اسري واجتماعي وحتى سياسي. وتبشَر بغلات وفيرة ,وبداية انفراج الاحوال المعيشية المنهكة بعد طول انتظار وترقب من الفلاحين ليغدقوا علينا حينها بالمال, وكسوتنا بالحلة الجديدة ,حلة البيادر .

وفي هذه الايام ,كثيرة جدا تلك البيادر المتناثرة التي نراها هنا وهناك ,في الطرقات العامة والأزقَة, وفي الساحات وأمام العمارات ,وحول الحاويات,وأمام دور العبادة من مساجد وكنائس, وتفوق اعدادها اعداد وأحجام البيادر التي عرفناها وأحببناها وعشقنا ذكرياتها في غابر الازمان .انها بيادر ضخمة ومنوعة لكنها ليست للقمح ولا للشعير او العدس او الحمص او الفول او الذرة ,بل بيادر للعلب الفارغة من الفول والحمص والذرة وغيرها من المواد, ولبقايا الخبز ,وقوارير العصير ,وفائض الموائد الرمضانية التي نتباهى بإقامتها اسرافا وتبذيرا .

بيادر الأمس ايها الاعزاء هي بيادر العز والفخر ,كانت تفوح منها روائح الخير والبركة والتفاؤل والحب والتكافل الاجتماعي والأخوَة الصادقة ,فما ان تُجمع سنابل الخير فوق البيادر حتى يبادر الرجال الرجال في منظومة عز وعطف وتعاون ومحبة,يعملون بروح الفريق الواحد ,وعلى قلب رجل واحد. وما هو إلا يوم او يومين إلا وترى شوالات القمح والتبن مسندة مكان ذاك التل الرائع من القش, لتسري الحياة في عروق الناس ,ويتنفسون الصعداء فرحين مهللين,شاكرين لله فضله وكرمه عليهم.
وشتان ما بين الثرى والثريا , فبيادر اليوم ايها السادة ,فهي بيادر الذل والانحطاط الأخلاقي, وفقدان التكافل والنخوة العربية الأصيلة ,وغياب الوازع الديني من قلوب البشر .وتفوح من تلك البيادر الروائح الكريهة التي تزكم الانوف من العفن المتراكم من محتوياتها,ومن جراء حرارة الشمس اللاهبة, ويفوح منها الاهمال وعدم المسؤولية والأنانية البحتة, والتسيب والفساد الاداري , وتنتشر من حولها اسراب الذباب والناموس, وتسرح من حولها القوارض وتمرح مختالة انها احتلت مكانة عليَة وهي اماكن البيادر التي كانت تحرسها احداق عيون ابائنا وأجدادنا رحمهم الله وغفر لهم.

والغريب العجيب ايها الاعزاء ,اننا وبالرغم من كل ما نراه من تلك البيادر البشعة من النفايات التي شوهت جمال بيئتنا ,ولوثت هواء ديرتنا فإننا وللأسف لا ترتجف من الهول قلوبنا, ولا نحرك نحوها ساكنا ,وكان الامر لا يعنينا ابدا ,لا بل تلحظها عيوننا طيلة الوقت في الذهاب والإياب,وتكتوي برائحتها البشعة انوفنا التي أجزم انها قد ادمنت عليها بدل الطيب والروائح الزكية.

والسؤال الذي يطرح نفسه حثيثا ,لما كل هذا الاهمال والتراخي في المتابعة والمراقبة من قبل الجهات المعنية من البلديات وأمانة العاصمة لأعمال النظافة وجمع النفايات ونقلها واداعها أماكنها المخصصة لها مع العلم ان تلك البلديات ولا اخص واحدة بعينها تمتلك جيشا من الموظفين ممن عينوا تحت مسمى عامل وطن ؟ ام ان العملية هي مجرد مسميات فقط للحصول على الوظيفة وحسب؟
ومن ناحية اخرى ,فأين الدور الريادي للجمعيات والهيئات الخيرية ,والمدارس والجامعات,والإفراد المتطوعين في طرح المبادرات الخيرية, وحملات النظافة كما فعلت قبل فترة وجيزة قواتنا المسلحة الاردنية الباسلة في محافظة المفرق في حملة نظافة شاملة تعويضا عن تقاعس اصحاب السعادة رؤساء لجان البلديات وموظفيهم المبجلين عن اداء واجبهم تحت حجج وأعذار واهية لا يستوعبها العقل؟

ختاما,وها نحن على اعتاب الانتخابات البلدية القادمة,يحدونا الامل والعشم في رؤساء البلديات وأعضائها المنتخبين بإرادة الشعب ورضاه واختياره المحض ان يكونوا عند حسن ضن الجميع ,وألا تنتقل اليهم عدوى التسيب والإهمال من اسلافهم بحجج شح الموارد ونقص المعدات.

كما وأسأل الله العلي القدير ان يغير ما في نفوسنا جميعا نحو الصواب,وان يلهم الجميع فعل الخيرات, وإحقاق الحق, وإبطال الباطل ,والأخذ على يدي الفاسدين الذين يسعون الى تشويه بيئتنا الجميلة ,وتنغيص حياتنا , لنعيد الى الاذهان ذكريات البيادر الجميلة ونعيش حياة نظيفة فيها صحة الأبدان والإنسان.








طباعة
  • المشاهدات: 22753
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم