26-08-2013 10:35 AM
بقلم : المحامي الدكتور طلال الشرفات
لم يعد ممكنا تجاهل ضرورة تقيم اسباب وموجبات التعديل الحكومي في بلد تجاوز كل المقايس العالمية في تعديل وتبديل الحكومات , وحتى التجربة الايطاليةالمشابهة في نهاية القرن الماضي كانت لها مبررات ديموقراطية رغم كثرتها لعدم وجود احزاب تشكل اغلبية او شبه اغلبية لتشكيل الحكومات .
حكومة النسور في تعديلها الاخير حاولت ارضاء بعض القوى السياسية و الاجتماعية وهي محقة بذلك اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الاصلاح السياسي اضحى في مرحلة سبات قد تطول ، فقد احسنت عندما زادت تمثيل الجنوب في الحكومة وهم الذين يتميزون في اسهامهم الاصيل
في تأسيس الدولة وفضلهم الأكيد في اعادة الديمقراطية بعد طول انتظار يضاف اليه ان معظم خيرات الوطن مكتنزة في ذاك الجنوب الحبيب .
وحسناً فعلت الحكومة في عدم اشراك ابناء البادية الاردنية الحقيقي في تركيبة الحكومة لرغبتها الصادقة في اعادة تأهيل هؤلاء سياسيا ودمجهم في المجتمع بعد ان قضوا ردحاً طويلا من الزمن في جيتوهات اجتماعية وسياسية حتى اضحى الفارق الحضاري والثقافي واسعاً بينهم وبين المجتمع المدني الذي يتطلبه العصر .
الحكومة نجحت في تدجين مجلس النواب بذكاء رئيسها وقدرتة الفائقة على اتقان لعبة الظرف و الوقت ولم يعد ضرورياً الدخول في مناكفات أو جدل في قضايا باتت محسومة.
وفي الاطار السياسي وجهت الحكومة رسالة واضحة للحركة الاسلامية في وجود بدائل لهم من خلال ارضاء جزب الوسط الاسلامية بالرغم من عدم تماسك كتلته النيابية ، وتجاهلت حزب الأتحاد الوطني لأنه لم يستطيع تشكيل قوة متجانسة داخل المجلس ولم يكن له خطاب سياسي واضح .
الحكومة لم تقدم برنامج اصلاحي حقيقي ولن تفعل , وماجرى بمصر القى بظلاله بشكل واضح على المشهد السياسي الاردني , ووجه رسالة مزدوجة لمجلس النواب و الحركة الاسلامية مفادها ان الاول معرض للحل ان تجاوز خطابه حدود الرضا والثانية ان اقرانها في مصر وتونس تشهد نراجعاً واضحاً وبأن بدائلهما جاهزة وبأثمان بسيطة.
قد نتجاوز تركيبة الحكومة ومعطيات تشكيلها اذا كان لديها نية جادة لمحاربة الفساد من خلال توفير الارادة السياسية واطلاق يد النيابة العامة في فتح ملفاته , ولكن الاهم ولتحقيق حد ادنى من متطلبات الضمير الوطني فلا بد من مراجعة النصوص الدستورية التي تعيد الاعتبار للشعب وسن قانون انتخاب يعبر عن ضميره دون الحاجة الى تسويق مبررات واعذار لم تعد مجدية .