31-08-2013 10:38 AM
بقلم : الدكتور عواد النواصرة
زارني احد الأصدقاء وهو رئيس حزب أردني جديد وقال لي: كنت في زيارة إلى أميركيا وسألني بعض الناس هناك عن الأردن، والحكومات الأردنية، وقالوا لماذا لا يوجد (Black) في الحكومة الأردنية؟ هل جميع الشعب الأردني ابيض اللون؟ أم أن أصحاب البشرة السمراء مهمشون في الأردن؟ الشعب الأميركي اختار اوباما وهو اسمر اللون ليكون رئيسا لها لماذا لا يوجد عندكم شخص واحد على الأقل اسمر في الحكومات الأردنية المتعاقبة؟
وتبادلنا الحديث انا والزائر الكريم وقلت له أبناء الأردن أصناف: أبناء البايرة وأبناء المدللة. والبايرة من البور أي الأرض التي لا تزرع أو تركت بدون زراعة،البوار هو الجدب وعدم الإنتاج والبايرة : تطلق على البنت التي فاتها الزواج ( العانس) وأحيانا (المفهوم الشعبي في الأرياف) يطلق لفظ البايرة في الأردن على الزوجة التي يهجرها زوجها، ويتبع زوجة جديدة تكون مدللة ومحبوبة هي وأولادها، أما أبناء الزوجة الأولى(البايرة مجازا ) فلا بواكي لهم يتركون وأمهم يعيشون على الحسنات وعطايا الناس. بعد هذا التقديم البسيط متى تأتي الحلقة الأخيرة من مسلسل توارث المناصب في الأردن؟ وقد مل المشاهد من متابعة حلقاته التي لا تنتهي، وتعاقب الأحفاد على بطولة حلقات المسلسل. هل يوجد في الأردن أبناء بايرة وأبناء مدللة؟ الجواب لا يخفى على احد ( المعذرة من الجميع على هذا اللفظ) . فمنذ فترات طويلة من عمر الأردن كدولة ونحن نسمع أصحاب المعالي، والدولة، والعطوفة، من فئات معينة من أبناء الأردن، ومن مناطق جغرافية وعائلات محددة وكأن الأردن لهم وحدهم، في حين غيبت مناطق وجيوب في الأردن عن أي منصب في الدولة.
وبعدها قلت لصديقي الزائر إن أصحاب البشرة السمراء في الأردن وبتقريب أكثر بعض الوزارات والمناصب الرفيعة محرمة عليهم وكأن الأمر لا يعنيهم بشيء، ووجودهم في الأردن مقتصر على أنهم حراثين (مرابعية) يوصلون الليل بالنهار لتامين ابسط مقومات الحياة. وقد جوبهوا بالإنكار والتهميش بعد أن بذلوا الغالي والنفيس في سبيل رفعة ومجد هذا الوطن وقدموا أرواحهم شهداء على ثرى وتراب الأردن عبر مسيرة هذا الوطن العزيز. في حين ينام غيرهم ويحلم بجمع المزيد من الملاين أو مئات الملاين من الدنانير، يتوارثون المناصب كابر عن كابر في ظل تجاهل الحكومات المتعاقبة لمفهوم العدل الاجتماعي.
إن الواقع الأردني الرهن بحاجة إلى افتراض أو نظرية جديدة قد تساهم في حل المشكلة الأردنية في مجال العدل الاجتماعي، والذي أصبح هذه الأيام مطلب شعبي يجب على الحكومات الأردنية إعادة النظر فيه وإبرازه بصورة حضارية ،فمن الأهداف الأساسية لأي حكومة أن تعمل على خلق الغنى الروحي والمادي لدي الموطن بمعنى أخر العمل على تحقيق العدل الاجتماعي والحرية الأساسية وان يسود القانون على الجميع، فمن غير المعقول أن تغيب مناطق كاملة أو محافظات عن الواجهات السياسية الأردنية دون أي حجة ودون أي ذنب يقترف، وذنبهم الوحيد أنهم أبناء البايرة. حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان.
awad_naws@yahoo.com