31-08-2013 10:43 AM
بقلم : المحامي الدكتور طلال الشرفات
في المجتمعات الديمقراطية يمكن فهم وتبرير الاختلاف بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني من جهة والحكومات من جهة اخرى في تقييم وتوصيف ومعالجة القضايا الداخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وحتى المسيرات والاعتصامات تضحي عملاً وطنياً وديمقراطياً , لانها تجسد المصلحة الوطنية في ابهى تجلياتها , ولا يستطيع اي طرف ان يدعي الوطنية بدرجة اكبر من الاخر مادام الدستور والقانون يشكل المرجعية لكل المؤسسات الدستورية والشعبية .
وفي الازمات والحروب والكوارث يتوحد الشعب وينبذ الخلاف ويتخندق في خندق واحد هو خندق المصلحة الوطنية العليا والأمن الوطني باعتبار ان اي خرق لسفينة الوطن هو اغراق للجميع وتمكين الاعداء من العبث بمصير الوطن ومصالح الشعب ويضحي الخلاف في هذه الحالة خيانة للوطن والشعب على حد سواء .
الازمة السورية هي مسألة تخص الشعب السوري من حيث اسبابها وتوصيفها ونتائجها ومخرجاتها وقد قمنا بواجبنا القومي والانساني واحتضنا مئات الآلاف من الاشقاء السوريين في وطننا تجسيداً لواجبنا الاخوي والتزامتنا الدولية الاخلاقية المتعلقة بالقانون الدولي الانساني ومازلنا ,وكنا نأمل مخرجاً سلمياً لهذه الازمة يأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري في الحرية والعدالة والديمقراطية وانتخاب قادته وممثليه وفقاً لتلك التطلعات .
لسنا راضين عن بعض المغازلات السياسية لحكومتنا تجاه دول الخليج والدول الغربية التي تساند المعارضة السورية ولم نكن نتمنى ان توافق الحكومة على عقد لقاء لقادة الجيوش في عمان لبحث الازمة السورية باعتباره قراراً يعبر عن مراهقة سياسية وزج للاردن في ازمة لانستطيع تحمل نتائجها . ولن نقبل ان يكون الاردن منطلقاً او ممراً لمهاجمة سوريا او غيرها وتلك من ثوابت ومنطلقات واخلاقيات الاردنيين من شتى منابتهم الفكرية والاجتماعية والسياسية .
ولكن عندما يهدد الاردن نتجاوز كل هذه الاعتبارات ونتحول فوراً من رجال سياسة الى جنود نحمل البندقية لندافع عن وطننا واعراضنا وكرامتنا وهويتنا الوطنية ويصبح كل من يهدد او يبرر او يساند التهديد عدواً نواجهه بكل عزيمة واصرار .
تهديد بعض المسؤولين السوريين للاردن مرفوض وغير مقبول وتؤدي الى نتائج خطيرة قد تبرر استخدام الاراضي الاردنية منطلقاً لمعاقبة النظام السوري الذي اغرق الارض السورية بدماء الشعب وتصبح معه علاقات حسن الجوار فاقدة لمعناها ومبرراتها .
لسنا سعداء لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا رغم وجع الدم الذي يغرق الوجدان الانساني ولكن امن الاردن خط احمر لانقبل تهديده او التعدي عليه لانه عندها سنصنع رحى للريح تتحدث عنها الركبان