بقلم : د. فاضل الزعبي
كالعادة، أبو يوسف يقلب صفحات جريدة من الجرايد المرميه في القهوه، و مش مهم إنها جريدة إليوم أو قبل شهر، حين قرأ أن أبو لطفي لم يستطع أن يضم شخصية لامعه فذه كفوؤه لشلته. و السبب إنو ألاخ معو جنسيه ثانيه غير جنسية البلد.
و كعادة أبو فهمي حشريا يدعي ألمعرفه و العلم في كل شيء. و مجرد ما ينذكر إسم أي شخصية عامه أو مهمه أو فنيه أو زعرنجيه، حتى ينبرى و يبين و يتحدث عن عمق صداقته و معرفته ألشخصيه ألحميميه بهذه ألشخصيه أو تلك.

فورا أبو فهمي عدل طاقيتو و سحب كرسيه لجنب أبو يوسف و لزق فيه و قال: هظا الزلمه صاحبي، و كنا في الابتدائي سوا، و إشتغلنا معلمين بعد المترك سوا في قرية بصيرا زمان. بس بعدين أهلو متمكنين و درسوه بره و صار عمود من العلم و المعرفه في البلد. بس إلشهاده لله، عمرو ما نسيني و كان يتفقدني كل فتره و مره عينلي ابن اختي في الضريبه عندو.

ابو يوسف سألو: طيب صاحبك لويش أخذ جنسيه ثانيه، و منين؟.
يا سيدي يا أبو يوسف، صاحبي كمل بكالوريوس و ماجستير و دكتوراه و كم دوره متقدمه و اشتغلو سنتين و كلو في كندا، و إحسبها، هذول بيطلعو عشر أو اطنعشر سنه. و طبعا أخذ إلجنسيه زي ما حكالي ميشان رسوم الجامعه بتصير أقل عليه، لانو صار كندي إبن بلد، قصدي هذيك البلد مش هاي، و هيك بيوفر، و كان متزوج، و هيك أولادو بيروحو عالمدارس ببلاش و تأمين صحي و ضمان مجاني و قرض ميسر لشراء بيت و غيرو و غيراتو.
يعني إلجنسيه مربحه إلو، و بتوفر عليه كثير خاصه بعد ما أبوه باع أخر شقفة أرض و هو بنص الماجستر.

طيب يا عم أبو فهمي خليه يتنازل عن الجنسيه و شو بدو فيها هسه. بلاش يعيش في بلده بحقوق منقوصه، من شكل ثاني غير اياه، يعني يعيش سحيج بس.
سلامة فهمك يا أبو يوسف ما بيصير، حتى و لو تنازل عنها. ما بيطلعلو يصير وزير ولا نائب ولا مجلس بلدي حتى. لازم يظل سحيج و لا يرجع بره.
بس إوعا تنسى إنو بيطلعلو ينتخب.
يا سلام يا أبو فهمي ، يعني قصو حق الانتخاب و الترشيح من النص. و كيف هاظا الحكي.
طول عمري بعرف إنو حق الانتخاب و الترشيح. هو حق واحد ما بينقسم.
الله الله و مين العبقري اللي قسمو. ها ها اكيد من اللي ما عندهم جنسيتين. هه هه اللي بيجوز ما طلع من القريه الا على المدينه مش على بالد بره. اي هو ما عندو جواز سفر مش اثنين.

ماشي و طبعا كندا كمان قصتلو الحق و ما بيقدر يترشح هناك. المفروض إسوة بالتجربه الفريده اللي عندنا.
لأ لأ يا ابو يوسف. في كندا و غيرها بيسمحولهم و هاي دول بتفهم ما بتقص حق الانتخاب و الترشيح من النص. شو هي كاينه قرص جبنه ولا راس جميد، وحد الله يا زلمه.
ألفم يا ابو يوسف يتكون من شفتين، شفه فوق و شفه تحت، لما تقطع وحده منهم، ما بيصير زلمه بفم بيصير زلمه بشفه. ميشان هيك الازعر اللي قاعد غاد في القرنه، اسمو أبو شفه.

معليش يا ابو فهمي البلد فيها زيو و بيجوز أحسن منو. ما وقفت عليه. راح تمشي الامور بدونو. و حتى لو سلمو شو رايح يعمل، زيو زي غيرو، ما أنته عارف عمر القصير ما بيوكل تين.

يا عم ابو يوسف مرات بحسك غبي و ما بتفهم علي. انا بقلك قصو الحق اللي هو واحد و ما بينقص، حق الانتخاب و الترشيح و عملو حقين. ما صارت هاي في اي بلد.

يعني البلد الثاني اللي اخذ جنسيتها بعدين. اللي هي الفرع ما قصت حقو. و البلد اللي هي الاصل و اللي قانونها بيسمح انو ياخذ جنسيتين قصتلو الحق.
سمحتلو يكون سحيج - عفوا بس ينتخب- و على ايش محملينو جميله. ما اطلبو منو يعمل اقامه و يدفع غرامات و هو مسافر اذا اتجاوز الاقامه زي السيرلنكيات، حتي يعرف حالو. و كمان ميشان غيرو يرتدع و ما يتجرأ يوخذ جنسيه ثانيه.

ابو يوسف رجع يقرا الجريده و هو يتمتم و يهمهم.
شو بتحكي يا أبو يوسف. حكاها أبو فهمي و هو مش عاجبو إنو أبو يوسف قطع الحديث بهالطريقه و عن هالموظوع بالذات. خاصه إنو أول مره كل الحكي لأبو فهمي و مسيطر عالنقاش.
قالو أبو يوسف أنا مش عاجبني هالموظوع و مش عاجبني انو بيفصلو الامور زي ما بدهم، بدهم اياها قصيره فهي قصيره و بدهم اياها طويله فهي طويله. اعوذ بالله يا زلمه من هيك شغلات بتحس انو اللي بيعملها ممكن يعمل أي إيشي عاطل و مؤذي للغير.

يا أخي يا هو مواطن أو مش مواطن.
يعني صار عنا هسه في البلد؛
مواطن كامل برقم شاصي و جنسيه وحده بيتخب و بيترشح و بيتعالج و بيكش حمام ميشان يصير نائب في البرلمان.
و مواطن نص، برقم شاصي و جنسيتين بينتخب بس و ما بيكش حمام.
و مواطن -عفوا شبه مواطن- بدون رقم شاصي، الشاصي ممسوح و لا بينتخب و لا بيترشح ولا بيتعالج و يمكن ما بعرف شو لأ كمان.
و مواطن اصلو من قبائل الهوهو في بلاد العوعو و إلو كل ايشي بطون ما يتنخب و حصته محفوظه و مصانه.
و مواطن مطرود من بلده و ممكن يصير شيخ عشيره او شاويش مخفر و على طول.
و مواطن لاجىء و الله اعلم شو الو، بس انا عارف شو عليه.
و مواطن مسحوب جواز سفره و مواطن مسحوبه جنسيته و مواطن بجواز سنتين و كمان ثلاث سنين و ثلاثة أرباع السنه
و مواطن مقيم بدون جواز لانو متجوز بنت من البلد و أولادو الله أعلم. مع انو كل الدول لما تتجوز من بناتها بتوخذ جنسيتها. و حتى لما بتنولد فيها كمان بس احنا لأ. اي اعطوهم هالجواز ميشان بناتنا ينفقو . بتعرف يا اخي ابو فهمي، يمكن هاي بتحل مشكلة العنوسه. يعني لعيبة السله اللي الله اعلم من وين همو يوخذو الجواز بلمح البصر ميشان يتنطنط بكرة السله عالفاضي و النتخب بيهم جاب المركز السابع و بدونهم عالبطوله. وقت الكباب صكوا الباب ووقت الملوخية جمعوا الأهلية.

اي انا بعرف بلاد جنبنا، طلعت قانون إسمو عودة الكفاءات للبلد و أعطوهم بيوت و سيارات و رواتب عاليه بس ميشان يرجعلو للبلد مع انو كلهم معهم جنسيات أجنبيه ثانيه و شغل و مرتاحين في بلاد بره. أزيدك قسم منهم صار وزرا و غيرو.

ما بيصير هالحكي، و شكلنا ابدا مش حلو، و أهم ايشي انو الظلم عاطل و نهايتو مش حلوه ابدا ابدا.

طيب يا أبو فهمي، ليش لما ابن البلد في بلاد بره ينجح في إنتخابات بلديه أو نيابيه أو يصير عمدة بلد أو وزير أو رئيس، بنفرح و بنهلهل و بنكتب عنهم بالجرايد فرحانين؟
بعد هيك، لا حدا فيكو يسولف و يغرد عن موضوع هجرة العقول.

الحق واحد لا يتجزأ و الظلم واحد مهما تعددت اشكاله و أي خلل في المعادله يؤدي الى إنعدام العداله و إنعدام العداله يؤدي للي بدناش ايه. عفوا اللي ما بدهم اياه.
اللهم إحييني لليوم الذي أرى فيه ألمسوؤل في بلدي يخشى و يخاف و يرتجف قبل ان يؤذي مواطن. مواطن. مواطن. مش شبه او نص مواطن. يا حبيبي يا أبو فهمي ما سمعت بالمثل اللي بيقول: إذا رأيت نيوب الليث بارزة،،، عندها إعرف إنو معجون سنانه أصلي!!!!

ملحوظه: أبو يوسف بعد هذا الحديث مع أبو فهمي بدأ في معامله الجرين كارد و سافر لأمريكا و صار أمريكي و ما زار البلد من يوم ما سافر لحد ما مات في أمريكا. رحمه الله. مات مبسوطا و مرتاحا حسب ما ذكرت أم يوسف عند عودتها للبلد لابسه برنيطه لحصر الارث، و يا حسره كلها سيارة رينو ١١ مهتريه و خربوشه في وادي الرمم.

و إذا حلقو لغيرك، بلل راسك و إستنا دورك!!!!!