31-08-2013 03:54 PM
بقلم : د.سالم بني عطا
تعجبني وبقوة المقولة الشهيرة "أعمل نفسك عبيط" وهي مقولة جميلة تتردد على ألسنة اخواننا المصريين في كثير من الاحيان.ويطبقون مضامينها في العديد من المواقف الحياتية التي يمرون بها عن قناعة وطيب خاطر.فيتقمص منهم العاقل والمدبر دور العبيط الذي لا يفقه من الدنيا شيء لينجو من موقف صعب , او ليتخلص من ضيف ثقيل الظل على القلب والأعصاب حل به في تلك اللحظة.
ونحن هنا في الاردن ,وفي كثير من الاوقات يحتاج الواحد منا ان يجعل من نفسه لا عبيطا واحدا بل الف عبيط ولو لبرهة قصيرة من الزمن ليفعل كما يفعل اخواننا المصريين .وما اكثر المواقف الاجتماعية والمناسبات الحياتية التي تحتم علينا ذلك ,وما اكثر الاشخاص ثقيلي الدم الذين يظهرون فجأة في طريقنا ,ويحاولون فرض انفسهم علينا بتصرفاتهم .
وعليه ,فجدير بك ايها الاردني ان تجعل من نفسك عبيطا وأنت ترى اسعار صندوق البندورة يتأرجح تارة بين الاربعة دنانير وتارة اخرى بين الثلاثين قرشا ,وعليك ان تقول انت مجنونة ايتها العزيزة لما هذا التناقض صعودا ونزولا ؟ وهل دخلتي البورصة العالمية لتضلين بمثل هذا التناقض الشديد !؟ ام ان هناك مجانين يتلاعبون بك وفق اهوائهم ومصالحهم الشخصية ؟
وعلى الاردني الذي يرقد تحت خط الفقر, والذي يضطر ان يستقل وسائط النقل العام مرغما ان يجعل من نفسه قمة في العباطة عندما يشاهد ويسمع احد الركاب في حافلة نقل عمومية يتفوه بأبشع الألفاظ ويعتدي على الحرمات الجماعية للركاب,ويضايق الفتيات وكل ذلك لكي لا يقع فريسة سهلة لذلك السفيه ويحرجه امام الاخرين بسفاهته ودونية تفكيره لو فكر بنصحه وثنيه عن فعلته الشنعاء !!
وبالتأكيد فمن الواجب على الاردني ان يعمل عبيطا عندما يشاهد على شاشة التلفاز نشرة اسعار المحروقات الشهرية تبشره بزيادة طفيفة على مادة البنزين اوكتان 90 مع الابقاء على سعر اسطوانة الغاز المنزلي وهو يرى اسعار تلك المشتقات في دول الجوار العربي ارخص من اسعار مياه الشرب,وان النفط والغاز ينساب من حقولها في كل من السعودية ,والعراق,وسوريا ,ومصر ,وحتى في اراضي فلسطين السليبة"اسف" جارتنا اسرائيل.وعليه ان يتناسى بعباطة فائقة اننا نمتلك اخفض بقعة في العالم "البحر الميت",وان السوائل والنفط تنساب تلقائيا الى المناطق المنخفضة كما تعلم ذلك في مادة العلوم في المدارس!!
وعلى الاردني ان يعمل عبيطا عندما يشاهد ويسمع مداخلات السادة النواب وخطاباتهم العصماء تحت القبة اثناء مناقشتهم الثقة او الموازنة العامة او رفع اسعار الكهرباء عندما يشحن حينها بما يسمعه منهم من تنظير واستعراض وانتفاخ للأوداج فيستبشر بالخير وان الامور مالها الى الخير لكنه بالتأكيد سيفاجئ في النهاية على حصول الموافقة والثقة على الموضوع المطروح بالرغم مما سمع وشاهد من الاستعراضات التي تورم منها رأسه !!
وبالتأكيد فعلى الاردني ان يتقن فن العباطة, ويبلع لسانه, ويكظم غيظه حين يفاجأ بين عشية وضحاها بمضاعفة اسعار بطاقات شحن الهواتف الخلوية بقرار سريع ومباغت من الحكومة ودون علم النواب او شركات الاتصال التي اعلنت براءتها من هذه الجريمة البشعة بحق المواطن . وعلى الاردني ان يقبل هذا القرار رغما عن انفه حتى لا يصمت هاتفه العزيز ,ويفقد تواصله مع العالمين الداخلي والخارجي بعدما تعودنا على العولمة .
بالفعل ,كثيرة جدا هي المواقف التي تتطلب العباطة في مجتمعنا الاردني ,وتزداد هذه الحالات وتتسارع مع تسارع الاحداث التي لم يعد الاردني يستوعبها,او يجد لها مبررا ومسوغا.اذا فما الحل؟سؤال وجيه اطرحه على الجميع علنا نجد منكم الحل الكافي ,والبلسم الشافي لنتعافى من المرض العضال الذي حل بنا ألا وهو " اعمل نفسك عبيط " .