حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,10 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 94821

ما معنى أن تكون ناشطاً في حقوق الانسان "2"

ما معنى أن تكون ناشطاً في حقوق الانسان "2"

ما معنى أن تكون ناشطاً في حقوق الانسان "2"

01-09-2013 03:36 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي صدام ابو عزام

سبق وأن تم الإشارة الى الاشكاليات التي يعاني منها مجال حقوق الانسان في المنطقة سواء على الصعيد الفردي أو المؤسسي ، في مقال سابق يحمل ذات العنوان ، الا أنه ولتسارع الاحداث وما تشهده الأمة والمنطقة من حالة فوضى عارمة على الاقل على الصعيد الفكري ، وفقدان بوصلة الهداية وفقه الاولويات ، ينتابنا شعور جامح كم نحن بحاجة الى فئة من المجتمع تمتلك زمام الأمور وتشكل صمام الأمان للمجتمع وعدم السير للمجهول والقدرة والمكنة للحكم على كافة الممارسات والسياسيات التي يتم تطبيقها في الأوقات الانتقالية ، هذه المراحل – أي الانتقالية – لا تزال ضحلة وعصية الفهم على الكثيرين نظراً لطبيعتها المركبة والمختلطة بين البناء العام والفوضى والتأسيس لمرحلة جديدة والتخلص من مرحلة سابقة واثارها مما يشئ ببعض الاشكاليات نظراً لبروز تيارات وأحزاب جديدة تسعى نحو إدارة الدفة .

من هنا نحن بحاجة الى نخبة بالمفهوم العلمي لا الطبقي ، وعادة هم نشطاء حقوق الانسان الذين يملكون المعرفة والقدرة والكفاية والمؤهلات والصلاحية بحكم مهمتهم المقدسة على تشخيص وتكييف الاحداث على الواقع وتبيان مدى سلامتها ومراعاتها للمعايير الدولية لحقوق الانسان ، وتقديم النصح والارشاد والرأي الاستشاري لجميع الفرقاء لتشكل هذه المعايير أرضية مشتركة بين الاطراف السياسية أو المتنازعة كافة بعدم خرق أو الاعتداء أو انتهاك هذه المعايير، باعتبارها نقطة إجماع لدى الكافة مهما اختلفت مشاربهم السياسية .

وفي ذات السياق، يجب التنويه الى أن فترات التحول الانتقالي أيضا قد يشوبها التشويش والدخلاء والعملاء على العمل الحقوقي بداعي التوجيه والتأثير على حيادية العمل أو إصدار فتاوى حقوقية من شأنها أن تبرر أعمال فريق ينحاز اليه مسبقاً ، مما يشكل نسكة لنشطاء حقوق الانسان أمام المجتمع وللتخلص من أمثال هؤلاء يجب التأكيد على العمل الجماعي وبروح الفريق الواحد ومناقشة كافة الاحداث والتفاصيل امام الجميع واستنباط الادلة والبينات وإصدار أحكام واقعية وحقيقية، ومن اللافت للنظر في الايام السابقة الخلط بين الجانب الحقوقي والسياسي وتبرير مثل هذا الخلط من قبل بعض المتنطعين والمعطلين لحقوق الانسان ليجدوا لنفسهم موطئ قدم لإصدار الاحكام الحقوقية التي تبرر الأيدولوجيات التي يتنمون اليها ، إن العمل الحقوقي بعيد كل البعد عن العمل السياسي، فالحقوقي لديه معايير دولية يحتكم اليها لتقدير التصرف السياسي والرسمي وغير الرسمي والحكم عليه هل يتفق ويحترم حقوق الانسان أم لا ؟؟ ، صحيح أن الحقوق السياسية هي جزء من منظومة حقوق الانسان لكن هناك فصل كبير بينهما بينما يقدر الحقوقي التصرفات الرسمية وغير الرسمية ومدى تمكينها للأفراد من ممارسة حريتهم وحقوقهم السياسية لإتاحة الفرصة امام السياسي للعمل بأجواء حقوقية مواتيه ليتسنى له مخاطبة جموع الناس لإقناعهم ببرنامج عمله وتنفيذه على الميدان ، فلا ثمة خلط بينهما وخطوط الفصل واضحة وبيّنه لكل ذي لب .

ولنخصص الحديث نوعاً ماء لتجربة شاهدتها قبل فترة في بلدي الاردن حزنت كثيراً من طريقة الخطاب والطرح الحقوقي التي قدمها أحد الاشخاص ممن يعتبر نفسه ناشطا في حقوق الانسان ، مما يؤكد على حقيقة مفادها أنه الاوان لتشخيص الواقع ووضع خارطة طريق للمستقبل من قبل الاشخاص المشهود لهم بنزاهتهم وإدراكهم عِضم المسؤولية والبحث عن صيغة عمل جماعي مؤسسية لعلها تشكل باقورة العمل وتلافي جميع الاشكاليات، أو من بعض المتنطعين الذي يحمل قناعة بأنه حتى يقول عنه البعض بأنه ناشط حقوقي يجب أن يرفع صوته ويصرخ ويهاجم ويصدر من الاحكام التي لا أساس لها من الصحة والواقع ويناقض نفسة ويؤيد هذا ويعارض هذا ويعود ويتفق مع هذا ، قصة كبيرة ، أو ممن يحملون الخطاب المزدوج أمام الجمهور يطالعك بلغة وفي خلدة لديه لغة وقناعة مناقضة تماماً ، حينها ندرك كم نحن بحاجة الى وفقه حقيقية مع الذات والحديث برويه لبيان الغث والسمين .

لقداسة العمل الحقوقي والادراك الأممي بقداسة المهمة الجليلة والانسانية العظيمة التي يقدمها للمجتمع والانسانية جمعاء صار الى الحديث وقوننة نصوص خاصة لتشكل هادياً ومرشداً لنشطاء حقوق الانسان في طريقهم نحو تعزيز وترسيخ القيم الانسانية في العالم ابتداء من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعديد من المؤتمرات العالمية والتي تم تتويجها بالإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً الصادر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1998، والذي تم التأكيد بموجبة على مسؤولية الجميع في تعزيز وحماية حقوق الانسان من الدولة والمؤسسات الرسمية وشبة الرسمة والقطاع الخاص وكافة العاملين في الميدان مما يتعاظم دور نشطاء حقوق الانسان في تبني مقاربة فكرية حقيقية تؤسس لأدوار متكاملة بين الجميع تثبت قدرتها على بناء نموذج حضاري تسود فيه قيم العدالة وسيادة القانون.

وتجب الاشارة الى أن العمل في حقوق الانسان ليس حكراً على أشخاص دون غيرهم فجميع الاشخاص لهم الحق في العمل في هذا المجال وان يدعو وان يسعوا الى حماية وتعزيز حقوق الانسان وحرياته على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي ، لكن كما سبق الاشارة اليه فإن هذا العمل خطير وحساس وليس منحلاً من عقاله، مما يزيد ايضاً من مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان من نشر التدريب والتوعية والتثقيف على أوسع نطاق ، مع الانطلاق من أنه يقع على عاتق الحكومات أن تسعى الى تعزيز حقوق الانسان وتهيئة المناخ العام للعمل الحقوقي والمرجع في ذلك كما سلف هو المعيار الدولي المستقر في ضمير الانسانية والمجمع عليه .

ولزوم العمل الحقوقي تمتع الافراد بالحقوق والقدرة على ممارستها من حيث التجمع السلمي وتشكيل المنظمات والجمعيات والروابط والنقابات وغيرها من الاشكال المؤسسية والقدرة على التواصل مع الجميع في كل مكان، ومن باب أولى ايضاً تمتع العاملين بحقوق الانسان بحرية الرأي والتعبير والقدرة الى الوصول الى المعلومات ونقلها وبثها وتلقيها وكل ما يتعلق بحقوق الانسان وحرياته وأن يكون لديهم القدرة على مناقشة أفكارهم وآرائهم على الملاء دون أي منع أو انتهاك، ولما كان العاملين في حقوق الانسان أكثر الفئات عرضة للخطر نتيجة مهمتهم الانسانية واثارها على الاطراف الأمر الذي يتطلب من الحكومات أن تضمن تمتعهم بالحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن ذلك قدرتهم على تقديم الشكاوى للسلطات القضائية والتمثيل القانوني والنظر المنصف والعلني والفعال وبأسرع وقت ممكن وبالتعويض العادل وكافة ضمانات المحاكمة العادلة.

هذا الفضاء الرحب في العمل الحقوقي يجب أن يرافقه مسؤولية عظيمه في أن تكون حماية وتعزيز حقوق الانسان هي الغاية الأسمى ، وامتلاك القدرات والاليات والخطط والمعرفة والدراية في التقدير السليم والحقوقي على أي تصرف من شأنه أن ينتهك حقوق الانسان في أجواء حقوقية صرفة بعيداً عن أي تجاذبات سياسية أو ايدولوجية أو اقليمية أو مذهبية ، مع الاشارة الى أن ما يقوض منظومة حقوق الانسان أن يشوبها مثل هذه العوالق التي من شأنها أن تزعزع ثقة الجمهور بجدوى وفحوى العمل الحقوقي .








طباعة
  • المشاهدات: 94821
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم