02-09-2013 10:29 AM
بقلم : د.م عبدالحفيظ الهروط
منذ خلق الله آدم من طين الأرض وسخَر له كل شئ وفضَله على كافة المخلوقات بالعقل الراجح والتكاثر بالتناسل في بلاد العرب، ثم الموت المؤكد لنهاية الدنيا في بلاد العرب والمسلمين أيضاً، فالبعث في يوم الحساب. حيث بدأ الظلم من قابيل لأخيه هابيل فقتله فاصبح من النادمين، فصار الصراع المحتدم بين الحق والباطل، وهو أيضاً بين الظالم والمظلوم، وبين السجان والمسجون، لا ينتهي حتى قيام الساعة. ودليل ذلك؛ أنه قبل 14 قرنا من الزمان بين لنا رب البلاد والعباد مخاطباً الناس في كلامه العظيم في سورة الروم العالمية: أن يخيم الفساد المضاد للاصلاح على أرجاء المعمورة في برها وبحرها بما فعله الإنسان بسبب ظهور فساده في العالم كالقحط وعدم النبات ونقصان الرزق وكثرة الخوف وكساد الأسعار وقلة المعاش وقطع السبل، ومن الظلم بعواقبه الوخيمة التي ترجع على صاحبها بالندم حتى طفح كيل الفساد على العدالة الحقيقية الألهية المطلقة بطغيان لغة المصالح الأنانية الشخصية والقضاء على كل شئ في الأرض، وقد أوضح ربنا تبارك وتعالى هذه الحاله من الماضي إلى يومنا الحاضر ثم المستقبل في قوله جلَت قدرته:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ* وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ *". ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:-((ستأتي فتن على امتى كقطع الليل المظلم يصبح الحليم فيها حيران فيصبح فيها الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويصبح الرجل كافرا ويمسى مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا)). وقد جاء الدليل الملموس على صحة ماسبق بان اكد رئيس البنك الدولي في 20 آب 2013م: أن المساعي الحثيثة والبحوث العلمية الميدانية المتواصلة التي قام بها البنك لمكافحة مشكلة الفساد الأكثر استمراراً واستعصاءً على الحل، كما اثبتت وجود علاقة ارتباط عكسي قوية بين النمو والفساد. فالفساد يعاقب المواطنين الأكثر فقراً والمؤسسات الأصغر حجَماً، ويقيد وصول الخدمات إلى المواطنين الأكثر ضعفاً، وتدني مستوى الخدمات العامة المقدمة، وتحويل الموارد من الفقراء للاغنياء، وزيادة تكاليف الأعمال التشغيلية والإدارية مشوهاً الأنفاق العام ومثبطاً همم المستثمورين ومعيقاً أدوات التنمية السليمة والعادلة ومدمراً وظائفها الحيوية ومقوضاً فرص عملها المولدة للانتاجية، ويسبب فساد المسوؤلين وحكام الدول النامية تكاليف باهظة تتحملها الشعوب ومؤسساتها المجتمعية من خلال سرقة 40 مليار دولار سنوياً وفقاً لتقريرالبنك الدولي كل عام. وأيضاً من خلال تحقيقاته (عمل 609 تحقيقات واصدار 250 قراراً بحق موؤسسات وأفراد) المتعلقة بسوء السلوك على مدى السنوات الأربعة والنصف السابقة.
وقد جاء الحل الألهي من فوق سبع سنوات: ليذيقهم عقاب تلك الأعمال في الدنيا لكي يرجعوا عن الآثام والمعاصي لكافة أشكال الفساد وظلمات الظلم بالتوبة النصوح والأصلاح الدائم من خلال حركة نظم الحوكمة الرشيدة الأوسع نطاقاً بالنصح لكل مسوؤل ولكل حاكم في هذه الدنيا السريعة الفانية بشكل عام ولبقية حكام الامة على وجهه الخصوص. وقد كررنا النصح مراراَ وتكراراً وسوف نبقى في قول الحق والنصيحة إلى أن يرث الله الارض ومن عليها: فالمظلوم يقول للظالم لقد طاب ظلمك على نفسي بثلاثة أشياء : إن الموت يعمنا ، والقبر يضمنا ، ونقف جميعاً بين يدي الواحد الديان لينصفنا بالميزان، وبناءً عليه؛ فأننا نريد المسوؤل والحاكم الأخذ ثم العطاء مما أعطاه رب العرش العظيم؛ لا حاكماً يأخذ ولا يعطي، حاكماً يخاف يوماً عبوساً قمطريرا: " فجعلناها نكالاً" تحَذر هذه العقوبة في كل زمان ومكان: الظالمين والفاسدين والكافرين بالنعم الالهية بسبب اعتدائهم على محارم الله، وتحيَلهم على أوامره. كما يشمل التحذير من حولهم من القرى في زمانهم " لما بين يديها" لما خلا من ذنوبهم، " وما خلفها" ولذنوب من جاء بعدهم. " وموعظة للمتقين" وتكون زاجراً لمن يأتي بعدهم بالخبر المتواتر عنهم إلى يوم القيامة، فليحذر المتقون صنيعهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم. ويقول الله جل في علاه مواسياً الضعفاء ومصبراً لهم قال تعالى : " وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ". ويقول صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ لَيُملي للظالم، حتىٰ إذا أخذَه لم يُفلِتْه. قال ثم قرأ {وكذلكَ أخذُ رَبِّكَ إذا أَخَذَ القُرَى وهي ظالمة، إنَّ أخذَهُ أليمٌ شديد} رواه البخاري ، ويقول جل جلاله لبني إسرائيل :"عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا". فما كان من البنك الدولي إلاَ أن يستفيد بالأفضلية القصوى من المعرفة الضمنيَة المتعلقة بتطبيق نظم الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مع من ثبت تورطهم في أعمال الفساد بالحرمان من أموال البنك الدولي والتعامل معه، وتفعيل استراتيجيتها بالتركيز على حل مشاكل العالم الحقيقي بالنمو والتنمية المستدامة والرجوع إلى الحل الألهي السرمدي.
وإلى اللقاء في حلقة قادمة تحمل في طياتها الحل الأمثل بإذن الله.