04-09-2013 10:02 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
تعرف الأمم من تاريخها سلباً كان أو إيجابياً , فالتاريخ لأي أمة كانت هو سجل لأحداثها الكاملة وبتفاصيلها , فتذهب الأمم وتزول ويبقى التاريخ مسجل عبر الكتب تتداوله الأمم اللاحقة وبالتالي نحكم على الأمم السابقة من خلال تاريخها , لذلك قالوا إن التاريخ لا يرحم .
عندما نتطلع إلى تاريخ أمتنا الحديث وأقصد وطننا العربي وما عاصره من أحداث بدءا من الحرب العراقية الإيرانية , ومروراً بحرب الخليج وغزو العراق للكويت وانتهاءاً بالربيع العربي الذي غزا تونس واليمن وليبيا ومصر وحتى سوريا ...... والبقية تأتي .
إن من تابع كل هذه الأحداث وما كتب عنها , وهنا أقصد مثلاً دخول العراق للكويت بحجة أنها المحافظة ( التاسعة عشر ) وتحرير الكويت الذي اعتبر ذلك انتصاراً في تحرير بلادهم من العدو المغتصب حتى وإن كان التحرير بأيدي أجنبية , فتاريخ هذه المرحلة مثلاً كيف يكتبه العراقيون وكيف سيقرأه الكويتيون والعكس صحيح 0
وانطلاقا إلى الانقلابات التي حصلت باسم الربيع العربي وتحت مسميات كثيرة منها الديمقراطية و الحرية , مكافحة الفساد و الاستبداد , استرداد الحقوق والأوطان من الغاصبين , أو الشروع في نشر الحكم الإسلامي وما إلى ذلك .
إن انقسام الشعوب في كل هذه الأوطان بين مؤيد ومعارض لما حصل ويحصل في بلادهم , يجعلنا أمام كتابات كثيرة متناقضة منها من يرى أن ما حصل هو ربيع عربي تم فيه استرداد الأوطان من الغاصبين وإعادة الحرية والديمقراطية التي تم سلبها من الشعوب ومنها أيضا من يرى أن ما حصل هو دمار عربي مخطط له يهدف إلى زيادة الانقسام والتفتت في الوطن العربي خدمة للصهيونية العالمية أو تنفيذ لمخطط شرق أوسط جديد.
وكل هذه الكتابات ستصبح فيما بعد تاريخ ينظر إليه الأجيال من بعدنا , وعندها سيبقى الانقسام لأنهم لن يستطيعوا تفسير ما حصل في أوطانهم مع نهاية القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين , وعندها ستغيب الحقائق ويجد الإنسان أنه عاجز استيعاب ما حصل ويختلط لديه مفهوم الخيانة و الأمانة , وعندها سيشعر القارئ من الأجيال القادمة أن وطنه مر في زمن كان فيه الوطن أشبه برغيف الخبز ( الكل يأكل فيه والكل يحلف عليه ) .
ولنلقي نظرة سريعة لما حصل سواء من هروب الرئيس التونسي المفاجئ أو عزل الرئيس اليمني ( ولو كان بحفظ ماء الوجه ) أو قتل الزعيم الليبي أو أجبار الرؤساء في مصر ( مبارك , ومرسي ) إلى ترك السلطة وزجهم في السجون وما تلا ذلك من أحداث سيذكرها التاريخ وتتبادلها الأجيال القادمة ولو بعد حين , ولكن حتماً لن تكون الصورة كاملة أمامهم وسيقفوا حائرين بين من هو على حق أو من هو على باطل .
أخيرا إن ما حدث منذ أكثر من عامين في سوريا , وما هو منتظر أن يحدث لها وكيف ستكون نتائجه , ( لا احد يعلم ) حتى وإن تكهن البعض لتلك النتائج , فالإنسان يقتل الإنسان وأصبحنا نرى القتل والدمار حتى أصبحنا ننظر إلى هذه المشاهد وكأنها دعاية لمسلسل تركي قادم , أو عرض لفلم ( أكشن ) يعرض لاحقاً دون تأثير, ولكن الجميع يعلم أن الله تعالى قال في كتابه العزيز ( من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً ) صدق الله العظيم , فلمصلحة من يحصل كل ذلك ؟؟؟ .
أخيرا أنا أريد أن أقول إن أحداث الحاضر هي تاريخ المستقبل , وهذا التاريخ لابد للأجيال القادمة من تداوله كما نتداول نحن تاريخ الأمم والشعوب التي سبقتنا , فنفتخر به أو نخجل منه 0
وهنا اطرح سؤال برسم الإجابة , هذا التاريخ ( أحداث الحاضر ) من سيكتبه وكيف سنقرأه ؟؟؟ الله اعلم .