بقلم : د. فاضل الزعبي
و هو رايح عالمحكمه ميشان يشتكي من البلا اللي هو عايش فيه, حتى يوخذ حقه و يرفع الظلم اللي عايشوه، وصل أبو فتحــي (الصديق الصدوق لابي يوسف) لعند كاتب العرايض (أبو حلمـي العرضعالجي).

بدأ أبو فتحــي يحكي قصتو لأبو حلمـي، القصير السمين التعبان حتى و هو قاعد عالكرسي و بالكاد ذقنه يلامس الطاوله.
و كاتب العرايض أبو حلمـي يسطر ما يسمع على العريظه و وجهه ملتصق بها لقصر نظره و ما عندوش نظاره ، الى ان انتهى من سرد مأساته، و طلب أبو حلمـي من أبو فتحــي ان يوقع على العريضه ليقدمها للقاضي.

أبو فتحــي باستحياء طلب من كاتب العرايض الانتيكه، ان يقرأها له حتى يعرف ماذا كتب.

بدأ أبو حلمـي بقراءة العريضه و أبو فتحــي انفلت في البكاء، ما ان انتهى من قرائتها حتى وجد أبو فتحــي في حالة يرثى لها باكيا حانقا منهارا، لا يقوى على الكلام.

استغرب أبو حلمـي و سأل أبو فتحــي ، مالك يا رجل، شو صارلك.
سأله عدة مرات الى ان أجابه أبو فتحــي بصوت خافت و مكسور: معقول كل هذا حصل لي و أنا ما بعرف.
كل هالمصايب صارت معي و انا ما بدري!!!!

نعم كل هذا يحصل و حتى أبو يوسف ايضا لا يعرف.
كل هذا يحصل لنا و كلنا لا نعرف، ربما فشل ادراكنا في استيعاب مدى الضرر و العطل و الدمار الحاصل لنا.
يعني بطلنا نستوعب و لا نحس. تمسحنا. صرنا كاوتشووك.

يعني كل هالمصايب و الظرايب و الجهل و المرض و الجوع و الفقر و التخلف و قلة الشغل
و برامج التلفزيون و أزمة السير وندرة المساحات الخضراء و الغابات و قلة المي و الجفاف
وقلة الامطار و همالة الاولاد و رداءة طبخ النسوان و ارتفاع درجات الحراره و الكهرباء
و قلة المصاري و غلا مكالمات الخلوي و خراب طعم المنسف و قلبة المقلوبه المضاعفه
و برادة المسخن و الاخلاص أو عكسه و غلا ايجارات البيوت مع قانون المستاجرين الجديد
و دعم سيارات الهايبرد ورفع الحد الادنى للاجور و رفع التنانير والواسطات و الشفافيه أو عكسها
و شطارة كتاب الجرايد و اصحاب المواقع الاخباريه الالكترونيه وزيادة مخصصات التنميه الاجتماعيه
و دعم البنزين و البطاقه الذكيه الخارقه و صغر حبة الفلافل و تقلص صحن الحمص و ريحة اللحمه الفايحه
و الجاج اللي مش جاج و الكرامه او عكسها و الغبن و لعانة الحرصي و احنا مش داريين.

حكوها، ان كنت تدري فتلك مصيبة و ان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم.
و حكو كمان، اللي بدري بدري و اللي ما بدري بيقول كف عدس، اي حفنة ملء الكف من حبوب العدس مش المجدره.
و هاي اللي صاير مع أبو فتحــي، ما كان عارف و هون المصيبه.

يعني مين فينا عارف شو معنى انو مواطن بشاصي درجه اولى او غيرها؟ و هون المصيبه.
يعني مين فينا عارف انو كيف بدو ينتخب مجلس القريه، و اذا كانت بصوت واحد و لا كتله شو الفرق او شو يعني. و هون المصيبه.

يعني مين فينا فاهم الرادار تبع شرطة السير علي اي درجه محطوط و بيقيس على نفس معدل السيارات اللي ماشيه في الشارع ولا لأ. و هون المصيبه.

طيب كيف بدك تعرف أبو لطفي (اللي بيشعل و ما بيطفي) مشمل و لا مغرب. مهو بتشوفو جاي بتفكرو رايح، و بتشوفو واقف بتفكرو قاعد، و بتشوفو صاحي بتفكرو نايم. و هون المصيبه.

يا رب زيد كتاب العرايظ و عددهم حتى لما يقرونا اللي حكينالهم اياه نحس في اللي احنا فيه. و نبلش عياط. بيقولو العياط مفيد للعينين، بس عيون مين.
اذا عرفت الجواب اسكت و خليها.