07-09-2013 10:41 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
بعد الانقضاض الدموي للعسكر على الثورة المصرية وهي لم تزل في عام الأول وبعد زج كل قيادات الشرعية ونشطاء المعارضة في السجون وبعد امتهان الانقلابيين لكرامة المصريين وبعد قتل المتظاهرين ومصادرة الحقوق وسلب الحريات وبعد استباحة المساجد وحرق الجثث في الميادين والطرقات وبعد ... وبعد ... وبعد ... ما زال المتظاهرون المطالبون بعودة الشرعية ـ وهم الأكثرية ـ يهتفون ويرددون : سلمية ـ سلمية ـ يسقط ـ يسقط حكم العسكر !!! صحيح بأن الهتافات ترعب اللصوص الخائفين أصلا” وصحيح بأن مجرد الهمس قد يربكهم ويفسد عليهم فعلهم ولكن ليس في هذه المرحلة المتقدمة من السرقة والسطو المسلح ... لقد كان لهذه الصرخات والهتافات بأن تؤتي أكلها وأن تعطي مفعولها لو صدرت من قبل عندما كان اللصوص في المراحل الاولى لجرمهم أي مرحلة : ( الاعداد للسرقة والشروع فيها) ولكن وبعد أن تمت هذه الجريمة بكل بشاعة وبعد أن أجهز المجرمون الانقلابيون على كل منجزات الثورة بفضاعة ... فهل بقي هناك معنى” لترداد : سلمية ـ سلمية ؟ وهل بقي هناك معنى” لمن صرخ أملا” بقدوم العون والغوث من مجتمع دولي متآمر ؟. لقد تقاسم اللصوص ما نهبوه وهم اليوم يعملون على محو آثار جرمهم ويحاولون فرض سياسة الامر الواقع بالقوة وهي نفس السياسة اليهودية المتبعة منذ القدم في فلسطين والتي بدأت بايجاد موطئ قدم في فلسطين ثم بعمل مزرعة فشركة فمصنع صغير أو كبير فتجارة فاستثمار فاحتلال فابتلاع للأرض فتشريد للناس ودمار فمساومة فتركيع وتطبيع ... وهكذا هم الانقلابيون المصريون اليوم يجاهدون لتمرير سطوهم ولتسويق انقلابهم أمام كل العالم بعد مصادرة كل الأراء المعارضة وبعد تكميم الأفواه وتلفيق التهم واختلاق الروايات الكاذبة لتشويه الشرعية وتشويه قياداتها وكل منجزاتها في وسائل الاعلام المحلية والعالمية ... ولم يكتفي هؤلاء العسكر بذلك : بل قاموا بتدنيس المساجد وحرقها وبقتل واعتقال الأئمة والمصلين والمحتمين من الموت في داخلها ... لقد صادروا جميع الحقوق وأجهزوا على كل منجزات الثورة والشرعية وحتى الشريعة الاسلامية فانها لم تسلم من هؤلاء ثم استخفوا بكل الاعراف السماوية وبجميع القيم والمبادئ الانسانية وتمادوا في باطلهم وفي غيهم واستبدادهم حتى وصلوا لمستوى” متقدم من الظلم والطغيان لم يعد يجدي معه المسيرات السلمية ولا المظاهرات والهتافات ... لا أدري ما هو الشيء الذي يراهن عليه المتظاهرون اليوم وهم يرددون : سلمية سلمية وهم الأكثرية !!! وماذا الذي ينتظره المتظاهرون والمعتصمون اليوم ؟ أينتظرون طلقة خرطوش من بلطجي سكير ؟ أم ينتظرون رصاصة غدر„ من كائن„ حقير ؟ ... لقد تمكن الانقلابيون من اجهاض الثورة في مصر وهم اليوم يراهنون على عامل الوقت ليكون في صالحهم ؛ لعل الناس ترضخ مع مرور الزمن وتنسى أو تستسلم للواقع المهين فتستكين ... واعتقد بإن كل الذين يراهنون على قيام انقلاب عسكري آخر مضاد لهذا الانقلاب ليعيد الأمور لنصابها الطبيعية ويعيد الشرعية لأهلها ولاصحابها الحقيقون هم واهمون : لإن عبد الرحمن سوار الذهب لم يولد في هذه الامة العربية الا مرة واحدة فقط ... وأتمنى أن أكون مخطئا” فيما أقول ... ثم كيف تراهنون على قيادات للجيش عاشت في كنف الغرب ثم ترعرعت تحت أعين اليهود واستوعبت الدروس المطلوبة وعلى رأسها حماية اليهود وارهاب الشعوب !!! وإن كان من بين المتظاهرين من يراهن على وصول الدولة المصرية مع المظاهرات المستمرة لوضعية الافلاس فهو واهم أيضا” في ظل المليارات الخليجية المتدفقة دون حساب للانقلابيين المصريين ... وإن من ينتظر حدوث تحرك دولي لثني الانقلابيين عن فعلهم ثم معاقبتهم على جرمهم فهو واهم أيضا” بعدما ثبت أمام كل عاقل بأن هذا الانقلاب قد خطط له اليهود ورعاه الغرب وموله العرب ... أيها المصريون : ماذا تنتظرون ؟ وكيف ستتوقف هذه المجازر اليومية بحقكم ؟ ومن سيتصدى لهذه الحثالة الظالمة من البشر ؟ ومن سيتصدى لهذا الاحتقار المشين لارادة الشعب وحقوق الأكثرية ؟ ومن ... وماذا ... وكيف؟؟؟ الأسئلة كثيرة ولن تنتهي ولكن الاجابة هي واحدة ووحيدة ... فليس من طريق لنيل الحرية واستراداد الحقوق ودرء الظلم سوى الطريق الذي سلكته كل شعوب الأرض وعرفته جميع الأمم عبر التاريخ وهو طريق الجهاد والكفاح المسلح ... وهو الطريق الذي رد الطامع خائبا” وطرد المستعمر ذليلا” والغاصب صاغرا” وقهر المتجبر والمتكبر في كل زمان ومكان ... انه طريق الجزائريين لنيل استقلالهم وفي نهاية الأمر بكل عزة وكرامة : نالوه ... وهو الطريق الذي سلكه العراقيون لطرد الغاصب ولتحرير الوطن من المحتل الامريكي ثم في نهاية الأمر وبكل جدارة حرروه ... لقد شاهدنا الحاكم العسكري الامريكي للعراق عندما نفش ريشه كالطاوس ولم يبالي بهتاف المتظاهرين في الطريق : كلا كلا يا محتل ـ اخرج هلا يا محتل ... لكننا وبعد ذلك شاهدنا هذا الحاكم العسكري مع جنوده وهم يرتعشون خوفا” على وقع عمليات المقاومة العراقية الباسلة وهي تدمر دباباتهم وتحرق آلياتهم وتستهدف جنودهم الذين كانوا يصرخون ثم يهربون مرعوبين أمام هول الانفجارات التي حولت أجساد زملاءهم لأشلاء ممزقة ومتناثرة في الطرقات .... ايها المصريون : انكم اليوم أمام استعمار داخلي وخارجي مجرم وخبيث ... وليس أمامكم من طريق سوى مقارعة هؤلاء اللصوص ومقاومة المجرمين الجبناء بكل ضراوة ومع الدعاء والثبات والصبر سيتحقق النصر بعون الله ... أيها المصريون : إن انتفاضة الحجارة الفلسطينية الاولى والثانية لم تخرج اليهود الغاصبين من الضفة الغربية ولكن العمليات الفدائية والاستشهادية التي جرت في غزة ومن غزة أخرجتهم من غزة مذعورين وخائفين ... أيها المصريون : لو بقي اللبنايون يصرخون في وجه الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان مائة عام : سلمية ـ سلمية ... وكلا كلا يا محتل فلن يخرج أبدا” ولكنه خرج بقوة السلاح وبعد عشرين عاما” من العمل المسلح والقتال المستمر والصبر والكر والفر ... إن الامثلة كثيرة وحاضرة في التاريخ العربي والعالمي ولا يظن البعض بأن اخفاق الشعب الجزائري في ثورته المسلحة أمام مكر العسكر والانقلابين هناك سيقلل من شأن المقاومة المسلحة في وجه الظلم والجبروت والطغيان والمثال الجزائري هو مثال وحيد والاخفاق الجزائري هو واحد ووحيد ... ولكن الامثلة التي توضح قدرة الشعوب على كسر شوكة الظلم وعلى تحدي الجبروت والطغيان هي كثيرة جدا” في هذه الدنيا ولا تعد ولا تحصى ... ولا ننسى بأن ارادة الله هي الغالبة في نهاية الأمر وقد تشاء هذه الارادة الربانية في مصر غير الذي شاءته هناك في الجزائر ولكن علينا السعي والتفكير وعلى الله النصر والتدبير وأعلموا بأن النصر مع الصبر وبأن اليسر مع العسر وبأن الله الذي حرم الظلم على نفسه قد أقسم بعزته وجلاله على نصرة المظلومين وعلى قهر الظالمين ومحق المتكبرين ... فالنصر قادم بإذن الله ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) فلا يظنن أحد بأن سفك دماء الساجدين وقتل الصائمين سيمر دون عقاب ولا يحسبن أحد بأن حرق جثث الموحدين العابدين وقتل المحتمين في بيوت الله سيظل بلا حساب ... فالاله الذي غضب على الطاغية فرعون قبل الآف السنين هو نفسه اليوم موجود والاله الذي أغرق فرعون وكل جنوده في اليم ليكونوا عبرة للناس وآية خالدة للمتأملين هو نفسه اليوم موجود ... وان الاله الرؤوف بعباده والرحيم بخلقه لن يدع المتكبرين والمجرمين والسفاحين ليتحكموا بمصائر الخلق وليتلاعبوا بأرواح الناس ... ولزوال الدنيا هو أهون عند الله تعالى من اراقة دم مسلم دون وجه حق ... هو مجرد رأي سمعته وقلته ... مع احترامي الشديد لكل دعاة بقاء السلمية في الثورة المصرية ... وأخيرا” فاني أسأل الله تعالى المستقبل الزاخر والواعد لمصر العربية والخير الوفير والكثير لامتنا العربية والاسلامية ...