08-09-2013 04:58 PM
بقلم : عايد أبو صعيليك
انتهت قمة العشرين وبانتهائها حققت روسيا وحلفائها نجاحا سياسيا واقتصاديا واضحا يبدو انه يؤذن ببداية عودتها كقطب رئيسي على مسرح السياسة الدولية قابله فشل ذريع للولايات المتحدة وحلفائها الذين بدو قلة في كثير من الملفات وخاصة الملف السوري فمن تابع المؤتمرين الصحفيين للرئيسين بوتن واوباما لاحظ كثيرا من المعطيات لعل أهمها:
1- الرئيس الروسي بدا واثقا مرتاحا للنتائج ممازحا للصحفيين، كيف لا وهو من استطاع أن يطيح بخصمه في القمة أو على هامشها معيدا لروسيا دورها التاريخي المعروف، فإعلانه الانحياز لسوريا ضد العدوان وتصميمه على مساعدتها في مختلف المجالات يشير بكل وضوح إلى ثقة استمدها من متابعته لحركة البرلمانات الأوروبية وشعوبها، كما كان رده واضحا على اوباما فيما يتعلق بمشروعية حربه، واتخاذه لجامعة الدول العربية ومنظمة التضامن الإسلامي، غطاء هزيلا لعدوانه، حيث بين بوتن للرأي العام العالمي أن كبرى الدول الإسلامية، (اندونيسيا) ومعها عديد من الدول ا لعربية والإسلامية إضافة لبابا الفاتيكان كرمز ديني يحظى باحترام المسيحيين، هم الممثلون الحقيقيون لشعوب المنطقة يرفضون العدوان على سوريا وليس الجامعة والمنظمة اللذان يداران من النظامين السعودي والتركي التابعين للولايات المتحدة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نجاح بوتن في القمة ليس النجاح الأول الذي يسجل له مع الأمريكان، فهو من أطاح بهم في مجلس الأمن كخطوة أولى على طريق العدوان على سوريا.
2- أما اوباما فقد بدا مرتبكا سارحا يتوقف كثيرا قبل الإجابة على الأسئلة، وباعتقادي انه كان أثناء المؤتمر أسيرا للمواقف المتخاذلة لحلفائه والتي لم تسعفه لاتخاذ قرار بالعدوان خارج إطار مجلس الأمن ضمن تحالف دولي، فكاميرون، وبدهاء السياسة البريطانية المعروفة، هرب من المأزق الشعبي إلى مجلس العموم الذي رفض العدوان فسلم برأسه، أما هولاند الفرنسي، فربط قراره بقرار الكونجرس الأمريكي، ليجعل من نفسه مطية ذليلة للأمريكي، آخذا الفرنسيين بجريرته وهو الأمر الذي لن يرضوا عنه وسيكون هذا بداية للإطاحة به، عاجلا أم آجلا.
3- على صعيد آخر بدا التركي وكجار لسوريا ومعني بها وكأنه غير موجود في القمة، فعاد منها صفر اليدين، لم يثر انتباه اوباما ولا بوتن، ليدخلها صغيرا، ويخرج منها صغيرا كعادته.
ومن هنا فقد أشارت قمة العشرين وما رافقها من مواقف خاصة ما يتعلق منها بالشأن السوري، إلى بداية عودة العالم لسياسة الأقطاب وتوازن القوى، فروسيا والصين ومعها بقية دول البريكس، أصبحت تتعاطى مع الأزمات الدولية ليس فقط من مبدأ مصالحي بل نحت إلى مواقف مبدئية، وخاصة روسيا المرتبطة تاريخيا بعلاقات تعاون مع سوريا، منذ عهد الرئيس السوفييتي بريجينيف وحتى الآن، وفي سياقه جاءت مساعدة روسيا لسوريا عسكريا واقتصاديا، لينبئ ذلك بمرحلة جديدة في العلاقات الدولية قائمة على التعاون والشراكة في حل المشكلات، وليس الاستغلال والهيمنة، ولذلك أتى إنشاء بنك التنمية لدول البريكس برأسمال 100 مليار دولار في هذا السياق، وعلى نقيض ذلك كشفت القمة عن تراجع في قوة محور القطب الواحد، الذي هيمن على العالم منذ عقدين ونيف، حروبا واستغلالا للثروات.
على صعيد آخر، لا بد أن نسجل للدبلوماسية السورية الهادئة نجاحها الملحوظ في إدارة الأزمة، منذ بدايتها وحتى الآن، من خلال خلق رأي عام عالمي رافضا لما يجري داخلها، وقد بدا ذلك واضحا من خلال التحرك الشعبي الرافض للعدوان الذي سبق القمة مما شكل ضغطا على البرلمانات الأوروبية خاصة، لتنأى بنفسها عن سياسة الولايات المتحدة، ذلك أن هذه الدبلوماسية استطاعت أن توضح للأوروبيين طبيعة الصراع فيها كصراع بين الجيش والدولة السورية من جهة وبين الإرهاب المتمثل بتنظيم القاعدة من جهة أخرى، وليس ثوره شعبيه كما تصورها الولايات المتحدة والدول العربية التابعة لها، خاصة بعد أن لاحظ الأوروبيين خروج كثير منهم والتحاقهم بالمسلحين في سوريا، مما اثأر قلقهم بحكم قربهم منها، ويبدو أن هذه الدبلوماسية أتت أكلها بشكل واضح في قمة العشرين، فلم يؤيد قادة الدول الأوروبية العدوان لينفرط عقد التحالف.
وأخيرا اتسائل ومعي الكثيرون هل سيذهب اوباما وحيدا للحرب، من خلال الضغط على الكونجرس، في محاولة منه لإعادة هيبته التي فقدها في قمة العشرين حتى لو كان ذلك على حساب معارضة الشعب الأمريكي، وهو الأمر الذي يبدو ممكنا حينها سيشعل المنطقة وسيشتعل معها في نهاية تراجيدية لفترة حكمه كما أرادها له اللوبي الصهيوني.