09-09-2013 09:58 AM
بقلم : فيصل تايه
عندما يتبنى معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات مفهوم المعلم الممارس كان يمتلك القناعة التامة ان المعلم هو عماد النظام التربوي وان الإصلاح يجب أن يبدأ به لان أيه محاولات اصلاحيه لا تبنى إلا بمقاربة التعليم بالكفاءات التعليمية والتي تنسجم مع الأهداف المرجوة ما يؤسس لتوجه تكويني مهني جديد يهدف إلى بناء وتطوير مجموعة من الكفاءات المهنية التي تعزز دور المعلم وتنمي قدراته والتي ستقوده نحو ممارسات مهنية حقيقية ناجعة ومتطورة تعمل على تحقق النتائج المأمله .. فنحن نستهدف في ذلك فئة معينة بحد ذاتها دورها التربوي منصب نحو الوصول الى منتج نوعي ضمن رؤية وزارة التربية والتعليم ورسالتها تحديداً .. وبذلك نحد من تغول بعض الفئات التي حسبت على المهنة والتي تحمل المسمى دون أن تعمل به .
وإزاء ما يموج به العالم من تغييرات جذرية في المفاهيم والرؤى والمضامين يجد المعلمون أنفسهم – شأنهم في ذلك شأن معظم أرباب المهن الأخرى – مضطرين إلى الاعتراف بحقهم في ممارسة مهنتهم وتحديث واستيفاء معارفهم ومهاراتهم ، للحد من تعدي الآخرين على حقوقهم المشروعة .. فالعملية التعليمية مهما كان نمطها هي رسالة .. وعمليه تفاعليه تشارك فيها كل مكونات الكائن الجسدية والانفعالية والعقلية والاجتماعية تسهم في بناء الإنسان .. لذلك فمن الضرورة بمكان تدعيم دور ربانها بوسائط تمكنه من الإعلان عن نفسه ومعرفه دوره الحقيقي الذي يمكنه من أداء رسالته بكل همه ومسؤولية .
إن توصيف الوظائف الإنسانية اوالوظيفة التربوية ومنها وظيفة المعلم ، أصبح ضرورة حتمية .. فعالم التربية والتعليم يعيش تطورا سريعا ومتزايدا يدخل في أنماط تسييرية وتقويمية جديدة مهملة أو غير مطبقة من طرف العديد من الجهات والمنظمات التربوية التي تتبنى فكر منظم ومعاصر .ما يحتاج الى وصف واضح لمهنة التعليم لتتمكن من القيام بالدور الحقيقي المطلوب منها تحقيقه .. فالأنظمة التربوية تتجه بتسارع نحو الديمقراطية وتربط بين التربية والقطاعات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية، بالتركيز على ادوار الجماعات والشراكة فيما بينها وهذا من اجل إثارة تعاون حقيقي يقوده المعلم الممارس بين المدرسة ومنظمات وهيئات المجتمع لإيجاد تشاركيه تكاملية ضمن اكبر تحدي يواجهها في عصر العولمة والاقتصاد القائم على المعرفة .
في هذا السياق العالمي الجديد، ورهانات الغد والمستقبل ما يرفع التحدي لانطلاقة اقتصادية صحية ومدروسة ودقيقة وتحرير المدرسة من الأنماط التقليدية نحو أفق ومنحى جديد يسعى لتفعيل وتطوير النظام التربوي ومن اجل نوعية وجودة شاملة ليتوسد لدى الجميع القناعة التامة اننا بحاجة ماسة لمعلم ممارس لدورة الريادي الطليعي يؤدي رسالته.. ويقوم بواجبه في مكانه المعروف وفي بيئته التربوية الحقيقية .
ان التوجهات التي من شانها أن تنهض بنوعية التربية والتعليم ، والتي تعتمد على توجيه عملية التعليم والتعلم نحو إكساب المعلم طرائق عمل متجددة وتزود المتعلم بمسالك ذهنية ومعرفية متطورة ، وتشجيع المبادرات على نحو يتيح لجميع المتعلمين النمو في فاعليتهم الذاتية والاجتماعية، تحقيقا لمبدأ العدل والمساواة الاجتماعية ما يتطلب وجود معلم مطبق ممارس لأنظمة تربوية متجددة .. يتفاعل بها مع طلبته .. لا من وراء مكاتب إدارية مسارها الوظيفي مختلف بعيدا عن الرسالة الإنسانية التي تلامس الفئة المستهدفة التي وجدنا جميعا من اجل خدمتها .
دعونا نقول أن متابعة ذلك المنتج التعلمي النوعي الذي نسعى جميعا لتحقيقه يستلزم وجود معلم يمارس مهنة التعليم ، بحيث ان هذا الأخير له ملامح وسمات تتسم بوجود مواصفات واضحة كي يستجيب للمعايير التربوية بحيث يكون قادرا من خلالها على تطور للمعارف بإعادة نظمها وتركيبها وإعادة النظر في التمثلات وبنائها .. وتحديدا للأهداف ثم توجيها ثم تقويمها .. والالتفات الى المهارات الذاتية والتطوير المهني وتعزيز قدراته وزيادة مخزونه المعرفي ومن ثم تطبيقها تطبيقا ممنهجا ومبرمجا داخل عالمة المتمثل في غرفة الصف .
لذلك فإننا نحتاج إلى الكفاءات التي تبين بان المهنية عند المعلم لا تتميز فقط بالتحكم في المعارف المختلفة، بل التحكم كذلك في مخططات ذهنية تسمح له بتجنيد معارفه في وضعية تربوية صرفة ، ولا ننسى أهمية الاتجاهات الايجابية الضرورية للمهنة التي اكتسبها من خلال خبراته التدريسية ووقوفه اليومي أمام طلبته .
ان التوجهات التي من شانها تعريف المعلم الممارس، تتطلب وصفا واضحا ليصبح التعريف بهذا المعنى ينحو منحى إعادة الترتيب وتفكيك البنية القائمة في البناء الهيكلي وذلك بخلق وضعيات معرفية ومهارية مستندة على اطر نظرية، لإعادة بناء تصورات جديدة تخلق كوادر مدربة ومتمكنة من الوقوف في غرفة الدرس تحقيقا لما سبق وذكر .
وأخيرا فلنؤكد أن المنظومة التربوية بحاجة الى هذا التوجه وان كفاءات المعلمين ومؤهلاتهم وممارساتهم المهنية تشكل تأكيدا على ذلك ضمانا لمهنية العمل وتسمية واضحة وصريحة توصيفا لصاحب العمل التربوي الحقيقي داخل غرفة الصف وبين طلبته الذي أحبهم وأحبوه .
مع تحياتي
فيصل تايه