11-09-2013 09:31 AM
بقلم : يوسف المرافي
في مقال سابق تحدثنا فيه عن موقف العالم من الضربة العسكرية المتوقعة على سوريا، وقد تبنيت في مقالتي موقفين:موقف المؤيد للضربة العسكرية دون تحفظ ، باعتبار أن الاسد ونظامه قد ارتكبوا من المجازر الوحشية وتعديهم لجميع الخطوط الحمراء غير عابث لما يحدث لشعبه من القتل والتشريد لا بل استخدم ضد ابناء جلدته من أبناء الشعب السوري السلاح المحرم دوليا والذي تمنعه وترفضه وتحرمه الأديان السماوية والأعراف الدولية.
وتحدثنا كذلك عن موقف الفريق المعارض للضربة وان كان أقل حده وتوجها وانسياقا من الفريق الأول، فقد برر هذا الفريق رفضه لأي عملية عسكرية تجاه سوريا مهما كانت النتائج ومهما كانت الخسائر ، بإعتبار أن ما يحصل في سوريا هو شأن داخلي، وأن سوريا خط المواجهة مع العدو الأسرائيلي مستهدفة من الخارج؛ لموقفها الداعم للقضية الفلسطينة وبعض الفصائل المسلحة المطالبة بالأستقلال متناسين بأن هذا الدور هو دور مزيف وخادع ، فالقاصي والداني يعلم علم اليقين بأن الجولان المحتلة تستصرخ الما وحزنا منذ عقود من أجل تحريرها من أيادي اسرائيل لابل تطلب مجرد الألتفات الى قضيتها العادلة ، لكن هيهات هيهات ان يحصل ذلك ما دام النظام الذي يحكم سوريا هو نظام فاشي ومجرم، وايديه ملوثة بالدم منذ خليقته وحتى زمننا الحالي ، واقصد هنا تلك المجازر التي كتب عنها التاريخ دون شفقة او رحمة؛ لما قام به الأسد الأب قبل عقود وبالتحديد في حلب وكلنا نعرف تلك المجازر والتي راح ضحيتها الآلاف من السوريين بدم بارد والقصة مستمرة مع الأسد الأبن لابل تفوق على ابيه في القتل والبطش والتدمير لمنجزات سوريا العظيمة، والتي أمضت عقود وسنوات في عمليات التطور والبناء، والآن نجد انها ذهبت هباء منثورا .
والناظر والمتابع للمشهد السوري حاليا نجد بأن نظام الأسد انتقل من مرحلة الفتك والقتل الى مرحلة غير محمودة العواقب، من خلال استخدامه للأسلحة المحرمة دوليا وانتهاء بالتهديدات المستمرة من قبل قادة واعوان النظام، وآخرها تهديده لكل دولة عربية بالضرب في العمق الحيوي لها ان سمحت لأي جهة باستخدام أراضيها،واقصد هنا الأردن ودول الخليج بالإضافة لتركيا .
بلغة أخرى أصبح النظام هناك مسعورا يستحال ترويضه من أي احد حتى من الدول المحسوبه عليه، كروسيا الخادعة او من الأيرانيين ،والذين يبحثون عن أطماع لهم في شرق أوسط جديد مناصفة مع الامريكيين ، بحيث اصبح العالم يعرف معرفة يقينية بأن النظام في روسيا يراهن على مليارات وقوفه الكاذب مع الاسد من خلال انتظاره لصفقة تبرم هنا وهناك لتغير موقفه من الرافض للضربة الى موقف أكثر ايجابية متناسق مع أقرانه من الاوروبيين وحتى العرب،
فالقصة فقط قصة مصالح ومسألة وقت، وعلينا ان نفهم أن الأمريكيين والاوربيين مجرد تفكيرهم في الضربة العسكرية ليس لنصرة أطفال سوريا وانما لحماية أطفال أقرانهم من الأسرائيليين المجاورين لدائرة الصراع السوري السوري.
الحقيقة المرة التي ربما نغفل عنها وربما نعرفها لكن نتجاهلها بأن وقوفنا مع الضربة العسكرية المحتمله لسوريا هي وقفة اليمة وحزينة وموجعة في نفس الوقت، فلم نكن يوما نتوقع أن دولا عربية تفتك بشعبها ،بمنجزاتها ،بمشاريعها القومية من أجل الكرسي والمنصب.. لماذا نسينا لا بل تناسينا مبادىء الأسلام وأحكامه واركانه؟؟ لماذا ابتعدنا كل البعد عن أخلاقيات الأسلام ؟؟ و لماذا الغرب سرقوا منا أخلاق الأسلام ،وطبقوها خير تطبيق ؟؟ وهناك عبارة شهيرة للشيخ محمدعبده قالها عندما كان في زيارة للغرب في مطلع القرن العشرين ،حيث سُئل كيف رأيت الغرب..؟ قال: رأيت إسلاماً ولم أرى مسلمين.؟
ويقصد هنا الشيخ أخلاق الأسلام، فيجب ان نعلم علم اليقين بأن الغرب يفهمون الأسلام خير فهم ، لكنهم يستنبطون منه ما يفيدهم، ويدعم حضارتهم دون أشعار أحد بذلك .
وإذا نظرنا الى الموقف الغربي والأمريكي من الأزمة السورية بالتزامن مع تصاعد لغة التهديد والوعيد، وتزايد التوتر مع اقتراب موعد التئام جلسات الكونغرس الامريكي ؛ لبحث اقتراح الرئيس الامريكي باراك اوباما لتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، تسود تكهنات بامكانية التوصل الى صفقة يتم الترتيب لها بمحادثات سرية بين موسكو وواشنطن، حيث تتجه الانظار يوم الاثنين المقبل ليس فقط لاجتماع الكونغرس في واشنطن بل للقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم بنظيره الروسي سيرغي لافروف في نفس اليوم في موسكو، الذي من المفترض حسب التكهنات ان يحمل اجوبة دمشق على صفقة تسوية تتضمن انتقالا سياسيا تدريجيا للسلطة؛ لانهاء صراع مستمر منذ ثلاثين شهرا.
ونحن هنا لسنا مع تدمير سوريا وارجاعها الى العصر الحجري، انما نحن نحترم شعب سوريا المناضل المكافح فهو شعب بحاجة لقيادة حكيمة تقدر انجازاته وطموحاته ودوافع شعبه نحو الحرية والعيش الرغد بعيدا عن الإنحياز لفئة أو لمجموعة على أساس الدين أو العرق ،وهو كما يحصل الآن في هذا البلد حيث تتوغل وتسيطر اقلية علوية على جميع فئات الشعب من الأغلبية السنية ضاربة بعرض الحائط بكافة الحقوق ومستلزمات الحياة الهانئة لهذه الطبقة المحرومة سياسيا وأجتماعيا وأقتصاديا ، وسوف نتناول لكم لاحقا تأثيرات الضربة العسكرية على سوريا ان وقعت، بشيء من التفصيل على الأردن والدول العربية .