12-09-2013 10:18 AM
بقلم : الدكتور عواد النواصرة
تناولنا في المقالات السابقة ( لدي حلم، والتميز العنصري في الأردن سيادة بلا قانون، أبناء البايرة وأبناء المدللة) قضية أراها في غاية الأهمية، وهي التميز العنصري في الأردن ضد اللون(الأسود والأبيض) وقد جاءت ردود الفعل مشجعة على اعتبارها قضية رأي عام. وقد حملنا الحكومات الأردنية جميعها المسؤولية الكاملة في إقصاء وتهميش أصحاب البشرة السمراء في الأردن منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية ولغاية ألان. والسؤال المطروح هنا هل يتحمل أصحاب البشرة السمراء في الأردن مسؤولية تردي أوضاعهم بمختلف صورها ؟ وهل يعاني السود في الأردن من عقدة النقص بعدم المطالبة بحقوقهم؟ وإذا طالبوا بحقوقهم بالطرق المشروعة هل يسجدوا مساندة من النسيج المجتمعي الأردني بمختلف أطيافه؟
لقد أوضحنا سابقا بان السود في الأردن قد غيبوا عن توالي المناصب السيادية في الأردن دون ذنب يقترف، رغم تمتع بعضهم بالمؤهلات العلمية الكافية لتولي أية منصب كان. ونريد في هذه العجالة تسليط بعض الضوء على الأسباب الحقيقية وراء إهمال هذه الشريحة من أبناء المجتمع الأردني. وهذا الإهمال يتحمل السود أنفسهم الجزء الأكبر منه. حيث لم نسمع يوما بان السود في الأردن طالبوا بحقوقهم بأية وسيلة كانت ، وهنا لا نريد أن نشجع على العنصرية بكافة أشكالها إنما نريد أن يحصل السود في الأردن على حقوقهم كبقية السكان حتى يكتمل النسيج المجتمعي الأردني ليزداد الأردن قوة فوق قوته.
في البداية نتوجه إلى السود أنفسهم في الأردن لماذا تم إقصائكم من النظام الإداري الأردني بهذا القصد والتعمد؟ انا اعترف بوجود فئة قليلة في الأردن لا يزالوا يعيشون بعقلية الجاهلية الأولى حتى وان تولى احدهم منصب رئيس وزراء ، فالسود في الأردن لا يتم مصاهرتهم من البيض وهذه حقيقة فكيف يقبل رئيس وزراء أن يكون وزيرا اسود اللون بين أعضاء حكومته أو موظف كبير ذو منصب عام في الدولة الأردنية، فها سمح لبلال ابن رباح رضي الله عنه أن يكون مؤذن بصوته فقط ولم يسمح له أن يكون إماما أو واليا؟ فهذه العقلية التي يتمترس حولها أصحاب الألقاب (الدولة) في الأردن بفهمهم الخاطئ للدين الإسلامي ولمبادئ حقوق الإنسان.
. ولكن السود أنفسهم يتحملون المسؤولية أيضا فلا يزال بعضهم يشعر بعقدة النقص ويخجل من طرح هذا الموضوع أو إثارته بشكله الصحيح، وهم يعرفون بأنهم ظلموا بدون ذنب حقيقي يستدعي كل هذا الظلم والتهميش. فانتم بشر مثل غيركم وسواد اللون لا يستدعي الشعور بالنقص أو تحمل أية إهانة مهما كانت فذا كان أجدادكم سابقا بسبب الظروف الاقتصادية والأعراف المجتمعية السائدة قد قبلوا بالخدمة عند الناس فهذا الجيل لا اعتقد بأنه يقبل ذلك حتى وان كان داخل نفسه، ولكن المطلوب هو الترجمة على ارض الواقع، والمطالبة بالحقوق بالطرق المشروعة، واعتقد بان وجود مجلس نواب في الأردن قادرا على طرح هذه القضية أمام رئيس الوزراء وتوجيه استجواب له لماذا تم تهميش السود في الأردن إلى هذه اللحظة في حين أن أميركيا قد أجمعت على توالي الرئيس اوباما منصب رئيس أعظم قوة في العالم وهو اسود اللون؟
لا نريد في هذه السطور من أي مسؤول في الأردن أن ينظر إلى السود في الأردن نظرة شفقة أو إحسان بل عليه أن يجزم بان السود في الأردن أصحاب حقوق مهظومة بمختلف الصور،وأنهم من الأردن يحملون أرقام وطنية ويدخلون ضمن تعداد السكان فلهم حقوق وعليهم واجبات، وهذه حقيقة يجب أن تقر ويعترف بها. لا أن تضرب بعرض الحائط ويستمر مسلسل الإقصاء المتعمد لشريحة واسعة من المجتمع الأردني في ظل وجود دستور يقر بان جميع الأردنيين سواء وان اختلفوا بالمنابت والأصول، فاعتقد بان تجاهل هذه الفئة ما هو إلا مخالفة للدستور الأردني بشكل واضح وصريح ودون أية مبررات .
فعلى السود أولا أن يثقوا بأنفسهم أكثر، ولا يشعروا بعقدة النقص فهم مثل غيرهم، إضافة إلى أنهم ليسوا عبيدا لأحد في هذه البلد بل هم عبيد لله وحده. وعليهم طرق أبواب مجلس النواب لإصدار قانون يلزم رئيس الوزراء بإنصافهم مثل غيرهم من الأردنيين بعدم حجب المناصب العليا عنهم وتهميشهم بدون مبرر. إضافة إلى أن المجتمع الأردني مطالب أيضا بالوقوف إلى جانب أشقائهم السود في الحصول على حقوقهم واعتبار هذه المطلب قضية رأي عام بحاجة إلى مساندة من الجميع . حمى الله الأردن وأبقاه كما كان.
awad_naws@yahoo.com