14-09-2013 01:21 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ,بسم الله الرحمن الرحيم.
الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ.
الصبر درجة من درجات الإيمان يرتقي إليه الإنسان عندما يكتمل إيمانه فينضج ثم يبدأ بقطف ثماره الحلوة, حلاوة الإيمان حيث أن للإنسان المؤمن إدراك آخر لحقيقة هذه الحياة وما فيها فيشعر بحلاوة قربه من الله فيستبشر خيرا ,إذ أن جميع فضائل الأيمان تختبئ خلف درجات الإيمان وأهمها الصبر لهذا فانه لا إيمان بدون صبر ولا صبر بدون إيمان .حقيقة يتوصل إليها الإنسان أن الأمور بيد الله وبمشيئته وان الملك لله وحده ومردودة إليه ,وبهذا يتميز الإنسان المؤمن عن غيره عند المصيبة فيسترجع لله بقلة الحيلة والقوة ويستجير بالله ويسال الخلف بخير ما أصابه من مصيبة.وهذا يعني أن الإنسان قد ثبت على إيمانه وصبر عندما أراد الله تعالى أن يفحص أيمانه من خلال المصائب والفتن .فالإيمان لا يستقر عند الاتسان إلا بإخلاص النية و العمل لله والإخلاص لا يتحقق إلا بالصبر الذي يعني الاستسلام لله.
مما تقدم فان الصبر هو منهاج مقرر لا بد للمؤمن أن ينجح في هذا المقرر ليحصل على شهادة التوحيد(لا اله إلا الله) وشهادة الهداية(محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله) لينعم بفضائلهما من خلال توظيفهما في حياته ومن خلال الاستعانة بدرجات الإيمان ومنها الصبر .الذي يمكن الإنسان من النجاح في حياته ويمكن الإنسان من الحياة الخالدة فبالصبر تنال الشهادة ,وبالصبر يتجاوز الإنسان الأمور الصعبة ,وبالصبر يستر الإنسان نفسه , وبالصبر يصيح المذاق المر حلوا ,وبالصبر ينال الإنسان الحكمة درجة من درجات الإيمان التي تؤهل الإنسان في معالجة كثير من الأمور التي لا تعالج إلا بالصبر .وبالصبر يصبح الإنسان مخلصا لله متجاوز هوى النفس عندما يطلب الأجر من الله وليس ممن أحسن إليه وبالصبر تنال درجة الإحسان التي يشعر الإنسان من خلالها بنظر الله إليه وبمعيته.
الإنسان هو الإنسان وخسارة المال والأنفس ونقص الثمرات والخوف كل هذه الأمور تقع لكل إنسان مهما كان اعتقاده ,فالإنسان الغير مؤمن يستسلم لهذا الحال ,والمؤمن بالله يستسلم لله الذي له الحول والقوة ويسترجع بقول انأ لله وإنا إليه راجعون وهذه من مداخل الدعاء لله الحنون الرءوف على عباده فيعوضه الله تعالى عن مصيبته بخير منها كون من قالها غفر الله له لان توحيد الله عند المصيبة لا يكون إلا من إنسان مؤمن ,ولنعلم أن الله تعالى لا يكلف النفس إلا وسعها أي حسب طاقتها وتحملها.
القصص حول هذا الموضوع كثيرة اقرأ إن شئت قصة أم سلمه عند موت أبي سلمه ويقينها نابع من إيمانها ,واقرأ إن شئت قصة من خرجوا مع الملك طالوت للقتال في سبيل الله كيف سقط العديد أمام امتحان الله لهم ولم يبقى إلا الفئة القليلة الصابرة التي قال الله تعالى فيها (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
إن استرجاع الإنسان إلى ربه حتى في ابسط المواضيع فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يسترجعون لله بقول أن لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتي واخلف لي خير منها يقولون هذا حتى عندما ينقطع شراك نعلهم ,فهل تذكرنا هذا الدعاء عند دفع مثلا فاتورة الكهرباء وغبرها ليعوضنا الله .
إن العديد من مشاكلنا كان ينقصها مفاتيح الفرج وهو الصبر مشاكل الأبناء الأزواج الأقارب العمل الأمراض النفسية والفضائح , لهذا لم تكن عناية الله معنا ولم نأمل ببشراه ,فتسرعنا بالحلول من خلال الغضب الذي ينتج عنه القتل والدمار والخراب وطلاق الأزواج وتشتت الأسرة لنجد أننا زدنا الأمور تعقيدا ,فالصبر من الإيمان لا يدخل حصنه القوي المنيع وينعم بحلاوته إلا مؤمن .غير ذلك فان الصبر عندهم مر المذاق حتى يبعدهم الله تعالى عن نعمة الصبر لأنهم كفروا بالله وبنعم الهداية .
إن جزاء الصابرين الذين احتسبوا صبرهم على الله أنهم يسيرون في ظل الله وبشراه لهم هو دعما لهم حتى يثبتوا على صبرهم ودعائهم حتى يعوضهم الله في الدنيا بخير ما اخذ منهم ولا يكون ذلك إلا للمؤمن ,إن الله رءوف بعباده انه احن من الأم على ولدها إنما يريد الله لرفع درجات المؤمن في الدنيا من خلال التوجه لله بالدعاء وكثرته, وبالآخرة فان للجنة درجات .
أحبتي في الله تعالى إن لهذا الدين فضائل في الدنيا قبل الآخرة ,إننا ابتعدنا عنه لأمور كثيرا ,والمصيبة عندما نظن أننا ما زلنا على ديننا ,رغم ما نعانيه من مصائب والعبرة منها الرجوع إلى الله تعالى وليس أمام الإنسان إلا قول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لتا خير منها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..