حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 32289

ذاكرة وطن .. (؟)

ذاكرة وطن .. (؟)

ذاكرة وطن .. (؟)

23-09-2013 09:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : إياس احمد عبود
عندما كان ينتابني الضيق واجلس الى مكنون نفسي, فأتذكر فجر الصبا واصدقاء الطفولة, ويمر في ذاكرتي بعض الاسماء لاشخاص كسرو القيود وفرو تاركين خلفهم ظلمة السجون، وهامة ارواحهم متقمصة اجسادهم في ميادين الدنيا، وكنت اتذكر بعض احاديثهم في اللقاءات القصيرة التي كنت التقيهم بها في اجازتهم السنوية, فكانو يتحدثون وكانهم يؤلفون سمفونية غاية في الجمال, عما شاهدوا من جمال وخيال في المناطق التي لجأو اليها, فأستشيط غيظا وتدب في اوصالي العزيمة للحاق بهم.
وعندما شاءت الاقدار والتحقت في ركب المغتربين, علمت ان تلك السمفونية لم تكن الا سمفونية ألم يعزفونها على جراح الشوق, وابتسامات أنين تزفها أرواحهم لتداعب مسامع الحاضرين ليغبطوهم على غربتهم, ويخفوا فيها ذل المغتربين.
وها انا في غربتي اتحسس جمال عيوني، الذي غاب بغيابي عن سحر تلك الجبال التي تتراقص على قممها اشجار السنديان, وتغنى في سحر اوديتها جداول الماء خرير عذب يحبس الأنفاس صفاء وعذوبة، وحديث اشجار الكينا عن تاريخ قادة وعظام مرو بها واستظلوا بظلها فقادتهم الى بوابة الخلود، وتلك الزيتونة التي تحاكي عقلك عن امبرطورية الرومان، وتحضنك بقايا الطواحين التي كان يتلاعب بها جريان الماء، لتحدثك عن اجدادك العظماء الشرفاء الذين قضو نحبهم بالبذل والعطاء.
يجتاحني ربيع عجلون, ويؤرقني شوقي الى نيسانها, نيسان الذي يحاكي السحر جمال ويزين عجلون بأزهار اللوز والتفاح وبعض هفهفات ياسمين، وأرض امتد خضارها ليعلن تمرده على السماء التي اغرقته برداً وشتاء, هل رأيت عروس في ثوبها الأبيض تسير على سجادة خضراء؟ هذه هي عجلون في نيسان.
هذا السحر الذي أعيشة الآن وأذوب شوقا فيه, شوق الرضيع الى حضن أمه, شوق البلبل الذي يشاهد من خلف قضبان القفص أسراب الطيور تعانق عنان السماء, هو نفس السحر الذي كان يقتل روحي ويعذب نفسي ويقلق منامي, ففررت منه في ليلة خرساء معتقداً انني دفنت أوجاعي وقتلت سباتي وولدت من جديد.
عندما كنت أسير مبتعدا عن عجلون, كنت أستجدي ألخطى السريعة لتحملني أبعد فأبعد, ولم الحظ ان من يمر عجلون يستميت خطاه, ليمكث أطول وقت فيها يتأمل سحرها ويخاطب عرش جمالها ويستمع الى حفيف أغصان أشجارها, كأنه يحاول اختطاف بعض صمتها ليهديه لمحبوبته الغالية, وما يكاد يخرج منها الا وقد نسي بعضه فيها, وحتى هذه الساعة كلما تذكر عجلون تنهد شوق لها.
يا الله إننا نترك الاماكن التي نحن فيها كل شيء لنذهب الى أماكن نحن فيها لا شئ








طباعة
  • المشاهدات: 32289
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم