24-09-2013 01:17 AM
سرايا - سرايا - أكد العميد المنشق زاهر الساكت أنه تلقى ثلاثة أوامر لاستخدام السلاح الكيميائي، وهو كان المسؤول عنه في الفرقة الخامسة، لكنه استعاض عنه بعامل كيميائي قاصر لا يؤذي، فارتاب منه رؤساؤه، ولذا انشق.
قلة ظنوا أن تعهد النظام السوري بتدمير اسلحته الكيميائية بعد وضعها تحت المراقبة الدولية سيكون نهاية الحكاية. والعميد زاهر الساكت، رئيس فرع الكيمياء في الفرقة الخامسة بالجيش النظامي قبل انشقاقه، على اقتناع راسخ بخلاف ذلك.
وكشف العميد الساكت أنه تلقى الأوامر باستخدام اسلحة كيميائية ثلاث مرات ضد شعبه، لكنه لم ينفذها، واستعاض عن قنابل الغاز بقنابل تحوي مادة قاصرة لا تؤذي. وأكد العميد الساكت لصحيفة صندي تلغراف، في أول مقابلة تجريها معه صحيفة اجنبية منذ انشقاقه، أن الأوامر باستخدام الكيميائي جاءت بلا شك من رئيس النظام بشار الأسد نفسه، رغم نفي النظام باصرار استخدام اسلحة محظورة دوليًا. وقال العميد الساكت ايضًا إن لديه معلومات بأن الأسد أخذ يتهرب من تنفيذ التزامه بتدمير الأسلحة الكيميائية، ناقلًا بعض مخزونه إلى حلفاء مثل حزب الله وايران.
قاصر مخفف
تلقي سيرة العميد الساكت العسكرية ضوء جديدًا على القرار الذي توصل اليه النظام باستخدام الكيميائي تحت وطأة ضربات المعارضة، خصوصًا مع تقدم قوات المعارضة على جبهتي دمشق وحلب في صيف العام الماضي. وقال العميد الساكت انه شهد استخدام العنف أول مرة حين كان رئيس فرع الكيمياء في الفرقة الخامسة، بالقمع الدموي للمتظاهرين السلميين في محافظة درعا، مهد الانتفاضة جنوبي سوريا. وعرف اساليب النظام القذرة بصورة مباشرة حين كانت قواته تضع اسلحة في المساجد التي انطلقت منها الاحتجاجات، للايحاء بأن المتظاهرين مجموعات مسلحة.
واكد العميد الساكت أن النظام كان يريد إبادة المعارضة بأي وسيلة، وانه تلقى أوامره الأولى باستخدام السلاح الكيميائي في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وصدرت اليه أوامر باستخدام مزيج من مادة الفوسجين وعنصرين آخرين اساسهما الكلور في ثلاث مناسبات، ضد أهداف مدنية في قرى الشيخ مسكين والحراك وبصرة، التي تسيطر عليها قوات المعارضة في الجنوب.
لكنه استعاض عن القنابل التي تحوي مواد كيميائية سامة بأخرى تحوي ماء مخلوطًا بقاصر مخفف له رائحة مماثلة لرائحة الكلور. وانطلت الحيلة في البداية على اقطاب النظام في الجيش، وقال العميد الساكت: "كانت لديهم قناعة تامة بأن هذه مادة سامة، وبهذه الطريقة انقذتُ ارواح مئات الأطفال وغيرهم". لكن بعد المناسبة الثالثة، في كانون الثاني (يناير) الماضي، ساورت الشكوك آمريه بسبب عدم وقوع قتلى في هجماته الكيميائية، فقرر الانشقاق وإعداد خطة للهروب إلى الاردن، حيث يقيم منذ الربيع الماضي.
ويقدر العميد الساكت في حدود علمه أن اسلحة كيميائية استُخدمت 34 مرة، وليس 14 مرة كما تقول اجهزة التجسس الدولية، لكنه يتفق مع آراء تقول إن مواد مختلفة بدرجات متفاوتة من التركيز تُستخدم في الهجمات الكيميائية، وهذا ما يفسر تباين اعداد الضحايا، حيث لا يُقتل في بعض الهجمات إلا عدد قليل، أو لا تسفر عن مقتل أحد. ورغم حظر مادة الفوسجين دوليًا منذ عشرينات القرن الماضي، فإنها اقل فتكًا من غاز سارين، الذي أكد الخبراء استخدامه في مجزرة الغوطة في 21 آب (اغسطس) الماضي.
وقال العميد الساكت إن جيش النظام كان حريصًا على عدم استخدام المواد الكيميائية الأشد خطرًا في الجنوب، بسبب قرب المنطقة من اسرائيل. لكنه استخدمها في مناطق اخرى من سوريا، لا سيما ريف دمشق وحمص وحلب، حيث استخدم كميات صغيرة من مواد كيميائية أخطر بلغت ذروتها في هجوم الغوطة، حيث عثر خبراء الأمم المتحدة على آثار غاز سارين في مناطق واسعة.
وتقدر الولايات المتحدة والمعارضة أن اكثر من 1400 شخص قُتلوا في هذا الهجوم. والآن، ينتظر العالم ليرى ما إذا كان النظام سينفذ المقترح الروسي بوضع ترسانته الكيميائية تحت المراقبة الدولية تمهيدًا لتدميرها.
إلى حزب الله
أعربت المعارضة السياسية السورية والفصائل المسلحة في الداخل عن استيائها، قائلة إن المقترح الروسي استدرج الولايات المتحدة إلى مصيدة، وهو يعني السكوت على جريمة النظام السوري الذي بدأ يخفي اسلحته الكيميائية.
ونقلت صحف أميركية عن أجهزة استخبارات غربية قولها إن الوحدة 450 التي تدير برنامج النظام لانتاج اسلحة كيميائية توزع مخزون الترسانة الكيميائية على مواقع مختلفة داخل سوريا.
وقال فهد المصري، المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، إن الجيش السوري الحر وعدة مصادر دولية أخرى علمت من خلال وثائق وأدلة أخرى بنقل اسلحة كيميائية إلى حزب الله منذ ثلاثة اشهر.
واضاف: "لدى الجيش السوري الحر شبكة من العناصر في جهاز الأسلحة الكيميائية، يتعاطفون مع المعارضة، لكن المخاطر التي تهدد عائلاتهم تمنعهم من الانشقاق".
وأكد أن الجيش الحر اطلع على تقديرات استخباراتية من حكومات غربية تقول الشيء نفسه، وقال إن الأسلحة تُخزن في اربعة مواقع تخضع مباشرة لسيطرة حزب الله.
أرتال إلى لبنان
واشار العميد الساكت في حديثه لصحيفة صندي تلغراف أن لديه مصادره الخاصة داخل سوريا من الناشطين الذين يراقبون البرنامج الكيميائي. وقال ناشط قدم نفسه باسم ابو محمد إنه اخترق شبكة أجهزة كومبيوتر الوحدة 450 وقرأ اوامر صادرة إلى الوحدة بينها أوامر تتعلق بنقل اسلحة كيميائية إلى حزب الله.
وقال العميد الساكت إن فريقه من الناشطين في الداخل رصدوا رتلا يضم اكثر من 20 عربة، يعود بعضها إلى البرنامج التسلحي الكيميائي، متجها نحو الحدود اللبنانية. واضاف أن كميات اخرى من هذه الأسلحة تُنقل إلى ايران عن طريق الأراضي العراقية. ولاحظ العميد الساكت أن هذه الشحنات بدأت قبل أن يظهر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ويعلن المقترح.
وتراقب منظمات دولية امكانية نقل اسلحة إلى لبنان، فيما اعلنت اسرائيل خطوطًا حمراء خاصة بها، وقصفت سوريا مرتين منذ بداية الانتفاضة لمنع انتقال اسلحة متطورة من دمشق إلى حزب الله في لبنان، وكان من الأهداف التي قصفتها قاعدة تابعة للوحدة 450 شمالي دمشق.