24-09-2013 08:49 PM
بقلم : يوسف المرافي
سرايا - بالفعل قام النظام السوري مؤخرا برفع الراية البيضاء أمام المجتمع الدولي،والذي كان على أهبة الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية تأديبية للنظام السوري لتجرئه على استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.
كما أن روسيا والتي كان يعتقد سابقا بأنها أصبحت فاقدة لدورها المحوري والاستراتيجي والسياسي نجد أنها عادت إلى ذلك الدور الحيوي والاستراتيجي والسياسي من جديد من نافذة الأزمة السورية،لا بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك،فقد رأى المحللون السياسيون بما لا يدعو مجالا للشك بأن القطب الثاني الموازي للقطب الأمريكي قد أُعيد بناؤه من خلال ما قامت به الدبلوماسية الروسية من الإنفاق الأخير،والذي عمل على إفشال المساعي الدولية؛لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري،معتبرين بأن القطب الثاني في طريقه للظهور مرة أخرى لكن ليس بذلك الزخم السياسي والعسكري للإتحاد السوفييتي سابقا.
ويرى البعض أن الدور الروسي قد نجح إلى حد ما في استعادة نفوذه الإقليمي والاستراتيجي،وإن كان ذلك على حساب القضايا العربية،"والقضية السورية"واحدة من تلك القضايا.
ولفتني قبل أيام تصريح لبشار الأسد لصحيفة صينية،حيث أكد خلال حديثه لتلك الصحيفة على أن الأسلحة الكيميائية السورية في مكان آمن،ولا أعرف صراحة ماذا قصد في هذا التصريح؟!أهي رسالة موجهة للغرب وروسيا أم غير ذلك؟ إلا أن المحللين السياسيين اعتبروا هذا التصريح رسالة ذو شقين :الرسالة الأولى وهي موجهة للغرب وللولايات المتحدة الأمريكية بأن ما تردد في الآونة الأخيرة من إشاعات وأحاديث حول وجود حالة من الفلتان الأمني في سوريا بأنه غير صحيح،وأن النظام قادر على الحفاظ على هذه الأسلحة من الوقوع في أيدي جماعات متشددة تدين في عقيدتها العدائية لتلك الدول؛وبالتالي استخدامها ضد تلك الدول في أي مواجهة مزمعة في المستقبل لاسيما القاعدة وحزب الله اللبناني؛فوصول تلك الأسلحة للقاعدة في العراق،وحزب الله في لبنان سيشعل المنطقة بأكملها خاصة أن الأخير مجاور لإسرائيل .
وأما الرسالة الثانية:فهي محاولة الأسد التهرب من تلك الاتفاقية وذلك الاستحقاق الرامي إلى تجريده من أسلحته الكيميائية بدون ثمن معلن،علما أن الخبراء يعتقدون أن هذه الأسلحة لو تم المحافظة عليها لكانت تشكل توازنا طبيعيا ومعقولا بينه وبين إسرائيل خاصة في مفاوضاته للحصول على الجولان المحتلة، وحماية سوريا من أي اعتداء خارجي؛فإسرائيل تنظر للضربة العسكرية على أنها ستعمل على تفكيك سوريا إلى دويلات متناحرة شيعية وسنية وكردية،وهي صراحة تتمنى ذلك وهذا بدوره سيعمل على المحافظة على الجولان المحتلة وإبقائها في قبضة الإسرائيليين؛وبالتالي عدم المطالبة بها،لأن أصحاب القرار في تل أبيب يعتقدون اعتقادا جازما،بأن سوريا متماسكة وذات سيادة،ودولة تمتلك سلاحا ردعا استراتيجيا،تعني في نظرهم مفاوضات مع إسرائيل عنوة للحصول على الجولان المحتلة مستقبلا.
فالبعض ينظر للدولة السورية على أنها دولة مواجهة وممانعة للغرب وإسرائيل،وتجريد هذه الدولة من سلاحها الكيميائي في هذه الفترة يفقدها ذلك الدور الحيوي،والذي تلعبه في الشرق الأوسط،وسوف يضعف كذلك أي محاولات مستقبلية لأي حكومة في سوريا من الشروع في مفاوضات جدية مع إسرائيل للحصول على الجولان،وهنا تكمن مصلحة إسرائيل في رؤية سوريا مفككة ومجردة من سلاحها الاستراتيجي.
ونلاحظ في الفترة الأخيرة تغيرا في الموقف الإعلامي الأوروبي والأمريكي،بما فيه مراكز صنع القرار،فقد أصبحت الأزمة السورية في نظرهم من الماضي،وهذا التغير المفاجئ لا يصب في مصلحة القضية السورية،فقد بدا الإعلام هناك يركز على خطورة وقوع الأسلحة الكيميائية في أيدي عناصر متطرفة،متناسين كل النسيان ما يحصل للشعب السوري من دمار وهدم للمؤسسات والمراكز الحكومية ،ومقتل أكثر من مئة الف سوري،وتشريد الملايين؛بحيث أصبح الموقف الغربي موقفا سلبيا ومشبوها مبتعدا عن واجباته ووازعه الأخلاقي ،والذي كان ينظر له سابقا وكونهم يعتبرون أنظمتهم أنظمة ديمقراطية ومتحضرة وتقف مع الإنسانية وتلك الدول التي غزاها ذلك الربيع القبيح الذي جلب لنا وللعالم اجمع الويلات والمآسي،وللأسف أن شيئا من ذلك لم يحصل ..
ومجمل القول أحبتي :إن الأزمة السورية الحالية حد فاصل بين تاريخ العلاقات الدولية ،وليس حدثا منفصلا،بل تعتبر هذه الأزمة عبارة عن سلسلة من الأحداث السياسية،التي بدأت شرارتها كما نعلم من تونس ،وها قد وصلت شرارتها إلى سوريا،كما أن أحداث سوريا ربما تكون في نظري من أهم الأحداث السياسية التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية أو ربما الحرب الباردة.
وفي ختام مقالتي هذه:أتساءل عن مغزى التجاهل الأمريكي والأوروبي للأحداث الدامية في سوريا في هذا الوقت تحديدا ؟؟ وهذا التساؤل نضعه بين أيديكم للأجابة عليه، إلا أنني اعتقد كما يعتقد البعض معي بأن السبب الخفي وراء ذلك يكمن في بيوت صنع القرار أو ما يعرف بمراكز صنع القرار في تلك الدول ،التي ترى أن الأسد حاليا يقوم بحرب شعواء دون رحمة ضد مايسموه بالجماعات المتشددة المتطرفة في نظرهم لا سيما القاعدة نيابة عن الأمريكيين والأوروبيين هذا من وجهة نظري،أما من وجهةنظركم أحبتي؛ فالأمر متروك لكم للأجابة عليه.......
- يمكنكم متابعين "سرايا" التعليق على المقال عبر صفحتنا على الفيس بوك : وكالة أنباء سرايا الإخبارية - مقالات