حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25569

عوداً على ذي بدءٍ .. ؟؟!!

عوداً على ذي بدءٍ .. ؟؟!!

عوداً على ذي بدءٍ  .. ؟؟!!

25-09-2013 09:41 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : صفوت سامي حميدات
حينما نتكلم عن الماضي فإننا نسير مع القافله القديمه اللتي ورثناها عن ابائنا واجدادانا .. حيث كانوا يعيشون حياتهم بكل هدوء وسكون وطمأنينه في كل شئ .. ماكلهم .. مشربهم .. نومهم .. لبسهم .. مسكنهم .. عملهم وحتى في نياتهم وتفكيرهم .. وكلٌ حسب مقومات الحياه لديه .. .. لقد كانوا لنا ماضي مشرق نحتسي منه الأخلاق الحميده والعادات الثريه بالقوه والكرم والضيافه ..

لقد اختلف الحاضر كثيراً عن الماضي .. فالحاضر امدنا بالكسل والملل .. والمرض وقِلة العافيه .. واسقانا السرعه والخيارات المتعدده اللتي تضيع في تنهاتها العقول .. وجلعنا اناس نتكلم ولانعمل ..

بالأمس استعملنا المعول والمحراث والفانوس والناعورة ومدفأة الحطب والتنور .. واليوم نستعمل التلفزيون والفيديو والكومبيوتر والموبايل والانترنيت ..

بالأمس كانت بيوتنا ضيّقة ولكن قلوبنا واسعة .. وكانت امكانياتنا قليلة ولكن عطائنا كبير .. تعليمنا كان متواضعاً ولكن عقولنا نيرّة وبعد نظرنا وافر .. واليوم بيـوتنا زجاجيـة تهاب الاحجار ومن يمسك بها .. من يسكنهــا أنـاس زجاجيـــــون ..يعلمون ان الرمي او القذف سيؤدي لكسر بيوتهم ليسوا خائفين على انفسهم وبيوتهم من الانكسار .. لانهم يعتقدون ان زجاجهم غالي الثمن مصنع خصيصاً لهم ..!!

بالأمس كنا نأكل من خيرات الدنيا .. ليس ايهما افضل وايهما طعمه حلو وجميل .. بل كان لدينا خيارٌ واحد ايهما متوفر .. !!! هذا مامنحنا الصحه في العقل والجسد وزرع فينا القناعه والرضا .. واليوم ملأنا الطمع والجشع بان نتذوق كل شئ ونأكل كل شئ وُجد على هذا الدنيا .. حتى انه هيئنا لإنفسنا مأكولات صناعيه تعفينا من الطبخ .. تعفينا من اكل ناكله مما جنت ايدينا .. ومما سقت ..



بالأمس كنا نشتم رائحة التراب المبلل بقطرات المطر .. فترى الطبيعة تهبنا جوا نقيا يملأ النفس من روائح الرياحين .. ونحس بنكهة طيبة من سقوط قطرات المطر فوق حبّات التراب .. اليوم لا نشتم الا روائح المعامل والمصانع والناقلات وهذا الزفت الذي غطى الأرض .. وكأنه لحاف سميك يغلق مسامات جسد الأرض .. الا يشبه جسد الانسان جسد الأرض .. ؟!!! ماذا لو سدت مسامات اجسادنا ..؟

بالأمس كانت العائلة كلها تفطر وتتغدى وتتعشى على سفرة واحدة امام مدفأة الحطب وتحت ضوء الفانوس وكنا في ذروة المحبة والسعادة .. اليوم الأب يأخذ سندويشة للعمل .. والأم قد تفطر او لا تفطر لأنها اما لعجلةً ألمت بها أو تلبيةً لإحتياجات الريجيم .. اما الأولاد فلهم مصروفهم للبيتزا والهمبرغر و ..

بالأمس كنا نلتف حول جدنا او جدتنا لنسمع الحكايات وكان صوت المطر وتدفق مياهه عبر "المزراب حديث الصيانة" او نباح الكلاب او شخير القطط الموسيقة التصويرية التي ترافق مشاهد الحكايات .. اليوم جدي هو السينما وجدتي اما التلفزيون او الأنترنيت .. والحكايات لا تعد ولا تحصى .. منها الأكشن .. الرعب .. الإثارة.. الخيانة .. الحب .. وافلام تجارية هدفها جذب الناس ..

بالأمس كنا نعيش لنعمل .. اما اليوم فنحن نعمل لنعيش .. كنا ننام بعد عمل شاق في الحقول والبساتين لكننا كنا نحس بلذة العمل واللقمة وراحة النفس .. اما اليوم ننام ونحن في حالة انفصام الشخصية . قلق .. ارهاق .. حزن .. كآبة .. و نستيقظ على رنين جرس الهاتف .. واذ بالبنك يطالبك بدفع الديون .. بعد الهاتف تفتح صندوق البريد لتجد عشرات الرسائل من شركات الكهرباء والغاز والماء والضريبة وايجار البيت ودفعات السيارات والتلفون و الانترنيت واخرى من اماكن متفرقة ..

بالأمس حين كان الشاب يعشق حبيبته .. ينتظر كثيرا ليراها .. يتألم فيزداد شوقا .. يبكي لأنه كان مخلصا لها .. كان يكفيه لمسة من يدها او نظرة من عينيها .. ومثله الفتاة ايضا .. اليوم حين يعشق الشاب فتاته لا حاجة للانتظار لأنها حاضرة ليل نهار .. لا حاجة لأن يتألم لأنه في اقل من ساعة يستطيع أن يعشق صديقتها .. لماذا يبكي اذا كانت عيونه محمرّة من السهر واللهو وتعاطي المخدرات .. لماذا يكتفي بلمسة يد اذا كان الجسد كله ملك يديه .. ومثله الفتاة ايضا ..!!

كل هذا بسبب ما توصل اليه العقل من علوم لم يحسن تدبيرها بالشكل الصحيح .. فبدلا من أن تفيدنا كانسان وطبيعة .. اساءت الى حياتنا النفسية والجسدية وعلى كل ما في الطبيعة ..


كثيراً ما نخطّط لمستقبلنا .. ونواجه حواجز كثيرة تعيق مسيرتنا .. وغالباً ما نرسم طريقاً ونختار خطواتنا بشكل مدروس .. ونلقى في نهاية المطاف ما لا يرضي طموحاتنا .. أو أهدافنا المرجوّة ..

ان الحاضر لهو امتداد واضح لهذاالماضي الاصيل .. فالدابه والبهيمه استبدلت بتقنيه السياره .. والكتاب بالكمبيوتر .. والمشي حفاة بالمشي بالحذاء .....فكلها كانت لصالحنا ولكننا لم نوظفها التوظيف الصحيح لصالحنا .. بالغنا في استهلاكها حتى فقدنا ماضينا ...! وأفشلّنا حاضرنا .. !

نعم هناك اختلاف كبير بين الامس واليوم في كيفية العيش مع ثبات الحياه .. فالحياه هي الحياه .. ولكن الظروف المحيطه هي التي تتغير .. فكل ماجدّ في الحاضر لا يخالف هذا الماضي ولكننا اسرفنا كثيراً فيه حتى منعنا انفسنا من ايجابيات الماضي ...

ليس المطلوب أن نعيش في الماضي .. وإنّما مع الماضي .. والفرق شاسع .. فالعيش في الماضي يأسر الإنسان في سجن اليأس ويحول بينه وبين نظرته نحو المستقبل، ويمنعه من الانطلاق نحو الأفضل .. أمّا العيش مع الماضي .. فهو كمن ينظر في مرآة السّيّارة .. اّلتي تساعده على النّظر إلى الخلف .. كي لا يصطدم بسيّارة أخرى ..

عوداً على ذي بدءٍ، فإن لكل منّا بالتأكيد مخزون يشعره بقيمة الماضي .. ويجعله نبراساً امام ناظريه ليعينه على احياءه واستمراريته قدر الإمكان .. والله وحدهُ يعلم الى متى سيستمر هذا التمسك بالماضي الجميل .. !!








طباعة
  • المشاهدات: 25569
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم