01-10-2013 09:26 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
أريد أن اكتب عن مصطلح الأمن والأمان الذي طغى في هذه الفترة على معظم الحديث للمسؤولين في هذا الوطن ، وعلى مختلف مستوياتهم الرسمية ، وعبر مختلف وسائل الإعلام ، حتى أصبح هذا المصطلح أشبه بمسمار جحا الذي نقرأ عنه .
سأكتب هنا عن المعنى الحقيقي لمصطلح الأمن والأمان بمفهومه الشامل ، وأود أن أبين أن الجميع في هذا الوطن يؤكدوا تجاوز الأردن لمرحلة الربيع العربي وما تخللها من أحداث ، والجميع أيضا يحمد الله على ذلك ، فهو جاء نتيجة للحكمة التي تتمتع بها قيادة هذا الوطن .
لكن حقيقة الواقع التي يحاول المسؤولين إخفاؤها ، أو تناسيها ، تؤكد عكس ذلك ، خصوصا إذا ما نظرنا إلى الأمن والأمان بمفهومه الشامل ، لكن إن كان ما يقصده المسؤولين من ذلك هو حفاظهم على مقاعدهم وامتيازاتهم التي يتمتعوا بها هم وعائلاتهم ، فهذا صحيح ، لكن إن تحدثنا عن المواطن الذي يعيش في الأطراف ، واقصد تحديداً في مناطق البادية المترامية الأطراف ، وخصوصاً في جنوب الجنوب لأني اعرفها ، فإن الحديث هنا يختلف ، لأن ابسط الحقوق لديهم باتت مفقودة ، وتزداد ضياعاً مع كل قرار تصدره الحكومة وبرعاية مجلس النواب الغائب الحاضر .
لقد تمنيت لو أن مجلس النواب قاتل لمصلحة المواطن ووقف ضد رفع الأسعار ، ومضاعفة الضريبة ، كقتاله للحصول على امتيازات اعتقد أنها حق له ، وهو يعلم أنها حتماً ستكون من جيب المواطن الذي أوصله إلى قبة البرلمان أملا في أن يريحه لا طمعاً في أن يرتاح منه ، ولكني أعود وأقول تمنيت وأنا اعلم كما قال الشاعر ( وما نيل المطالب بالتمني ) .
سأذكر هنا نماذج عن تردي أحوال معظم سكان الأطراف وما آلت إليه وسط غياب الجميع ، فأنا أدرك أن كل الوطن تأثر سلباً بارتفاع الأسعار ومضاعفة الضريبة وما ترتب عليها ، لكن الأكثر تأثرا هم أولئك الناس الذين يعيشون على الهامش في مناطق وقرى وبوادي لا يعرفها المسؤولين ولا يعلموا عنها ، إلا من خلال بعض المواقع التي قد ترصد حدثا كبير بها ، فيسارع المسؤول ليستفسر أين تقع هذه المنطقة أو تلك .
هل يعلم أصحاب القرار ممن يهمهم الأمر أن فاتورة الكهرباء قفزت إلى الضعف وهي أصلا لا تصل قيمتها ( الخمسين دينار ) التي تحدث عنها دولة الرئيس مراراً وتكراراً ، وهل يعلموا أيضا أن الأسر باتت تشتري الخضار بالحبة لأنها تعجز عن شراء الكيلو ، أما الفواكه فيكفيهم مشاهدتها عن بعد ، لأنه محظور عليهم اللمس أصلا .
وما زاد الطين بله أن تلك الأسر العفيفة وما أكثرها ، قد أسقطت من حسابها شراء ملابس عيد لأطفالها ، فالراتب تآكل ولم يعد يكفي رمق العيش ، في حين أن النواب يقاتلوا ليحصلوا على امتيازات ورواتب تقاعدية إضافية ، ووسط كل ذلك يقفز عدد سكان الأردن من حاملي الأرقام الوطنية إلى أكثر من سبعة ملايين مواطن ، دون تفسير لذلك ، وكأن المطلوب هو مضاعفة السكان وبغض النظر عن الطريقة .
أدرك أن الكتابة لم تعد تجدي نفعاً ، هذا إن وجدت من يقرأها ، فالحكومة مشغولة بالبحث عن ما يمكن سحبه من جيب المواطن وتحت مفهوم ( جوع .......... يلحقك ) ومجلس النواب الغائب الحاضر ، الغائب عن مصلحة المواطن والدفاع عنه ، والحاضر للدفاع عن امتيازاته ومكتسباته الشخصية .
وهنا أقول إلى من يهمه الأمر – إن كان هناك من يهمه الأمر – أين الأمن والأمان الذي تتحدثون عنه ، ونحن نعلم أن المواطن لم يعد يخرج من بيته أو في سيارته إلا وسلاحه معه ، وبدأ المواطن يفهم أن حقه يجب أن يأخذه بيده وليس بقوة القانون ، فأين الأمن والأمان وحالات الانتحار المعلن عنها تتزايد ، وأين الأمن والأمان والمواطن لم يعد قادراً على الاستمرار بالحياة الكريمة ، ولا أريد أن اذكر حالات أو مواقع محددة ، لسببين الأول حفاظاً على خصوصيتهم ، لأنه حين تنظر إليهم تحسبهم أغنياء من التعفف ، والسبب الثاني أن المسؤولين لا يعرفوا هذه المناطق إن كانت تقع داخل الوطن أو خارجه .
أين الأمن والأمان بمفهومه الشامل ، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والصحي والتعليمي ، وهذا كله بدأ يتهاوى في الأطراف وسط غياب الجميع .
اعتقد أن الحكومة لم يبقى أمامها إلا أن تفرض ضريبة على المواطن الذي تخطى الستين من عمره وهو على قيد الحياة ، كونها تعتقد أن رعايتها له السبب في ذلك .
أخيرا فأني أوجه كلامي إلى من يهمه الأمر ، وهو أن هناك الكثير من بدأ يئن من وطأة الفقر والعوز ، وهو يعلم أن كل ذلك هو برعاية حكومية بامتياز وبمصادقة مجلس نواب لم يعد له هم إلا مضاعفة امتيازاته ، وأقول أيضا أنه إن لم يسارع المسؤولين في البحث عن تلك الأسر ومراعاة ظروفهم والتخفيف عنهم ، فإن صبرهم قد لا يطول وحينها سينقلب السحر على الساحر ، فنندم في وقت لا ينفع فيه الندم ، واستذكر هنا قول الشاعر :
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظن أن الليث يبتسم
حمى الله الوطن قيادةً وشعباً وتراباً