01-10-2013 06:44 PM
بقلم : د. سامي الرشيد
سيزيد استهلاك العالم من الطاقة بمقدار 65% في عام 2040م قياساً إلى ما كان يستهلكه في عام 2010م وذلك استناداً لتوقعات وكالة إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
اعتبر رئيس إدارة معلومات الطاقة الأمريكية السيد آدم سيمنسكي في تقديمه النتائج التي توصلت إليها الوكالة، بأنها ستؤدي إلى ارتفاع مستوى الازدهار، وأن الصين والهند ستحافظان على زخم نموهما، كي تصبحا في طليعة الدول المرشحة للتمتع بازدهار اقتصادي قوي وطويل الأجل.
لقد رجّح أن يتجاوز استهلاك الطاقة في الصين ضعف استهلاك الولايات المتحدة للطاقة بحلول عام 2040م، وستحصل نسبة 60% من الزيادة في الاستهلاك العالمي للطاقة في ذلك العام في الاقتصاديات الناشئة في آسيا.
على الرغم أن الصين تستهلك 10 مليون برميل من النفط في اليوم الواحد في الوقت الحاضر،مقارنة بالولايات المتحدة التي تستهلك 19 مليون برميل يومياً.
يواجه صناع السياسة تحديات للعثور على طاقة بديلة، تكون مفيدة للطاقة والاقتصاد وصديقة للبيئة.
لكنهم لم يجدوا توازناً في التعامل مع الآثار البيئية الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري القائم على ثاني أكسيد الكربون، وتنبعث من مثل هذا الوقود غازات مسببة للاحتباس الحراري، حيث تبقى هذه الغازات عالقة في الغلاف الجوي لمدة طويلة وتمنع مرور الشمس إلى طبقة الأوزون، مما يسبب ارتفاعاً في درجات الحرارة العالمية، وفي مستويات مياه البحار وطيفاً واسعاً من العواقب الأخرى.
هذا وستكون الطاقة المتجددة والنووية أكثر مصادر الطاقة نمواً في العالم، لكنهما ستبقيان عنصرين أقل أهمية في مزيج الطاقة العالمي لسنوات كثيرة، وستلبيان أقل من نسبة 25% من الحاجات العالمية بحلول عام 2040م.
سينمو استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 1.7% سنوياً، وسيرتفع الاعتماد على الغاز الطبيعي، لأنه يولد انبعاثات أقل من الوقود الأحفوري الناتج عن الحفر، كما يوفر الهواء النظيف، ويقلص درجة الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري.
لهذا يلاحظ تمسك الولايات المتحدة، بالسيطرة على منابع النفط والغاز في الشرق الأوسط، لتتحكم بالعالم وحاجتهم للطاقة واعتمادهم الكامل لتشغيل مصانعهم.
تحاول كل دولة لا تملك النفط التقليدي، التفتيش عن مصادر أخرى لطاقة بديلة. كانت الدول التي لديها صخراً زيتياً، تحاول استخراج النفط من ذلك الصخر، وهو منافس للنفط التقليدي، وتحاول كل دولة تستطيع ذلك أن تستخرجه، وتكون على الأقل مكتفية ذاتياً، كما تحاول الدول النفطية أيضاً، استخراج النفط من ذلك الصخر.
لقد بدأ الأردن في الدراسات وإحالة العطاءات لشركتين لاستخراج الزيت الصخري ما يوفر كهرباء بمقدار 1000 ميجاواط أي 40% من حاجة الأردن للكهرباء عند البدء بتنفيذ المشروع.
لقد وصل الإنتاج المحلي للولايات المتحدة إلى أكثر من 7 ملايين برميل يومياً من النفط ومنها مليوني برميل من الصخر الزيتي.
المستقبل هو للطاقة البديلة في إنتاج الكهرباء بالذات فطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية هم المستقبل وخاصة الدول التي لا تنتج النفط، وتبقى لديهم بيئة نظيفة خالية من كل شوائب.
لقد بدأت الولايات المتحدة توليد الطاقة من الرياح، كجزء من خطة شاملة لدفع الاقتصاد الأمريكي نحو مصادر الطاقة النظيفة وخفض التلوث الكربوني. لقد وضعت المراوح والأبراج بداية في المياه الفدرالية في المحيط الأطلسي، قبالة ساحلي ولايتي رود أيلاند، وماساتشوتس بمساحة 65 ألف هكتار، وهذه المساحة قادرة على توليد طاقة تكفي لإمداد أكثر من مليوني منزل بالكهرباء، حيث إنها وبعد إنشائها ستولد طاقة بقوة 3400 ميجاواط.
ستبدأ أيضاً باستغلال مواقع مختلفة بالقرب من ساحل فرجينيا، وميريلاند، ونيوجيرزي وغيرها.
لقد بدأت بتنفيذ 46 مشروعاً منذ عام 2009م لمحطات توليد الطاقة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية.
ستتمكن بعد إنجاز هذه المشاريع بحلول عام 2020م من إنتاج 12 ألف ميغاواط كهرباء، تكفي لتزويد أكثر من 4.5 مليون منزل.
أما مصر فقد بدأت الأعداد للاستثمار في الطاقات البديلة، حيث تم التحضير لإنشاء 600 ميجاوات من طاقة الرياح بنظام IPP، وكذلك التحضير لتنفيذ 3 محطات للطاقة الشمسية لزيادة القدرات إلى 150 ميجاواط في محطة كوم إمبو بالجنوب وإضافة 20 ميجاواط بالخلايا الضوئية وتشغيل محطة شمسية حرارية بقدرة 140 ميجاواط، ولديهم برامج لإضافة 3500 ميجاواط خلال السنوات القادمة بالتعاون مع الفرنسيين واليابان وإسبانيا والاتحاد الأوروبي والتي من المخطط البدء بتشغيل جزء منها خلال عامي 2015، 2016م.
أما في الأردن فقد بدأ تشجيع الشركات على تنفيذ المشاريع بالطاقة البديلة سواء الرياح أو الشمسي وبدأت بعض الشركات بالدراسات والتحضير للتنفيذ في منطقتي معان والشوبك لإنتاج 800 ميجاواط وقد صدر قانون الطاقة البديلة من الوزارة ليحدد عمل الشركات ولكنهم يحتاجون لمزيد من التشجيع والدعم والابتعاد عن المركزية والبيروقراطية، حتى تبدأ الشركات بإنتاج الكهرباء من معدات الطاقة البديلة والتخفيف من استهلاك النفط وتخفيض فاتورة الكهرباء.
لقد بدأ في معظم العالم التوجه إلى الطاقة البديلة وخاصة معظم دول أوروبا.
بدأت دول الخليج العربي الست تشييد محطات لتوليد الطاقة الشمسية باستثمارات تتجاوز 150 بليون دولار ومن المؤمل الانتهاء منها عام 2017م وقدرتها ستتجاوز 80 غيغاواط.
تعتبر السعودية أيضاً من أكثر دول المنطقة طموحاً في هذا المجال لتحصل على 50 غيغاواط في عام 2032م.
نعود للآثار الجانبية من الغازات التي ترفع درجة حرارة الجو، فنجد أن هناك علاقة بين تغير المناخ وتأثير ارتفاع درجات الحرارة من جهة، وتنامي معدلات العنف والصراعات بين الدول وزيادة اضطراب أمن الدول اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.
هناك بحوث مفادها أنه كلما ارتفعت درجات الحرارة، تزايدت وتيرة العنف وأصبح شيوعاً، خصوصاً أشكال العنف الجنائي، وهو الذي يشمل الاعتداء والقتل والاغتصاب.
لقد أشارت بعض البحوث أن موجات الجفاف الناجمة عن تغير المناخ، تفتك بمحاصيل الزراعة في البلدان الأشد فقراً، وتدفع المزارعين إلى التخلي عن أراضيهم، وحمل السلاح لضمان استمرار حياتهم اليومية.
تؤول هذه الأمور إلى تأجيج مشاعر العداء بين المجموعات البشرية، كما تفجر النزاعات الدموية بين الدول المتجاورة.
تنبأت بعض الدراسات بحدوث معدلات كارثية في ارتفاع درجات الحرارة، تترافق مع تفاقم هائل من مظاهر العنف، وأن ارتفاع الحرارة بمعدل درجتين مئويتين بحلول عام 2050م، سيؤدي إلى زيادة انتشار الجرائم لدى الأفراد بنسبة 15% ووصول العنف لدى الجماعات المتصارعة إلى معدلات قياسية تتعدى 50%.
أضافت أن حسابات علمية دقيقة، أظهرت أن الفارق بين سنة عادية وأخرى حارة، يزيد جرائم الأفراد بنسبة 4%، ويرفع العنف بين مجموعات متنازعة بنسبة 14%.
كما أنه يزيد من الإصابة بالأمراض والإلتهابات المعوية والأمعاء، ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون من أكثف الغازات الدفينة السامة المسؤولة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
أظهرت دراسة عالمية أن الحرارة في البرازيل، يمكن أن ترتفع بين 3، 6 درجات مئوية بحلول عام 2100م، ويؤدي هذا الارتفاع في الحرارة إلى التأثير على مجاري الأنهار الكبيرة، والمياه الجوفية، ومصادر مياه الشرب الأخرى، وسيبقى مستوى انبعاث الغازات الدفينة مرتفعاً.
يتوقع أيضاً أن يتراجع هطول الأمطار بنسبة 45% وستكون الخسائر الاقتصادية جراء ذلك بحدود 3 بلايين دولار سنوياً بحلول عام 2020م.
لهذا يجب الاستمرار بالأبحاث العلمية وتشجيع الطاقات البديلة، والتفتيش عن أسباب الانحباس الحراري، وأخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تغير المناخ، وتأثير الغازات المنبعثة من الأرض حتى نحافظ على الإنسان الذي هو الثروة، وهو ما يجب السعي لتطويره وإسعاده وتأمين حياة أفضل لمستقبله ومستقل الأجيال القادمة.
dr.sami.alrashid@gmail.com
- بإمكانكم التعليق على مقال الكاتب عبر صفحتنا على الفيس بوك : وكالة أنباء سرايا الإخبارية - مقالات