03-10-2013 11:48 AM
بقلم : د.م حكمت القطاونه
يا طير يا طاير على طراف الدني لو فيك تحكي للحبايب شو بيني ؟!..روح اسأله عاللي وليفه مش معه ، مجروح الهوى شو اللي بينفعه؟....موجوع ما بيئول عاللي بيوجعه وتعن على باله ليالي الولدنه...وحياة ريشاتك وأيامي سوا ...وحياة زهر الشوك وهبوب الهوا....يا طير...يا طير!.
لا أشرب القهوة أو أحتسيها حينما تصدع رأسي، قهوتي أحيانا شدو فيروز، فكم هو الوطن بائس بلا فيروز!؟.
فيروز اليوم متكئي ووجعي، ألم في الخاصرة يغوص حتى الكلى، يصعد ليعتصر القلب وبه يضيق الصدر ليصدع إلى نافوخ الرأس ليسيطر على الرأس المُسيطر.
متكئي عبر الأطلسي ومقتبسي من الكاتب الأمريكي هيرمان ملفيل، فكم هم طيبون هؤلاء الأمريكان وكم هم محبون للحياة، ولكن حسبنا الله على دهاقنة السياسة وبارونات المال حكام أمريكيا ووزارة خارجيتها وما تُخرج من إخراج وتبرز.
الوجع هنا هو الوطن اليتيم الذي نبحث له عن أب شرعي فلا نجد، التاريخ مزور والجغرافيا السياسية خُطت بعصا تشيرتشل وكأنما قبل ذلك لم يكن الوطن جزءا من الكوكب، أو كأنما صار فيما بعد رتقاً من قماش أو جلد شاة أو قل جلد بعير أجرب تائه في صحاري جزيرة العرب ففرشوه على الفتق فكانت أردن.
إنه وطن تحت الشمس، ويا شمس! يا علامة في السماء فوق المسافر التائه في الصحراء، ربما تصدقيننا الخبر عن الحاضر ولكن أتستطيعين أن تُلَمحي إليّ تلميحا أين سنكون في المستقبل؟ أتستطيعين أن تخبريني أين تعيش بعض الأشياء الأخرى سواي في هذه اللحظة ؟ أين يقع الميناء الأخير حيث لا تتزحزح المرساة من بعد؟ أين يختفي والد الوطن اللقيط ؟ أم أننا كأولئك اليتامى ، ماتت أمهاتهم اللائي لم يتزوجن أثناء الطلق ودفن سر الأبوة داخل القبر معهن ، وكلما شئنا أن نعرف السر كان علينا أن نذهب إلى هنالك وما ندري ما ألهناك؟ قبر؟ سجن؟ أمن الدولة؟ أم قطع دابر أو قطع رزق كان قد أقره الله في لوحه المحفوظ؟!.
يا وطن كراحيل الجوابة الضالة التي وجدت أثناء بحثها المتردد عن ولديها الضائعين يتيما آخر!،
أيها الحائك الخفي ! توقف ، لي إليك كلمة إلى أين يفيض هذا النسيج؟ اوقف يدك لي إليك كلمة! أو كأنما كنعان القديمة لم تكن!... أيها الموت لم لا تستطيع أحيانا المجيء في أوانك؟!.
في سنة 1966 وافقت الدول الأعضاء في الجمعية العمومية للأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير المصير، وفيما يخص وطني ففي بريطانيا تشرتشل قاعدة فقهية قديمة هي التملك نصف القانون بغض النظر كيف حصل التملك، أليس التملك فيما يتعلق بهؤلاء جميعا هو القانون؟...أوليس فقها قانونيا أردنيا "حيازة الشيء يعني ملكيته- حيازة الشيء يعني سند تسجيل؟!"وقد استشهد بها المفكر الأمريكي مالكوم اكس في نقده وكفاحه ضد العبودية في وطنه.
سؤال في رسم الإجابة إلى من ولاهم القدر أمرنا : أين كان الوطن قبل قدومهم وقبل ما أناخوا راحلتهم في خاصرته؟ سؤال من مواطن لا يُنزل صواريه لأي عاصفة،... يا للقدر ! كيف يكون للقبطان الذي لا تنهزم روحه رفاق جبناء؟! والهدأة المباركة عادة لا تدوم فلكل هدأة عاصفة.
ربما نسوا صلب المسيح فصلبوك وسلبوك أيها الوطن اليتيم ،...هذيان أو ربما فن من فنون الصوفية للوصول للحقيقة المطلقة أو حسبي بها هرطقة.
ولأنها أفكار أمريكية تصل إلى العنوان بسرعة ويفهمها الفهمان، وأفكار ملفيل ليست أحادية المعنى ومستقيمة الدلالة، ولأنها في قراءاتها تفتح أمام الشرح والتأويل آفاقا مُطلقة السراح، فلا أزال مبحرا فيها حتى يتلقاها موبي ديك الأردن وحتى يسمعها آخاب أو يقرءوها له.
مما ورد من حكَم التوراة أن بعض الأفراح الطبيعية عقيمة لا تنجب أولادا في العالم الآخر، إنما الفرح العقيم يتلوه كل يأس جهنم ، بينما بعض التعاسات البشرية الآثمة عادة ما تكون ولوداً فتنجب إلى الأبد نسلا من الحزن المقيم ، إن ارفع المسرات الأرضية تحتوي على تفاهة تافهة كامنة فيها، أما أحزان القلب فإن في أغوارها أهمية مغيبة ولها لدى بعض الناس رفعة ملائكية، وعلى هذا فإن إنتاجها اللازب لا يُكذب هذا الاستنتاج الواضح.
من اللائق أن يعيش الإنسان في الآلام ويعاني عند الموت سكراته ما دام يولد من بين آلام المخاض! ليكن الأمر كذلك فهذه مادة قوية يفعل فيها الحزن والأسى فعله.
لا تغتبطن بالهدوء، فهذه الهدأة التي ستلد العاصفة، ولكن جنون الإنسان حينما ينخلع عن العقل يصل به إلى الكشف السماوي الذي يبدو في نظر العقل هذيانا وجنونا وسواء أكان ذلك لخير أو لشر فإنه سيشعر كالإله لا يبالي ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
من جلال الرزء أن يرتبط مصيرنا بمن هو سجين فرديته ورهين ذاتيته في سعيه اللاهث للتسيد على الكون وتنصيب ذاته نظيرا للحقيقة ومثيلا للمطلق وبهذه الحالة فإن – الهاذي – لا يمثل حالة فريدة أو حالة عصابية معزولة ، بل يشير إلى ظاهرة بشرية ، إلى حالة اجتماعية ، تسقط شرها على الآخرين وتعطيهم كيانا واسما، ثم تطارده كي تبني فوق أنقاضه مملكة الخير، ويعتقد انه رسول الخير ووسيط النعمة الإلهية ، ويمتد به الوهم فيرانا عدوه ومثالا للشر المطلق، وينطلق في مطاردته حتى يتكسر على أعتاب هذيان فرديته ، فيبقى عدوه (الوطن والشعب) ويغور هو في ثنايا الصمت.
إن المرء في كل الأحوال يجب أن يُطامن في آخر الأمر من خياله الواهم الذي يزين له أن الغبطة أمر ميسور، أو على الأقل أن ينقل هذا الخيال عنها إلى مجال آخر ، عليه أن لا ينشد الغبطة في شئون الفكر أو الخيال والتاريخ إنما يطلبها في أشياء أخرى.
إن من سألوا العالم أن يحل سر الآلام الكبرى خرجوا بقليل من جدوى، فالعالم يعجز عن أن يفسر نفسه ، أن راحيل كما الوطن تبكي أولادها ، لأنهم غابوا عنها وتاهوا وضاعوا.
أنني لأضرب الشمس إذا أهانتني، ها قد أفشينا سراً دون أن نفطن لذلك رغم أننا ما زلنا لم نقدم لما أصابنا تعليلا وإن بقيت نفوسنا مكدرة.
آه يا موتا موحشا يختم حياة موحشة، وإن كان القنوط يأخذ بمجامع نفوسنا فثمة وجه الله ومن عظيم شانه أنه خلق لنا فيروز ومالكوم اكس وهيرمان ملفل.
hekmatqat@yahoo.com