03-10-2013 03:49 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
الإيمان بالله يعني التصديق بما جاء به الكتاب والسنة النبوية فهو من عند من خلق الإنسان وهو وحده الذي يعلم ما يفيد الإنسان وما يضره ,فمن خلال الإيمان يتوصل الإنسان للحقيقة ومهما كانت ثقافته ,كونها من عند لدن الحكيم الخبير العليم ,فيوفر الإنسان على نفسه الجهد والوقت الذي يستغرقه العلم إذ تمكنه من التوصل إلى الحكمة من العبادة ومنها الطب النبوي الشريف الذي يعني سلامة الفكر من هوى النفس وإغواء الشيطان وزينة الدنيا لضبط العلاقة بين الجسد والنفس ,وبين الإنسان والكون من خلال الايملن بالله وطاعة رسوله الكريم وانعكاس ذلك على سلامة الإنسان والكون ...
*إن ارتباط الإنسان بالكون من خلال التكوين ..(إذ أن نسبة تركيب جسد الإنسان من العناصر هي نفسها التي تتركب منها الكرة الأرضية , و نسب ما في هذا الكون من غذاء وهواء وماء يتناسب مع كمية استهلاك الجسد لكل منها ),..
*وارتباط الكون بالإنسان من خلال التدبير..(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ),هذا الارتباط يفرض على الإنسان احترام هذه العلاقة والتعامل معها بالحكمة والتي لا تكون إلا من خلال ربط العلاقة بالإيمان بالله تعالى فصلاح الإنسان مردوده على صلاح الحياة ,وكما أن فساد الإنسان مردوده على فساد الحياة وبالتالي على صحة الإنسان ,وكل ذلك يدركه الإنسان الذي يملك في تركيبته كل عناصر وأجهزة التحسس والمقاييس يعيها ويحللها العقل البشري ,عند سلامة الفكر الذي ينعكس على سلامة الجسد...
إن الطب النبوي هو ثقافة للإنسان في الوقاية من الأمراض من خلال النظافة الجسدية الشخصية , حدثنا وكيع عن زكريا عن مصعب بن شيبة عن طلق عن ابن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ).إن هذه الإعمال من الفطرة التي يستريح البصر في النظر إليها, وترغم الإنسان على العمل بها لما تسببه من أمراض فختان الذكور أصبح من الضرورة في الوقاية من الأمراض ...
ثقافة الإنسان للوقاية من أمراض نتيجة خلل التوازن في تركيبة جسد الإنسان واحتياجاته روى الترمذي في سننه من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .هذه الحقيقة يتوصل إليها العلم حديثا فحاجة الإنسان من العناصر الغذائية يقاس بعضها بالوحدات الدولية كونها اقل من الغرام الواحد والبعض بالغرامات .وهذا يعني الحفاظ على توازن الجسم من خلال احتياجات الكمية فزيادتها تعتي قيام الجسم بتخزينها ,وزيادة عملية حرقها داخل الخلية وهذا يعمل على التسريع في هرم الخلية وبالتالي هرم وشيخوخة الجسم وهذا يؤدي إلا كل الأمراض المتعلقة بالسمنة مثل السكري وأمراض المفاصل النقرس فزيادة كل عنصر من العناصر الغذائية له مرض خاص به....
ثقافة الإنسان من حيث نوعية الطعام الذي له علاقة في تزويد الجسم بحاجاته الأساسية لسلامة الفكر والجسد إذ أن النوعية تؤدي الغرض منها بتزويد الجسم بحاجته ضمن معادلة توازن الجسم , وحاجة جميع الأجهزة في الجسم إذ أن لكل جهاز خلايا خاصة به ومن أهمها الخلايا العصبية التي تتحكم في سائر الجسد وتغذيتها يؤدي لسلامة الفكر من الوهن وسلامة الجسد من الكسل (لهذا فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم اكل سبع تمرات كوقاية من السحر ) والنوعية تعني أنها تحتوي على جميع العناصر ومنها اللبن والتمر والحنطة بقشورها والعسل فهي غنية بجميع العناصر الغذائية ومن ضمنها مركبات فيتامين )ب) فهي تؤدي لسلامة الخلية العصبية من الخمول وينتج عن ذلك الوهن أي خلل في الفكر السليم وكذلك خمول في الجسد الذي ينتج عنه خلل في حركة الأمعاء (القولون ) وكسل عام يصيب الجسم حتى عند الأطفال.فثقافة نوعية الطعام في الطب النبوي اعتمدت الظروف التي يمر بها الإنسان والتركيز على ما يقوي الجهاز العصبي حتى لا يستسلم الإنسان للوهن الفكري والكسل الجسدي,وكل ما ذكر سابقا ينطوي تحت( درهم وقاية خير من قنطار علاج) ....
إن المتابع لثقافة الطب النبوي في معالجة الأمراض من خلال الحديث الشريف( شفاء أمتي في ثلاث: شربة عسل وشرطة محجم وكيّ بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكيّ ) يجد أن الإيمان قد سبق الأخذ بالأسباب فأمة الرسول تعني من تبع الرسول عليه الصلاة والسلام لهذا فان الأخذ بالأسباب يعني عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب حتى لا يختل التوازن في تركيب الجسم والذي ينتج عنه فساد الجسد وعلاجه إزالة الفساد من الجسم من خلال الحجامة وشربة عسل لمعالجة بيت الداء وهي المعدة , أما الكي فقد نهى الرسول الكريم ...
ومن خلال القران الكريم فقد تكررت أسماء معينة لبعض الأغذية, مثل العسل والفاكهة مما يدل على أهميتها وكذلك فقد ورد فيه ترتيب تناول أنواع الأغذية ومنها يحصل الإنسان على الفائدة التي تظهر القوة عند الإنسان قال تعالى:( وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ )23.,فالفاكهة قبل الطعام تعمل على جلاء المعدة من فضلات ومخاط المعدة ولحم الطير حار نسبيا يمنح الجسم الطاقة والقوة يتم امتصاصه بقوة والاستفادة من قيمته الغذائية فتحصل القوة التي تمثلت بالجماع, كما عالج القران الكريم طرق التخلص من الإدمان والمقياس على هذه الآية الكريمة ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ),حيث بدئت الآية الكريمة بمخاطبة المؤمنين,ومن خلال تحريم بعض الأطعمة والاشربة فقد حفظ القران الكريم الإنسان من الإمراض الجسدية والفكرية عند الإنسان...
كما عالج الكتاب والسنة الجانب النفسي عند الإنسان بداية من خلال الإيمان بالله فالإيمان عند المصيبة يمنح الإنسان الصبر والاحتساب عند الشدائد والرجوع لله والتوبة والاستغفار والتواضع , وتحصين الإنسان بالأدعية لصد العين والحسد وأدعية عند الكرب ,إن المؤمن قد تجاوز الزمن بإيمانه لهذا فانه يعلم من خلال آيات الله التي تشفي الصدور أن ملة الكفر في طريقها للزوال وان الأقصى عائد لا محال وان الكافر سينفق المال والأنفس ولن ينال إلا الحسرة ,ويعلم أسباب نزول الأمراض وسبل الوقاية منها وهي الإيمان بالله والرجوع إليه والاستغفار والتوبة وتحكيم العقل بالهداية ....
إن الطب النبوي كنز من كنوز العلم يبنى عليه كل العلوم والأخذ به يوصل الإنسان للحكمة الناتجة عن توازن الغذاء في الكمية والنوعية لهذا فقد تم المزج بين الغذاء والإيمان في معالجة الجانب النفسي عند الإنسان ..
إن الإدراك بالواقع الذي نعيشه بحاجة للإيمان الذي يخرج الإنسان من العمى حتى يبصر الحال والأحوال من أمراض تكدست عند الإنسان, وحتى يتجه الاتجاه الصحيح في معالجتها , فكم تحتوي بيوتنا على أنواع وكميات هائلة من الأدوية ,وكم الإنسان يكون أعمى عندما يمارس الرياضة للتخلص من السمنة وفي نفس الوقت يتناول الطعام والشراب بإسراف ,إن الإنسان المؤمن يسبق العلم وأبحاثه في الوقاية و معالجة الأمراض من خلال هداية الكتاب والسنة(صوموا تصحوا) لأجل ذلك فان كل حياة الإنسان هي عبادة...