05-10-2013 11:12 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
تقول القصة الصينية , والقصة الصينية يا قوم هي قصة مصدقة لدى العقل الصيني , تقول هذه القصة : كان عند امرأة صينيه مسنة إناءين كبيرين تنقل بهما الماء ، وتحملهما مربوطين بعامود خشبي على كتفيها , وكان أحد الإناءين به (شرخ) والإناء الأخر بحالة تامة ولا ينقص منه شي من الماء , وفي كل مره الإناء (المشروخ) يصل إلى نهاية المطاف من النهر وبه نصف كمية الماء فقط , ولمدة سنتين كاملتين , حيث كانت تصل منزلها بإناء واحد مملوء ونصف , وبالطبع كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل , وكان الإناء (المشروخ) يلوم نفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام ما هو متوقع منه , وفي يوم من الأيام وبعد سنتين من المرارة والإحساس بالإحباط , تكلم الإناء) المشروخ) مع السيدة الصينية قائلا : أنا خجل جداً من نفسي لأني عاجز ولدّي شرخ يسرب الماء على الطريق إلى المنزل , فابتسمت السيدة الصينية وقالت له ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر؟ أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك ولذلك غرست البذور على طول الطريق من جهتك حتى ترويها في طريق عودتك للمنزل ولمدة سنتين متواصلتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي ما لم تكن أنت بما أنت فيه ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي .
بصراحة حكومة النسور حلّقت عاليا عند الاختيار واختار في هذا التحليق حقائب لديها نوافذ للعطاء , حقائب يخرج منها مهارات الاتصال والتواصل , حقائب تعطي حلولا علمية للمشكلات الميدانية , حكومة النسور فيها حقائب نزل منها خطط واستراتيجيات واضحة المعالم على ارض الواقع , فيها حقائب غير منغلقة وغير جامدة , اختار في هذا التحليق حقائب روت ارض هذا الوطن بالماء , وكسته بالزهور الجميلة , وحتى نكون منصفين , هناك حقائب قليلة جدا تتطلب مزيدا من الإضافات , لتواكب المستجدات ومتطلبات العصر.
لقد طالب الجميع في هذا الوطن الطيب جملة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية , والمنطق يقول أن هذه الإصلاحات تتطلب بالضرورة حزمة من الإجراءات والقوانين , ربما تكون هذه الإجراءات والقوانين قاسية نوعا ما علينا , لكن علينا جميعا تحملها متعاونين , من اجل أن يمر وطننا في هذه المرحلة الصعبة عالميا مرورا طبيعيا وبأقل الخسائر .
ونقولها بصراحة لحكومة (النسور) أن التحليق عاليا ربما يفقد المعالم الأرضية خصائص الأشياء الحقيقية , وأن السرعة الفضائية لحكومة (النسور) في اتخاذ القرارات يضيع الهدف المرسوم على الأرض , حيث أن كثير من حقائق الأشياء ترى وتفهم وتدرك من جوانبها وربما من أسفلها بطريقة أفضل من رؤيتها من الأعلى , وأن كثير من إخفاقات الطيور الجارحة والطيور الكاسرة , والطائرات الحربية , في تحقيق أهدافها الأرضية , يكون نتيجة لرؤيتها من الأعلى فقط .
في القصة الصينية أعلاه (الشرخ) الموجود في الإناء أدى لقطف الزهور الجميلة التي زينت بها السيدة الصينية المسنة منزلها , والشرخ الموجود في حقائب بعض الوزراء المحترمين عندنا , وكل الحقائب محترمة , سنقطف من خلالها الثمار , هذه الثمار هي أطفال الأمس و(طلاب) اليوم وشباب الغد , ونقول للسيدة الصينية هناك نعم بحفاظك على الإناء المشروخ قطفت الزهور وزينت بها البيوت , ونقول هنا مع وجود (شرخ) في حكومة النسور , إلا أننا نريدها خوفا وطمعا !